ربيع عربي ....... أستغرب لماذ أطلق عليه هذا الاسم........
فقد كان هذا الربيع العربي ساخنا سخونة الصيف، راعدا رعد الشتاء، تتساقط فيه العروش كما تتساقط أوراق الخريف.
لكن لعل الذي أطلق عليه هذه التسمية أراد أن يقول أنه مزهر كما يزهر الربيع.
أنا أفضل أن أسميه (الثورة العربية الكبرى)، فهذا الذي حدث هو ثورة عربية كبرى بكل المقاييس.
سقطت فيها أربعة عروش ( بن علي _ مبارك _ القذافي _ على عبد الله صالح )، وقامت فيها حربان (سوريا وليبيا)، وحدث فيها انقلابان عسكريان نجح أحدهما (مصر)، وما زال يحاول الآخر (ليبييا) .
وفي هذا الربيع العربي اجتمعت الأرض كلها بكل أطيافها وتكتلاتها لإيقاف زحفه الدائب من بلدة إلى أخرى.
فتكاد لا تجد قضية عالمية اجتمع عليها الشرق والغرب والشمال والجنوب مثلما حدث في هذه القضية، فها هم... أمريكا وأروبا وروسيا والصين وإسرائيل وبقية الدول العربية يجتمعون جميعا لإفشال هذه الثورة العربية الكبرى، وحرق أزهارها وثمارها التي نمت وكان المنتظر أن تونع في القريب.
هي ثورة عربية كبرى حقيقية، وهي أولى بهذا الاسم من سابقتها التي سميت به. فمن المعروف تاريخيا أن مصطلح (الثورة العربية الكبرى) مصطلح أطلق على تلك الحركة المسلحة التي قادها الشريف حسين في عام 1916، وذلك لخلع الطاعة من الحكم العثماني وإعلان قيام دولة عربية أو اتحاد للدول العربية.
والفرق بين الثورتين لصالح الثورة التي نحن بصددها. فالأولى كانت خروجا مسلحا لفئة قليلة لا تجد لها ظهيرا شعبيا، أما هذه التي تدور رحاها في ربيعنا العربي فهي ثورة شعبية كبرى بامتياز. وإن كانت قد خرجت بعض الحركات المسلحة لمناصرتها في بعض أقطارها، فإن الشعبية والسلمية هما سمتها العام .
كما أن الثورة العربية الكبرى الأولى كانت ثورة محدودية الجغرافيا، وذلك على عكس هذه التي نحن في زمانها. فهي ثورة تخطت كل الحدود لتثير خمسة أقطار من أقصى الشمال العربي في سوريا إلى أقصى الجنوب في اليمن، ومن الغرب العربي في ليبيا وتونس مرورا بقلب العروبة النابض مصر، ويبقى انتظار الشرق الخليجي واردا وقريبا.
لكن بعد أكثر من ثلاث سنوات على بداية هذه الثورة العربية من مهدها في تونس يبقى السؤال .. هل نجحت هذه الثورة العربية الكبرى في ما قامت من أجله ورمت إليه ؟ هل حققت أهدافها ؟
الظاهر العام أن ثوراتنا العربية في هذا الربيع الساخن قد فشلت في النهاية فيما قامت من أجله، فها هي أقطار هذه الثورة، وها هو حالها. الحال الذي أدى بالكثيرين إلى أن يتساءلوا (هل كانت فكرة الثورة من الأساس فكرة صحيحة؟ وهل كان هذا هو وقتها؟ وهل كانت هذه الشعوب بحالها هذا تستحق هذه الثورات؟ وهل كانت مهيأة لها من الأساس؟
كل هذه الأسئلة أسئلة مشروعة في ظل هذا المصير الذي صارت إليه ثوراتنا العربية في أقطارها المختلفة.
فها هي الثورة التونسية تنتكس وتعلن فشلها في حماية اختيار الناس، وتنحني في النهاية لطرف علماني خبيث رفض أن يقر بإرادة الناس في انتخاباتهم الحرة النزيهة.
وها هي الثورة المصرية تُقتلع من جذورها، ليعود الأمر إلى ما كان عليه قبلها. إلى دولة عسكرية بوليسية، لكنها عادت دولة أكثر بوليسية وعسكرية من ذي قبل.
وها هي الثورة الليبية، لا تستطيع حتى الآن أن تقيم حكومة ولا أن تحقق أمنا ولا أن تدير شأنا. ثم في نهاية الأمر ها هو الانقلاب العسكري يطل برأسه كما حدث في مصر، ويستمر المشهد وتحتبس الأنفاس، والكل ينتظر النهاية.
وها هي الثورة اليمنية يمر عليها العام بعد العام، وما زالت البلاد تقبع تحت حكم النظام الذي ثار عليه الناس، ولكن بأسماء وأشكال أخرى. وتنقسم البلاد إلى خمسة أقاليم أشبه بخمسة بلاد مختلفة، وتبقى نذر الحرب قائمة ودائمة بين هذه الأقاليم المختلفة و أطيافها المتناحرة.
وها هي الثورة السورية وقد تحولت إلى حرب أهلية، قُصفت فيها كل المدن فتركها أهلها حتى صارت مدنا كمدن الأشباح، والناس كلهم ما بين قتيل وسجين وشريد ومقاوم.
إذا كانت ثورتنا العربية الكبرى قد نجحت في أشياء فقد فشلت في أشياء أخرى لا تقل عن تلك التي نجحت فيها.
إذا كانت قد نجحت في إخراج الخوف والجبن من قلوب بعض الناس. فقد فشلت في إخراجه من بقية القلوب، والذين بقوا على خوفهم وجبنهم أكثر بكثير ممن بادروا بالحركة والثورة.
وإذا كانت قد نجحت في إيقاظ بعض الضمائر والنفوس من أجل أن تضحي لدينها وأوطانها. فقد فشلت في إيقاظ كل الضمائر، وبقيت أكثر النفوس على دخنها وخبثها. وها هي تلك النفوس الخبيثة تجاهر بتأييد ديكتاتوريات وانقلابات دموية فاشية، لا لشيء إلا لمصلحة دنيوية خاصة، أو لكره دفين لتيار إسلامي أقبل الناس عليه واختاروه بإرادة وحرية.
وإذا كانت ثورتنا العربية الكبرى قد نجحت في لم شمل الوطنيين الأشراف لأجل الهدف الأكبر، وهو إسقاط الأنظمة الطاغوتية الفاسدة. فقد فشلت بعد ذلك في إدامة هذا الالتئام. فما أن لاح في الأفق انتصار لحظي للثورة، بدا الاختلاف والتناحر والتطاحن بين الفرقاء، بل ووصل الأمر بالبعض إلى الرضى بأن تذهب الثورة كلها بكل مكتسباتها حتى لا تؤول الأمور إلى فريق رضيه الناس واختاروه في كل استحقاقاتهم الانتخابية.
وإذا كانت الثورة قد نجحت في كسر رأس الأنظمة الفاسدة في أغلب البلاد التي قامت فيها، فقد فشلت فشلا ذريعا في تقطيع جسد هذه الأنظمة، وقد كانت أجسادا مترهلة ممتدة في كل المؤسسات والإدارات.
وإذا كانت الثورة قد استطاعت أن تقيم للناس اختيارا ديمقراطيا حرا نزيها، وأن تأتي بمن رضيه الناس إلى سدة الحكم والإدارة، فقد فشلت فشلا ذريعا في حماية هذه الاختيارات.
ما زالت الثورة العربية الكبرى في ربيعها العربي ثائرة وفائرة، وما زالت الحرب قائمة بين نجاحاتها وإخفاقاتها، وبين أبنائها وأعدائها، وما زلنا ننتظر مشهد الختام، عندما يسدل الستار ويصفق الجمهور.
فيا ترى، أي جمهور هو الذي سيصفق في النهاية؟
فقد كان هذا الربيع العربي ساخنا سخونة الصيف، راعدا رعد الشتاء، تتساقط فيه العروش كما تتساقط أوراق الخريف.
لكن لعل الذي أطلق عليه هذه التسمية أراد أن يقول أنه مزهر كما يزهر الربيع.
أنا أفضل أن أسميه (الثورة العربية الكبرى)، فهذا الذي حدث هو ثورة عربية كبرى بكل المقاييس.
سقطت فيها أربعة عروش ( بن علي _ مبارك _ القذافي _ على عبد الله صالح )، وقامت فيها حربان (سوريا وليبيا)، وحدث فيها انقلابان عسكريان نجح أحدهما (مصر)، وما زال يحاول الآخر (ليبييا) .
وفي هذا الربيع العربي اجتمعت الأرض كلها بكل أطيافها وتكتلاتها لإيقاف زحفه الدائب من بلدة إلى أخرى.
فتكاد لا تجد قضية عالمية اجتمع عليها الشرق والغرب والشمال والجنوب مثلما حدث في هذه القضية، فها هم... أمريكا وأروبا وروسيا والصين وإسرائيل وبقية الدول العربية يجتمعون جميعا لإفشال هذه الثورة العربية الكبرى، وحرق أزهارها وثمارها التي نمت وكان المنتظر أن تونع في القريب.
هي ثورة عربية كبرى حقيقية، وهي أولى بهذا الاسم من سابقتها التي سميت به. فمن المعروف تاريخيا أن مصطلح (الثورة العربية الكبرى) مصطلح أطلق على تلك الحركة المسلحة التي قادها الشريف حسين في عام 1916، وذلك لخلع الطاعة من الحكم العثماني وإعلان قيام دولة عربية أو اتحاد للدول العربية.
والفرق بين الثورتين لصالح الثورة التي نحن بصددها. فالأولى كانت خروجا مسلحا لفئة قليلة لا تجد لها ظهيرا شعبيا، أما هذه التي تدور رحاها في ربيعنا العربي فهي ثورة شعبية كبرى بامتياز. وإن كانت قد خرجت بعض الحركات المسلحة لمناصرتها في بعض أقطارها، فإن الشعبية والسلمية هما سمتها العام .
كما أن الثورة العربية الكبرى الأولى كانت ثورة محدودية الجغرافيا، وذلك على عكس هذه التي نحن في زمانها. فهي ثورة تخطت كل الحدود لتثير خمسة أقطار من أقصى الشمال العربي في سوريا إلى أقصى الجنوب في اليمن، ومن الغرب العربي في ليبيا وتونس مرورا بقلب العروبة النابض مصر، ويبقى انتظار الشرق الخليجي واردا وقريبا.
لكن بعد أكثر من ثلاث سنوات على بداية هذه الثورة العربية من مهدها في تونس يبقى السؤال .. هل نجحت هذه الثورة العربية الكبرى في ما قامت من أجله ورمت إليه ؟ هل حققت أهدافها ؟
الظاهر العام أن ثوراتنا العربية في هذا الربيع الساخن قد فشلت في النهاية فيما قامت من أجله، فها هي أقطار هذه الثورة، وها هو حالها. الحال الذي أدى بالكثيرين إلى أن يتساءلوا (هل كانت فكرة الثورة من الأساس فكرة صحيحة؟ وهل كان هذا هو وقتها؟ وهل كانت هذه الشعوب بحالها هذا تستحق هذه الثورات؟ وهل كانت مهيأة لها من الأساس؟
كل هذه الأسئلة أسئلة مشروعة في ظل هذا المصير الذي صارت إليه ثوراتنا العربية في أقطارها المختلفة.
فها هي الثورة التونسية تنتكس وتعلن فشلها في حماية اختيار الناس، وتنحني في النهاية لطرف علماني خبيث رفض أن يقر بإرادة الناس في انتخاباتهم الحرة النزيهة.
وها هي الثورة المصرية تُقتلع من جذورها، ليعود الأمر إلى ما كان عليه قبلها. إلى دولة عسكرية بوليسية، لكنها عادت دولة أكثر بوليسية وعسكرية من ذي قبل.
وها هي الثورة الليبية، لا تستطيع حتى الآن أن تقيم حكومة ولا أن تحقق أمنا ولا أن تدير شأنا. ثم في نهاية الأمر ها هو الانقلاب العسكري يطل برأسه كما حدث في مصر، ويستمر المشهد وتحتبس الأنفاس، والكل ينتظر النهاية.
وها هي الثورة اليمنية يمر عليها العام بعد العام، وما زالت البلاد تقبع تحت حكم النظام الذي ثار عليه الناس، ولكن بأسماء وأشكال أخرى. وتنقسم البلاد إلى خمسة أقاليم أشبه بخمسة بلاد مختلفة، وتبقى نذر الحرب قائمة ودائمة بين هذه الأقاليم المختلفة و أطيافها المتناحرة.
وها هي الثورة السورية وقد تحولت إلى حرب أهلية، قُصفت فيها كل المدن فتركها أهلها حتى صارت مدنا كمدن الأشباح، والناس كلهم ما بين قتيل وسجين وشريد ومقاوم.
إذا كانت ثورتنا العربية الكبرى قد نجحت في أشياء فقد فشلت في أشياء أخرى لا تقل عن تلك التي نجحت فيها.
إذا كانت قد نجحت في إخراج الخوف والجبن من قلوب بعض الناس. فقد فشلت في إخراجه من بقية القلوب، والذين بقوا على خوفهم وجبنهم أكثر بكثير ممن بادروا بالحركة والثورة.
وإذا كانت قد نجحت في إيقاظ بعض الضمائر والنفوس من أجل أن تضحي لدينها وأوطانها. فقد فشلت في إيقاظ كل الضمائر، وبقيت أكثر النفوس على دخنها وخبثها. وها هي تلك النفوس الخبيثة تجاهر بتأييد ديكتاتوريات وانقلابات دموية فاشية، لا لشيء إلا لمصلحة دنيوية خاصة، أو لكره دفين لتيار إسلامي أقبل الناس عليه واختاروه بإرادة وحرية.
وإذا كانت ثورتنا العربية الكبرى قد نجحت في لم شمل الوطنيين الأشراف لأجل الهدف الأكبر، وهو إسقاط الأنظمة الطاغوتية الفاسدة. فقد فشلت بعد ذلك في إدامة هذا الالتئام. فما أن لاح في الأفق انتصار لحظي للثورة، بدا الاختلاف والتناحر والتطاحن بين الفرقاء، بل ووصل الأمر بالبعض إلى الرضى بأن تذهب الثورة كلها بكل مكتسباتها حتى لا تؤول الأمور إلى فريق رضيه الناس واختاروه في كل استحقاقاتهم الانتخابية.
وإذا كانت الثورة قد نجحت في كسر رأس الأنظمة الفاسدة في أغلب البلاد التي قامت فيها، فقد فشلت فشلا ذريعا في تقطيع جسد هذه الأنظمة، وقد كانت أجسادا مترهلة ممتدة في كل المؤسسات والإدارات.
وإذا كانت الثورة قد استطاعت أن تقيم للناس اختيارا ديمقراطيا حرا نزيها، وأن تأتي بمن رضيه الناس إلى سدة الحكم والإدارة، فقد فشلت فشلا ذريعا في حماية هذه الاختيارات.
ما زالت الثورة العربية الكبرى في ربيعها العربي ثائرة وفائرة، وما زالت الحرب قائمة بين نجاحاتها وإخفاقاتها، وبين أبنائها وأعدائها، وما زلنا ننتظر مشهد الختام، عندما يسدل الستار ويصفق الجمهور.
فيا ترى، أي جمهور هو الذي سيصفق في النهاية؟
شارك
المزيد من هذا الكاتب
