كتب علي بردى: اقتربت القوى الدولية الكبرى أكثر من أي وقت مضى من التوصل الى اتفاق مع ايران على برنامجها النووي. تسعى الآن الى الحدّ قدر الإمكان من قدراتها على صنع قنبلة ذرية إذا شاء الزعماء الايرانيون ذلك لأي سبب كان. غير أن بعض هؤلاء يجازف إذا أقحم ورقة
الحرب على
الإرهاب في هذه المفاوضات بالذات للحصول على اعتراف دولي بنفوذ ايراني أوسع في الشرق الأوسط.
تعبر إدارة الرئيس باراك أوباما عن أملها في إحداث اختراق بحلول الموعد المحدد في 20 تموز الجاري لنهاية المفاوضات والتوصل الى اتفاق نهائي بين مجموعة 5 + 1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، الى ألمانيا، من جهة وايران من جهة أخرى. يعبرون بصراحة عن رضاهم عن التزام طهران تعهداتها وتقدمها في تنفيذ خطة العمل المشتركة التي تنص على التخلص من مخزون الأورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة وعدم تثبيت أجهزة طرد مركزي متقدمة جديدة وتوفير مزيد من الشفافية وعدم مضيها في بناء مفاعل آراك للمياه الثقيلة وانتاج البلوتونيوم، في مقابل الرفع الجزئي المطرد للعقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية. الأهم بالنسبة الى هذه أنها حصلت عملياً على اقرار العالم بمعرفتها طريقة صنع سلاح نووي. غير أن المفاوضات تتركز الآن على الحدّ قدر الإمكان من قدراتها على ذلك لأي سبب كان. لن تضع الدول الكبرى عثرات في وجه حصول ايران على الطاقة النووية لاغراض سلمية لطالما وجدت ضمانات كافية أن لا أبعاد عسكرية لبرنامج كهذا. يسعى المفاوضون الى ردم أي فجوات كهذه.
بذلك تستعيد ايران حضورها الناعم في منطقة تتقلب على جمر الصراعات الرهيبة التي تغذيها عوامل متعددة، منها العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني وخروج الإرهاب الإسلامي المتطرف من القمقم والاستبداد القائم على التمييز الطائفي والعرقي. لا استخفاف بالأذرع العسكرية التي تملكها ايران في المنطقة، ومنها "حزب الله" في لبنان والعصائب المشابهة في العراق وغيره من الدول العربية. لكن هذا المنطق غذى صعود جماعات عصبية متطرفة تكاد تفتح الباب واسعاً أمام حرب سنية - شيعية لا يمكن تصور كيف يمكن أن تنتهي. ثمة من يقول في ايران نفسها: حذار الإنزلاق الى مقتلة كهذه بإسم الحرب على الإرهاب!
إن التعقيدات قد تظهر إذا اعتقد البعض أن في امكان المفاوضين الايرانيين أن تقايض مع الدول الست الكبرى أيضاً على نفوذ إقليمي أوسع في الحرب الدائرة عبر العراق وسوريا وربما لبنان ودول أخرى ضد الجماعات الإرهابية.
للحرب العالمية على الإرهاب إطار موحد وضعته الأمم المتحدة ولا بد أن تكون ايران جزءاً لا يتجزأ منه.
(النهار اللبنانية)