وصفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، خطط رئيس النظام السوري في الانتخابات التي ستجري الثلاثاء 3/6/2014، والطريقة الواثقة التي يقوم فيها بالتحضير للانتخابات بـ"رقصة الانتصار في الحرب"، مع أنها انتخابات زائفة.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها "في الوقت الذي يرتب يوم الثلاثاء وبطريقة واثقة إعادة انتخابه لولاية ثالثة مدتها سبعة أعوام كرئيس في مهزلة تفتقر للمرح، لدى بشار
الأسد ربيع جديد. رجل كان قبل فترة على حافة الهزيمة عاد وخرج للعلن، وأُمن بشكل كاف للخروج، وتحول خطابه للهجة انتصارية، ومع ذلك -وربما كان لديه سبب للخيلاء- فإن جردة متعقلة لموقعه تقدم صورة عن غطرسة الرئيس".
وتضيف الصحيفة أن المد الذي بدأ كحركة مدنية ضد ديكتاتورية قبيلة الأسد التي تحكم البلاد منذ أربعة عقود أخذ يميل لصالحه.
وقالت الصحيفة "في المشهد الأول من المسرحية التراجيدية، شعر السوريون بالشجاعة التي استلهموها من إخوانهم العرب الذين قاموا بالإطاحة بحكم الطغاة في تونس ومصر وليبيا واليمن من الذين انتفضوا على الديكتاتوريات، وبدا السوريون قريبين من تحقيق ما حققه العرب في مناطق أخرى. لكن في المشهد الثاني من المسرحية "قرر الرئيس الأسد وطائفته إغراق الانتفاضة بالدم، وكانوا على حافة الهزيمة قبل عامين عندما حمل المنتفضون السلاح".
وفي المشهد الثالث من التراجيديا السورية "استطاع الأسد تأمين دمشق تقريبا والطريق للشمال الذي يمر عبر حمص إلى شمال-غرب البلاد الساحلية والتي تعتبر معقل الأقلية العلوية، واجتث المعارضة من جبال القلمون القريبة من الحدود اللبنانية".
ولم يكن الأسد بقادر على تحقيق هذا بدون دعم الحرس الثوري
الإيراني، والجماعات المسلحة من حزب الله، وقوى الشرق، والميليشيات العراقية التي سلحها ودربها الحرس الثوري الإيراني. وعليه فقد "نجا الأسد ولكن كجناح للدولة الإيرانية، ولا يزال موقع الأسد ضعيفا وهناك مشاهد للمسرحية قادمة"، فالمسرحية مستمرة.
وتحدثت الصحيفة عن المعارضة التي قالت إنهم "في حالة فوضى، تنقصهم الإمدادات، ويعاني أفرادها من الخلافات الفصائلية، ومع ذلك لم تنهزم بعد. فهي تسيطر على مناطق شاسعة من البلاد، وبعضها لديه مقاتلون يصل تعدادهم 100 ألف عنصر في الميدان. ولا يزال الداعمون الغربيون والعرب مترددين لتقديم الدعم، خاصة بعد تحول
سوريا لمنطقة جذب للجهاديين -وهي نبوءة تحققت بسبب لجوء نظام الأسد للطائفية والوحشية- ولكن هناك أدلة عن حصول الجماعات الرئيسية بين المتمردين على أسلحة ثقيلة، خاصة الصواريخ الأمريكية المضادة للدبابات وتحصل على تدريب جيد".
وتمضي الصحيفة بالقول "من الواضح أن الأسد يظن أعداءه الدوليين قلقين على الإحياء الذي تعيشه القاعدة في سوريا والعراق أكثر من محاولات الإطاحة به. وقد يكون في هذا ليس مخطئا بشكل كامل، فهناك عملاء من دول الغرب تقوم بفتح طريق لدمشق، لكن صناع السياسة الغربيين عليهم تذكر أن الطغاة العرب -مثل الأسد- يمثلون خطا لصناعة الجهاديين، وأنه كان مسؤولا عن مرور الجهاديين السنة للعراق بعد الغزو الأنكلو-أمريكي عام 2003، باستخدام نفس الطريق الذي استخدموه في طريق العودة لسوريا الآن".
وترى الصحيفة أن تتويج الأسد الانتخابي هذا الأسبوع "يعطيه وقتا إضافيا، لكن إن كان هذا انتصار فهو رقصة حرب في شكلها المتطرف" مشيرة إلى أن أكثر من 160 ألف سوري قتل، وهناك 200 ألف آخرون ماتوا بسبب عدم السماح بوصول المواد الطبية إليهم، وتم اقتلاع 10 ملايين أو يزيد، وتدمير مناطق واسعة في مدن كحمص وحلب، حيث تم تسويتها بالتراب، ولم يبق شيء من الاقتصاد السوري الذي احتكرته ونهبته عائلة الأسد. وتقدر تكاليف إعادة إعمار سوريا وبشكل متواضع بحوالي 250 مليار دولار أمريكي. وتعتمد سوريا في جهودها الحربية على إيران التي تعاني من آثار العقوبات، والتي لا تملك مليارات لا نهائية.
وتقول "لقد صنع الرئيس الأسد أرضا خرابا سماها سلاما، ولكنه مع ذلك قد يكون ضحية للتقارب الذي يتم استكشافه حاليا بين الولايات المتحدة وحلفائها وإيران. وكجزء من الثمن المكلف الذي تطالب به إيران هو خروج من الأزمة السورية، ولن يكون هذا ممكنا إلا في حالة نبذ إيران قبيلة الأسد".