يقول الصحافي البريطاني
روبرت فيسك إن ما يجري في
غزة لا علاقة له بقتل
الإسرائيليين الثلاث ولا قتل الفتى
الفلسطيني، ولا يرتبط باعتقال سياسيي حماس أو إطلاق الصواريخ، فهو كما يقول عن الأرض وهي القصة الحقيقة التي لا يحكيها الإسرائيليون.
وفي مقال له نشرته صحيفة "إندبندنت" البريطانية جاء فيه "حسنا بنهاية هذا اليوم- الأربعاء- كان معدل تبادل القتلى على مدى يومين 40-0 في صالح إسرائيل، ولكن الآن جاء دور القصة التي لن تسمعها من أي شخص في الساعات القادمة".
وهي كما يقول عن "الارض، فالإسرائيليون في سيدروت الذين يتعرضون لهجمات الصواريخ الإسرائيلية القادمة من فلسطينيي غزة، فيما ينال الفلسطينيون قصاصهم العادل. ولكن انتظر، كيف يحشر كل الفلسطينيين 1.5 مليون نسمة في غزة في المقام الأول؟ حسنا، فعائلاتهم عاشت مرة، أليس كذلك فيما يطلق عليها إسرائيل اليوم؟ ولكنهم طردوا أو هربوا طلبا للنجاة عندما أعلن عن ولادة إسرائيل".
"والآن، فالناس الذين كانوا يعيشون في سيدروت بداية عام 1948 لم يكونوا إسرائيليين، بل كانوا عربا فلسطينيين، وقريتهم كان يطلق عليها اسم هوج، ولم يكونوا أعداء لإسرائيل، وقبل عامين خبأ هؤلاء العرب مقاتلين تابعين للهاجاناة الفارين من ملاحقة الجيش البريطاني، ولكن عندما جاء الجيش الإسرائيلي لهوج في 31 أيار/ مايو 1948 طردوا سكان القرية العرب وأجبروهم على الرحيل لقطاع غزة. وأصبحوا لاجئين. ووصف ديفيد بن غورويون، أول رئيس وزراء لإسرائيل العمل بأنه "ظالم ولا مبرر له"، أمر سيء ولكن لم يسمح لسكان الهوج العرب العودة إليها أبدا".
ويضيف الكاتب "اليوم هناك 6,000 فلسطيني من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذي جاءوا من الهوج – تعرف اليوم سديروت- يعيشون في غزة، وهم من بين "الإرهابيين" الذين تزعم إسرائيل أنها تقوم بتدميرهم ويطلقون الصواريخ على ما كان يعرف بالهوج".
ويؤكد قائلا "مرة أخرى فما تفعله إسرائيل فهو دفاع عن النفس، سمعنا هذا من قبل، ماذا لو تعرض سكان لندن لهجمات صاروخية مثلما يتعرض سكان إسرائيل؟ الا يردون عليها؟ حسنا، نعم ولكننا البريطانيون لا يوجد لدينا أكثر من مليون لاجيء سابق يعيشون في مخيمات لا تزيد مساحتها عن أميال عدة حول هيستنغ؟".
ويستدرك الكاتب بالقول إن "هذا الجدل استخدم آخر مرة في عام 2008 عندما غزت إسرائيل غزة وقتلت على الأقل 1.100 فلسطيني (معدل التبادل 1.100- 13) فقد تساءل حينها السفير الإسرائيلي في لندن: ماذا لو تعرضت دبلن لهجمات صاروخية؟ كانت البلدة البريطانية كروسماغلين في أيرلندا الشمالية عرضة لهجمات الجيش الأيرلندي الحر في السبعينات من القرن الماضي، ومع ذلك لم يقم سلاح الجو الملكي بالإغارة على دبلن انتقاما، وقتل نساء وأطفالا. كان داعموا إسرائيل في كندا عام 2008 يستخدمون نفس النقطة المحتالة. ماذا لو تعرض سكان فانكوفر، تورنتو ومونتريال لهجمات صاروخية من الأطراف الخارجية لمدنهم، ماذا سيكون شعورهم، لكن الكنديين لم يدفعوا السكان الأصليين لكندا إلى مخيمات اللاجئين".
وينتقل الكاتب لمشهد آخر من القصة فيقول"الآن دعونا نذهب للضفة الغربية، أولا وقبل كل شيء، قال بنيامين نتنياهو أنه لا يمكنه التفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عاس لأنه يمثل أيضا حماس. وبعد ذلك وعندما شكل عباس حكومة وحدة وطنية، قال نتنياهو إنه لن يتحدث مع عباس لأنه ربط نفسه بحماس " الإرهابية" واليوم يقول إنه سيتحدث معه لو فصل الشراكة مع حماس، مع انه أي عباس لن يمثل حماس".
ويضيف الكاتب قائلا في الوقت نفسه انتقد الفيلسوف اليساري الإسرائيلي يوري أفنيري (90 عاما) ولا يزال قويا، هوس بلاده الأخير: خطر داعش التي قد تقوم بالهجوم غربا من قاعدتها في العراق/سوريا "الفرات" وتصل إلى شرق نهر الأردن. و"قال نتنياهو" حسب أفنيري "إن لم يتم التصدي لهم من قبل الثكنة العسكرية الإسرائيلية (في وادي الأردن) فسيصلون لأبواب تل أبيب" وحقيقة الأمر أن سلاح الجو الإسرائيلي كان سيسحق داعش في اللحظة الذي يتجرأ فيها على عبور الحدود الأردنية مع العراق وسوريا".
وينبه القارئ إلى أنّ القصد من هذا الحديث و"أهميته هو بقاء الجيش الإسرائيلي في الأردن لحماية إسرائيل من داعش، وعندها لن يكون لدولة فلسطين "في المستقبل" حدودا، وستكون جيبا داخل إسرائيل محاطة من كل جانب بأراض تسيطر عليها إسرائيل".
"مثل بانتوستانات جنوب إفريقيا" يقول أفنيري. وبعبارات أخرى فلن تكون هناك دولة فلسطينية "قابلة للحياة"، وبعد كل هذا أليس داعش تشبه حماس؟ طبعا لا. ولكن ليس هذا ما سمعناه من مارك ريغيف، المتحدث باسم نتنياهو، لا، فما قاله للجزيرة هو أن حماس هي "منظمة إرهابية لا تختلف عن داعش او حزب الله في لبنان ولا بوكو حرام .."، توش، حزب الله هو المنظمة الشيعية التي تقاتل حتى الموت في سوريا ضد داعش، وبوكو حرام بعيدة عشرات ألالاف من الكيلو مترات عن تل أبيب".
و"لكنك فهمت النقطة" أيها القاريء "ففلسطينو غزة، وعليك أن تنسى وللأبد الـ6,000 فلسطيني ممن جاءت عائلاتهم من سديروت هم متحالفون مع ألالاف الإسلاميين الذين يهددون المالكي في بغداد والأسد في دمشق أو غودلاك جوناثان في أبوجا، وأكثر من هذا، إذا كان داعش يتقدم نحو الضفة الغربية، فلماذا تقوم الحكومة الإسرائيلية ببناء مستعمرات هنا- بطريقة غير شرعية على أراضي العرب – للمدنيين الإسرائيليين؟".