قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب
أردوغان: "لو نسيت أمة من الأمم دينها، فإنها تصير محكومة من أمم أخرى تتحكم فيها، وإذا نسيت حضارة ما المصادر التي كانت سببا في نشأتها، فإنها تصبح أسيرة حضارات أخرى".
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة التركية، مساء الجمعة، عقب مشاركته في
إفطار نظمته جمعية "خريجو ثانويات الأئمة والخطباء" بمدينة إسطنبول، والتي أكد فيها أن "
مدارس الأئمة والخطباء حينما ظهرت في
تركيا كانت بمثابة نوع من أنواع المقاومة التي تبنت فكرا مغايرا ومخالفا لما كان موجودا وسائرا".
وأضاف رئيس الحكومة التركية: "كافة مدارس الأئمة والخطباء تتمتع بمكانة خاصة في قلبي وعقلي"، وتابع: "لذلك كنت حريصا على تعليم أبنائي الأربعة في تلك المدارس، فجميعهم خريجو الأئمة والخطباء".
ولفت أردوغان إلى أن ظهور تلك المدارس "جاء نتيجة حاجة اجتماعية، إذ جاءت فترة على البلاد شهدت هوة كبيرة بين الدولة والشعب، أدت إلى إظهار حاجة المجتمع لمدارس تحمل على عاتقها مسؤولية تعليم الشباب القيم الوطنية والمعنوية".
ولفت إلى أن الدولة التركية في الماضي "كانت تسعى لتعطي شكلا للمواطن يروق لها، بدلا من أن تتشكل هي بحسب الشكل الذي عليه مواطنوها، فحرصت وزارة التربية والتعليم والمدارس على تنشئة الأطفال من خلال أفكار معينة ليكونوا قالبا واحدا يحمل أفكارهم".
وأضاف أردوغان: "الشخص الوحيد الذي حرصوا على إنتائجه وتنشئته هو الشخص الذي ليس لديه دين ولا قيم دينية أو معنوية"، لافتا إلى أن "الهدف من وراء كل هذه الجهود التي بذلت في الماضي هو سلخ الشباب والأطفال عن ماضيهم وتاريخهم وأجدادهم وكل قيمهم المعنوية والدينية".
وأوضح رئيس الحكومة التركية أن "هذه الجهود بمثابة الخطر الأكبر الذي يمكن أن يحل بالأمم والحضارات فيتسبب في تداعيها وانهيارها، لأنه إذا انفصلت أمة من الأمم عن تاريخها وجذورها وروحها وجوهرها وأجدادها، فهذا يعني فناء هذه الأمة بالكامل، ويعني كذلك أن الأمة التي حدث معها ذلك
معرضة لأن ينتج عنها مجتمع صناعي غير حقيقي يخدم أهدافا ما".
وأشار إلى أن الأمم التي مسحت من ذاكرة التاريخ، كان السبب في نسيانها وانهيارها "فصلها عن جذورها وتاريخها، وليس احتلالها وارتكاب المجازر وإعمال آلة القتل بها".
وأفاد بأن "كل هذه المحاولات تمت تجربتها في فترة من الفترات في تركيا، وأراد القائمون على تنفيذها النجاح في ذلك، أرادوا أن يضعوا مسافة بيننا وبين جذورنا وبين كل القيم التي صنعتنا، أرادوا أن ينسونا روحنا وجوهرنا".
ولفت إلى أن "هؤلاء نجحوا إلى حد ما في ذلك حيث أصبح المتعلمون من أبنائنا من الحاصلين على الدكتوراه، وخريجو التعليم العالي عاجزين عن قراءة المخطوطات والآثار التي تزخر بها مكتباتنا التي ليس لها مثيل في العالم أجمع".
وتابع قائلا: "لا يمكن لجيل انفصل عن تاريخه وجذوره وكتبه أن يستمر ويحيا، ونحن نكافح الآن لكي نتغلب على ذلك، وهذا يوضح ثقل المهمة الملقاة على عاتق طلاب وخريجي مدارس الأئمة والخطباء".