قالت صحيفة "واشنطن بوست"، إن سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (
داعش) على مدينة الموصل ثاني المدن العراقية وعاصمة الشمال يمثل حرجا للسياسة الأمريكية، فمن العراق لسوريا وما بعدهماـ تقوم جماعات خرجت من عباءة القاعدة بتوسيع طموحاتها وتهدد بشكل مباشر المصالح القومية الأمريكية.
وأضافت الصحيفة أن الجماعات المنشقة أصبحت تشكل تهديدا خطيرا على الولايات المتحدة أكثر من تنظيم القاعدة المركزي الذي يتزعمه أيمن الظواهري، وتمثل تحديا كبيرا من ناحية التصدي لها واحتوائها.
فخسارة الموصل لـ"داعش"، كما يقول الخبراء والمسؤولون الأمريكيون، يقدم صورة قوية عن نمو فاعلية وقدرات الجماعات المتطرفة.
وكان مقاتلو "داعش" قد سيطروا على الضفة الغربية لنهر دجلة، بعدما تركت القوات العراقية والشرطة مواقعها. ومن بين المواقع التي سقطت بأيدي "داعش" مركز الحكومة الإقليمي وسجنان ومحطتا تلفزيون وعدد كبير من مراكز الشرطة ومصرف مركزي ومطار، بالإضافة إلى قاعدة عسكرية كانت تشكل عصب عمليات الأمريكيين عندما كانوا في الموصل. وأخذ المقاتلون كميات كبيرة من الأسلحة عندما هربت القوات الأمنية من القاعدة. ومن المحتمل أنها من صنع أمريكي.
ومع وعد الإدارة الأمريكية يوم الثلاثاء، بتقديم الدعم اللازم للقوات العراقية ولحكومة نوري المالكي الذي أعلن عن تعبئة عامة، إلا أن هناك قلقا حول قدرة القوات العراقية على احتواء وإنهاء الأزمة ووقف الزحف الإسلامي الذي بدأته قوات "داعش"، حتى بدعم ونصيحة وتدريب أمريكي.
وبحسب قائد أمريكي بارز عمل سابقا في العراق فإنه "عندما تبدأ قوات مثل هذه ببناء زخم، وفي الوقت نفسه تبدأ القوات الأمنية بالتداعي فإن من الصعوبة وقفها".
وفي تقييم للقائد السابق ذكره، كان واضحا فيه أن "داعش" ستقوم بتعزيز قواتها وتتحرك نحو الجنوب، أي العاصمة بغداد. وبالتأكيد اقترحت تقارير عدة يوم الثلاثاء عن محاصرة "داعش" لتكريت التي تقع على منتصف الطريق للعاصمة.
وتقول الصحيفة، إن الأمريكيين وجهوا عدة تحذيرات قبل السيطرة على الموصل، مفادها تأكيد أن "داعش" والجماعات الأخرى تبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة. ويقول المسؤولون إن "داعش" تعاملت مع الموصل كمدينة ضعيفة يمكن السيطرة عليها، ولهذا قامت بأخذها.
وبحسب مسؤول أمريكي في مكافحة الإرهاب "تنظر الجماعة لسوريا والعراق كساحة معركة واحدة متداخلة، وقدرتها على تحويل ونقل الجنود والمصادر من طرف لآخر قوى موقعها على كلا الساحتين".
ويتعامل الرئيس الأمريكي أوباما مع "داعش" كمشكلة إقليمية، مع أنها لا تؤثر على مناطق خارج
سوريا والعراق.
وبحسب مايكل فيكرز، مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن، فإن الجماعات السنية هذه نشأت من بقايا القاعدة. وقال في كلمة له هذا الشهر بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية إن التنظيم لم يدمر بالكامل، ولكنه ذاب مؤقتا وعاد للنمو من جديد فقد "غادرت معظم قياداته لسوريا بعد أن تدهور وضع التنظيم في العراق"، و"لدى هؤلاء طموحات لتأكيد تهديدات واسعة في المنطقة وخارجها"، ووصف (داعش) بأنها جماعة إرهابية حاقدة وهي الجماعة التي نركز عليها الآن".
وكان بريت ماكغراك، نائب مساعد وزير الخارجية، الذي يعتبر المستشار المهم في شؤون العراق، موجودا في الموصل عندما سقطت الموصل. وقد ذهب إلى هناك بعد تدهور الوضع الأمني في الشمال، حيث ذهب إلى شمال وغرب العراق من أجل تأكيد موقف أمريكا، أن حكومة المالكي تسيء معاملة السنة وتعمل على تهميشهم.
ولكن سقوط الموصل، يعيد الجدل حول فائدة استمرار إرسال أسلحة أمريكية للمالكي الذي انهارت قواته الأمنية. وفي الوقت الذي يدعو فيه أمريكا لإرسال أسلحة متقدمة، فقد شوهد مقاتلو "داعش" وهم يقودون عربات أمريكية، ومعظم الأسلحة التي غنموها هي أمريكية، كما يقول تشارلس ليستر، الباحث في معهد بروكينغز. وأضاف أن "أمريكا ستعيد النظر في كيفية تقديم السلاح للجيش العراقي".
ولفت ليستر إلى أنه "في كل مرة تسيطر فيها (داعش) على مناطق، فإن هذا تذكير بأنها فعلت هذا من خلال استخدام الأسلحة الأمريكية التي وقعت في يدها".