كتب الصحافي البريطاني روبرت
فيسك، معلقا على مقال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني
بلير حول تحمل الغرب مسؤولية ما حدث في
العراق، لانه لم يتدخل في
سوريا.
ويرى فيسك أن عقيدة بلير -الذي جر بلاده إلى حرب عبثية لا داعي لها ودمر على إثرها دولة عربية-، "تحول الأعداء إلى أصدقاء"، ويتساءل: "كيف يمررون تلك الأكاذيب؟، يقول لنا توني بلير إن عدم تحرك الغرب في سوريا كان السبب الذي أدى لأزمة العراق، مع أن ضرب سوريا كان سيوصل نفس الإسلاميين الذين يهددون بغداد اليوم للسلطة في دمشق، وهي رحمة سماوية أن باراك أوباما لا يستمع لأشخاص مثل بلير".
وزار فيسك مدينة حلب وحمص، وقال إنه سافر على متن طائرة عسكرية في طريق العودة، مع مقاتلين شيعة أفغان بالزي السوري "من الهزارا" كانوا يقاتلون في صفوف الأسد. وقال إن النظام ليس قادرا على استعادة حلب القديمة بسبب قلة الجنود.
ويضيف فيسك "بعد أن أمضيت الأيام السابقة وأنا أتجول بين ثلاث مدن سورية، وليس لدي أي وهم عن وحشية نظام الأسد، فقد كان مفيدا التفكير فيما يقوله ثوار بلير في سوريا، وما عليك إلا أن تسافر وتقطع رحلة خمسة أميال لمطار حلب". فهذه منطقة سيطرت عليها الحكومة قبل فترة قصيرة، لكن الإسلاميين يسيطرون على المناطق المحيطة بالمدينة، "لدرجة أنك بحاجة لقطع مسافة 16 ميلا في الظلام كي تصل للمدينة وعبر ممرات ترابية، وما إلى ذلك من خط حديدي غير مستعمل وتجمعات من المياه الصحية، وأحيانا لا يبعد المقاتلون الذين يريد بلير دعمهم عن نقطة التفتيش سوى 200 متر.
ويعلق فيسك أن ما قدمه هو صورة سريعة عن حلب اليوم، والتي قد تكون مثل الموصل لو انتصر أصدقاء بلير في المعركة ولو أظهر الغرب "تحركا" ضد نظام الأسد. مضيفاً: "في الشوارع شاهدت ميليشيا النظام والمدنيين وهم يقومون بحفر خنادق لتحديد الأنفاق التي تقوم جبهة النصرة وداعش بحفرها، وتستخدم في الهجوم على أعدائهم، وتم تفجير مبان بأكملها في حلب التابعة للحكومة".
ويرسم الكاتب مشهدا عن حلب حيث تقوم الحكومة بقصف المناطق المدنية بالبراميل المتفجرة، فيما يرد المقاتلون بقصف الحي المسيحي بقذائف الهاون. لكن الحياة الطبيعية تسير في مناطق الحكومة؛ أطفال يلعبون ورجل عجوز يدخن فوق كومة من الأنقاض، وصوت سقوط قنابل الهاون يسمع من على بعد ميل، أكياس الرمال والمتاريس.
وينقل عن المقدم سومر من الجيش السوري وصفه للأنفاق التي يبنيها المقاتلون تحت الأرض، واتهامه للمعارضة بأنها وراء سقوط مئذنة جامع الأمويين في حلب. رغم أن المنارة تضررت بسبب القصف الجوي.
ويقول سومر "عندما سقطت، شعرت أن 1500 عاما من الحضارات ماتت، كنت على الخطوط الأمامية وسمعت صوت تحطمها مثل الزلزال، لقد حفروا تحت معظم حلب، يريدون الانتقام وتدمير البنية التحتية، لماذا يقوم المسلمون بعمل هذا؟ لأنهم ليسوا مسلمين".
ويقول لا حاجة للسؤال عن السبب الذي يمنع الحكومة من السيطرة على المدينة القديمة في حلب، "لا يوجد عدد كاف من الجنود" قال أحد الصحافيين السوريين بصراحة، ولهذا السبب وافقت الحكومة على إنهاء الحصار على البلدة القديمة في حمص بطريقة سلمية وتركت المقاتيلين يخرجون بحرية.
فالنظام، بحسب فيسك، بحاجة للسيطرة على حمص لتعزيز موقعه، ويضيف "سافرت لحمص التي تبعد 200 ميل عن حلب، ووجدت محيطا من الدمار الابيض، وأميالا من الأنفاق المهجورة والتقيت بعدد من المسيحيين الذين أخذوني على حياء في جولة على الكنائس المدمرة".
ويكتب فيسك عن الجيش السوري التابع للنظام الذي لا يزال يقاتل فيما تفكك الجيش العراقي. ولكن أعداء الأسد متشابهون، والذين كانت ضربة بلير العسكرية ستساعد على وصولهم للسلطة، ويشكلون تهديدا للعراق. ويتساءل إن كانت إيران سترسل قواتها للدفاع عن شيعة العراق.
ولكن الشيعة الآن يدافعون عن نظام الأسد، ففي رحلة على طائرة عسكرية سوفييتية الصنع "أنطينوف" رافق الكاتب 60 جنديا وجثة مجند قتلته رصاصة قناص. كان خمسة من بين الجنود "السوريين" أمامي أخذوا يهتفون بدعاء بالفارسية، وقالوا لنا إنهم أفغان شيعة "هزارا"، كانوا بالزي العسكري السوري ومعهم إيرانيون وهم في طريقهم لطهران في اليوم التالي. يقاتل الأفغان الشيعة إلى جانب الأسد، والأفغان السنة مع المعارضين.