اتخذت قيادة
أركان الجيش الجزائري قرارا بإرسال خمسة آلاف جندي إضافيين، لتعزيز فرق المراقبة الأمنية على
الحدود مع ليبيا، البالغة 900 كيلومتر، كما أنها أنشأت هيئة طوارئ على مستوى وزارة الدفاع الوطني.
وتتولى
هيئة الطوارئ، التنسيق المباشر مع قطاع العمليات العسكرية المنصب حديثا في محافظة "إيليزي" على الحدود مع ليبيا، في حال حدوث طارئ، من قبيل تسلل مجموعات جهادية أو حدوث هجمات لعناصر مسلحة.
وقال مصدر عسكري رفيع المستوى، في تصريح لـ"عربي21"، الأربعاء، إن قرار إرسال خمسة آلاف جندي إضافيين إلى الحدود مع ليبيا، اتخذ في اجتماع طارئ لقادة الجيش في الجزائر، الاثنين، ترأسه قائد أركان الجيش الشعبي الوطني، الفريق أحمد قايد صالح، وحضره كل من المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، والقائد العام للدرك الوطني، اللواء أحمد بوسطيلة، بالإضافة الى عدد من جنرالات الجيش وجهاز المخابرات المركزي.
وأفاد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه بأن "قادة العسكر الجزائريين عبروا عن قلقهم الشديد إزاء تردي الوضع الأمني في ليبيا نظرا للانعكاسات الوخيمة المترتبة عن تدهور الأوضاع، على الحدود مع الجزائر، خاصة بعد ظهور مليشيات الجنرال المتقاعد، حفتر".
وأضاف محدث "عربي21" أن "قيادة الجيش الجزائري تعتبر أن الوضعية على الحدود، أكثر من خطيرة ومن شأنها أن تبعث بالوضع في أتون نار يصعب إخمادها"، لافتا إلى أن "الإرهاب والجريمة لا يعترفان بالحدود، لذلك وجب علينا رفع مستوى التحدي لحماية حدودنا".
وعاد المصدر إلى حادثة محاولة اختطاف سفير الجزائر بالعاصمة الليبية طرابلس، من قبل مسلحين مجهولين، الجمعة 15 أيار/ مايو، فقال إن "الجزائر استعانت بوحدة عسكرية خاصة واستعادت السفير عبد الحميد بوزاهر والملحق العسكري بالسفارة وموظفين آخرين، بمساعدة قوات ليبية".
وأنشأت قيادة الجيش الجزائري" قطاع عملياتي عسكري" بمحافظة "إيليزي" المتاخمة للحدود الليبية، قصد تشديد الرقابة على الحدود والتدخل الفوري لإفشال أي محاولة لتسلل ميليشيات ليبية مسلحة، وفقا لما تمخضت عنه توصيات اجتماع قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح مع كبار قادة الجيش، الاثنين.
ويعمل القطاع العسكري، بالتنسيق مع هيئة الطوارئ المنشأة على مستوى وزارة الدفاع الجزائرية، لمواجهة الخطر الآتي من ليبيا.
وأفاد وزير الخارجية الليبي، محمد عبد العزيز، في تصريح لـ"عربي21" على هامش اجتماع وزراء خارجية دول عدم الانحياز بالجزائر، الأربعاء، بأن "الجزائر مدعوة لأن تلعب دورا محوريا إفريقيا وعربيا لمساعدة الليبيين على الخروج من الأزمة التي تخندقوا فيها".
وأكد محمد عبد العزيز، أن "بلدنا ليبيا تواجه تحديات ككل دول الساحل، أهمها انتشار الأسلحة وخطر الجماعات المتطرفة، ويفترض على جميع دول الجوار الاستجابة لهذه التحديات". وقال أيضا: "نثمن قمة الجزائر التي نتوقع منها لعب دور كبير في هذا المجال كونها تحوز على خبرة وتجربة لا يستهان بها".
وألقى رئيس الدبلوماسية الليبية خطابا خلال الاجتماع، استعرض فيه، الوضع الذي تعيشه ليبيا، بينما درس المجتمعون الخيارات الممكن تبنيها والإمكانيات التي يتوجب وضعها تحت خدمة الليبيين من أجل فرض منطق الحوار والتشاور على جميع الأطراف المتنازعة في هذا البلد.
ويرى عبد العزيز أنه "من شأن الحوار تسهيل دراسة الحلول الممكنة للإشكالات الأمنية المطروحة في ليبيا، وكذلك المشكلات المؤسساتية العويصة من أجل الوصول إلى الاستقرار".
وتفاهم المجتمعون على طرح ورقة طريق للحوار في ليبيا، خلال اجتماع يعقد غدا الخميس.
وكان محمد خلفاوي، الضابط السامي السابق في جهاز المخابرات الجزائرية، أكد في مقابلة مع "عربي21"، الاثنين، أن "خطر تسلل مجموعات مسلحة من ليبيا أو من مالي، إلى التراب الجزائري، يبقى قائما". وقال إن "الحلول العسكرية التي تبنتها الجزائر لإفشال تحركات التنظيمات المسلحة، في منطقة الساحل وبالأخص على الحدود مع الجزائر، غير كافية، ويتطلب الأمر تنمية مناطق الجنوب اقتصاديا".
ولا تحاكي التحذيرات التي يطلقها قادة الجيش بالجزائر، إزاء الوضع بالحدود مع ليبيا، مواقف الأحزاب السياسية وقادتها، حيث غاب ملف الوضع الأمني والوضع بليبيا بأجندات قادة أحزاب، همهم الوحيد المراجعة الدستورية التي ستطلق المشاورات حولها، منتصف الشهر الداخل، حزيران/ يونيو.
لكن علي بن فليس، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة التي تمت في 17 نيسان/ إبريل المنصرم، كسر هذه النمطية بحديثه عن "ضرورة اضطلاع الجيش الجزائري بدوره على الحدود".
وقال بن فليس، في بيان الأربعاء: "ليس من عادة قواتنا المسلحة إثارة القلق أو التخوفات غير المؤسسة، وإذا ارتأت أن تلفت انتباه الرأي العام الوطني، في هذا الظرف الدقيق بالذات إلى هذا الوضع فمرد ذلك إلى خطورته الأكيدة"، موضحا أن "المجهود الرامي إلى إضفاء الشفافية وقول الحقائق، يحقق بما لا شك فيه تقوية الإجماع الوطني الضروري حول مهام الجيش الوطني الشعبي بصفته مؤسسة جمهورية حامية لحرمة التراب الوطني وضامنة لأمن الأمة".
وحسب بيان بن فليس، فإنه "لا يمكن فصل أمننا الوطني عن أمن محيطنا الإقليمي، ومن الواضح أن الفضاء الساحلي قد أصبح في وقت واحد ملجأ وقاعدة للإرهاب الدولي، فبالرغم من كل الضربات التي وجهت له لا يزال هذا الأخير يمثل تهديدا خطيرا بالنسبة لأمن واستقرار كافة دول المنطقة، وأمن واستقرار بلادنا على وجه الخصوص".
وكان العميد بوعلام ماضي، مدير الاتصال بوزارة الدفاع الوطني أكد للإذاعة الجزائرية الرسمية، الاثنين، أن الوضع على الحدود " يبعث على القلق، والسياق الحالي جد معقد بالنظر إلى الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، وبالتالي فإن الوضع يفرض يقظة دائمة وتجنيدا صارما".
ودعا المسؤول العسكري في الجزائر، إلى "التعاون والتنسيق مع مصالح الأمن للبلدان المجاورة"، وذلك بالنظر إلى كبر المساحة الجغرافية وعدم قدرة أي دولة بمفردها على تأمين ومراقبة الحدود. كما أكد أن "الوسائل التي وضعت تحت تصرف عناصر الجيش الوطني الشعبي من بين أهم العناصر الأساسية لمكافحة الإرهاب".