أكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن
القبائل السنية في
العراق، خلال تحركاتها في الأحداث الأخيرة، تستهدف الحصول على حقوقها من الحصة السياسية والاقتصادية، "وإذا لم تحقق ذلك فقد تنقلب على
داعش".
وتناول محرر الشؤون العربيه في صحيفه هآرتس "تسفي برئيل" في مقالته، الثلاثاء، سيطرة المقاتلين السنة مع "داعش" على الحدود العراقية مع الأردن وسوريا، مؤكداً أن هذا التوسع عمقت فيه القبائل السنية من معارضي النظام مع داعش سيطرتها على إقليم غربي العراق، الآخذ في قطع نفسه عن سيطرة الحكم المركزي وكفيل بأن يصبح اقليما مستقلا على نمط الاقليم الكردي في الشمال.
وأشار برئيل إلى أن الاحتلال المسلح والسريع لسلسلة المدن العراقية في الشمال الغربي، والذي بدأ في 9 حزيران الجاري، كان نتيجة تعاون وثيق بين القبائل ونشطاء حزب البعث الصادقين، وبين مقاتلي داعش الذين كثيرون منهم هم من أبناء القبائل، مؤكدا توقف الاحتلال حاليا على مسافة آمنة من بغداد.
وفي الجهة الأخرى من العراق يشير الكاتب الإسرائيلي، إلى أن هناك أيضاً محاولة انفصالية أخرى في جنوب العراق، "ففي الجنوب توجد أغلبية الاماكن المقدسة للشيعة وكذا آبار النفط الهامة في منطقة البصرة، التي بنفسها تتطلع الى اقامة اقليم شيعي مستقل".
وبين هاتين المحاولتين، يؤكد برئيل أن القبائل السنية لا تعتزم على الأقل حسب سلوكها حتى الآن، احتلال العراق كله، وحتى حلم إعادة حكم نظام البعث، الذي أسقط في 2003 ليس واقعيا. فاليوم يوجد للشيعة جيش – حتى لو كان لا يثبت نفسه في المعركة في الشمال – ولديهم ميليشيات مسلحة وحليف قوي مستعد لان يستخدم قواته.
أهمية السيطرة على المعابر
وأشار برئيل إلى أن السيطرة على معابر الحدود الهامة بين العراق والأردن وسوريا – الخطوة التي نسخت من القتال في سوريا حيث نجح داعش في الاستيلاء على عدد كبير من المعارك سواء على الحدود العراقية أم على الحدود التركية – يمنح القبائل السنية سيطرة على عبور السلاح، الذخيرة والمقاتلين.
"وليس هذا فقط" أضاف برئيل، فهذه "سيطرة على الحركة التجارية، ومن هنا على مصدر دخل هام. النقطة التي استغلها
المالكي كعقاب ضد المظاهرات التي خرجت ضده في الانبار.
ويقول برئيل "الآن سيصبح سكان الانبار أصحاب المعبر الذي بعد وقت قصير من احتلاله فتح امام حركة البضائع من الاردن واليه. وهكذا فانهم يطبقون ايضا طريقة عمل الاكراد الذين يسيطرون بشكل حصري على معبر الحدود الرئيس مع تركيا".
لمن السيطرة؟ وماذا يريدون؟
ويشير برئيل إلى ضرورة تجاوز الفزع من سيطرة داعش واقامة "الدولة الاسلامية" الحدود في المنطقة التي بين جنوب شرق سوريا وشمال غرب العراق؛ فداعش ليس القوة الوحيدة التي تعمل الان ضد الحكومة العراقية، بل ويحتمل ألا يكون القوة الاهم. فالى جانبه تعمل عدة تنظيمات عراقية اخرى مثل "ثوار القبائل"، "مقاتلو الحرس النقشبندي"، "مجموعة مقاتلي البعث" و "المجلس العسكري" الذي اقامته القبائل.
ويقول: "لقد عملت هذه الجماعات معا قبل انسحاب القوات الامريكية من العراق في نهاية 2011، ولكن في حينه كان الهدف هو طرد الاحتلال. أما الان فهدف المنظمات القبلية هو الحصول على الحقوق، والتمتع بالارباح الهائلة التي تحصل عليها الحكومة العراقية من النفط، واقامة اقليم ذي قوة سياسية يمكنه أن يؤثر على سياسة العراق".
ويؤكد برئيل أن قسم من هذه المنظمات لا يتطلع إلى إقامة دولة شريعة إسلامية بل إسقاط حكومة المالكي.
"وهكذا مثلا، قبل بضعة أشهر كان "المجلس العسكري" و "ثوار القبائل" مستعدين للوصول إلى تفاهم مع حكومة المالكي بل وعرضوا 14 شرطا للمصالحة رفضها رئيس الوزراء التركي. ولا يسعى زعماء هذه القبائل إلى حرب طائفية أو حرب أهلية بل كفيلون بأن يقاتلوا ضد داعش إذا ما نجحوا في تحقيق أهدافهم بطريقة سياسيىة"، يقول برئيل.
خيار الوداع.. للمالكي
يؤكد برئيل أن واشنطن والسعودية، وبقدر كبير إيران أيضا، يفضلون أن يستقيل المالكي بشكل عام من منصب رئيس الوزراء.
"لكن في ضوء انتصاره في الانتخابات في شهر نيسان الماضي وبالاساس بسبب طموحه الكبير، مشكوك أن يكون المالكي مستعدا على الاطلاق لان يفكر بهذا الخيار. وتصريحاته بعد لقائه أمس مع كيري تدل على أنه واثق من أنه يمكنه ان يقمع القتال ضده. "لا يوجد لاي دولة الحق في اختيار زعيم العراق، هذا حق الشعب العراقي"، صرح المالكي بعد اللقاء.
أما كيري فحذر من أن "العراق يقف امام خطر وجودي وعلى الزعماء العراق ان يقفوا في وجه هذا التهديد".
ويقول الكاتب الإسرائيلي: إن المعضلة الأمريكية هي بالتالي هل تترك الولايات المتحدة المالكي خوض الحرب الى أن يتبين أنه لا يمكنه أن يسيطر على الدولة أم مساعدته على الاقل في الهجمات الجوية.
وقد أوضح الرئيس الأمريكي باراك اوباما قبل اسبوع بان التدخل العسكري ليس ممكنا الا اذا كانت الساحة السياسية في العراق في شكل يتيح التعاون معها – بكلمات اخرى، اذا ما تصالح المالكي مع القبائل السنية واتفقوا معا على مقاتلة داعش. هذا هو الموقف الذي قرره كيري امس أيضا. المشكلة هي أنه كلما مر الوقت من شأن الوضع في محافظة الانباء أن يتثبت، ونافذة الفرص للمصالحة السياسية تأخذ في الانغلاق.