سياسة عربية

بروفيسور أمريكي يفسر فشل السلام بالبعد النفسي!!

بنيامين نتنياهو ومحود عباس - ا ف ب
كتب البروفيسور كريستوفر فيتويس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تولين، مقالا في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية يحاول فيه تحليل أسباب فشل محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية ويطرح فيه فكرة أن أسباب الفشل نفسية بالدرجة الأولى.

ويقول فيتويس: "إذا أراد جون كيري النجاح في مهمته الصعبة للتوصل إلى سلام في الشرق الأوسط، فعليه تجاوز حاجز أعمق وأشد تحديا من تكتيكات نتنياهو المتصلبة في التفاوض، فأكبر عقبة أمام السلام ليست الإرهاب، ولا الحدود ولا المستوطنات ولا اللاجئين، ولا أي قضية أخرى يمكن التفاهم عليها على طاولة مفاوضات، بل المشكلة الحقيقية هي نفسية وغير قابلة للتفاوض".

ويضيف أن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني هو صراع فريد في التاريخ الحديث، حيث أنه "يعني شعبين يحمل كل منهما قصة معاناة عميقة دائمة ومبررة، متعلقة بشكل مركزي بهويته الثقافية، ولا يوجد لدينا حالة سابقة مثلها تساعدنا على التنبؤ بما إذا كان بوسع المنطق أن يعالج هذا المرض المشترك".

ثم يقول، إن الضحايا يتصرفون بقواعد تختلف عن بقية الناس، فالتاريخ أعطاهم "المكانة الأخلاقية الأعلى"، ما يجعل تجاوزاتهم مفهومة وحتى مبررة. وحتى الغرباء يتعاطفون مع أفعال الضحايا. فما يفعلونه قد يبدو شنيعا بالتأكيد، ولكن يصبح مبررا عندما يوضع في سياقه الصحيح. وقد تصبح مكانة الضحية مصدر افتخار وتوحيد يستطيع أبناء المجتمع الاعتماد عليها في الاستلهام والتحرر من القواعد المتعارف عليها للتصرف الأخلاقي. 

ويشير إلى أن الأهم من ذلك هو أن الضحية قليلا ما يشعر بالحاجة إلى التنازل، فهم عانوا بما فيه الكفاية وتعبوا من المضايقات، وانتهى ذلك الزمن الذي يتنازلون فيه للشر. 

ويوضح أن كلا من الإسرائليين والفلسطينيين ولأسباب جيدة يعتبرون أنفسهم ضحايا للتاريخ. وكل من يحاول الحديث مع المتحمسين من أي من الطرفين سيجد في تلك المنطقة وبسرعة، كما هو الحال في رواية فولكنر (يوكناباتوفا كاونتي)، أن "الماضي لا يموت أبدا، وهو ليس ماضٍ حتى". 

ويزعم الكاتب، أن الإسرائيليين مروا بآلاف السنين من الاضطهاد التي توجت بـ "المذابح" ثم "المحرقة". وفي عهد قريب صاروا يعانون من "الإرهاب" الفلسطيني والصواريخ.. وكان الدرس الذي تعلموه من تاريخهم هو ألا يستخفوا بأي تهديد. 

بينما يناقش الفلسطينيون 1948 و1967 كأنهما كانتا بالأمس، فمخيمات اللاجئين والظروف الاقتصادية السيئة استمرت لأجيال، والآن يقوم الإسرائيليون ببناء المستوطنات والجدار ولا يستطيعون فهم كيف يمكن لـ "المحرقة" التي لم يكن لهم يد فيها أن تعطي الإسرائيليين الحق في ظلمهم، على حد قوله.

وينبه إلى أنه قلما يحصل، إن حصل فعلا، أن يتمكن خصمان من طرح قصتهما من المعاناة بنفس مقدار الإقناع بحيث يتحول أي حوار بينهما إلى سباق حول من كان الأكثر معاناة، ولذلك فإن له الحق بأن يشعر بأنه المظلوم ويحتل مكانة أخلاقية أعلى. ولا يزعج المتحمسين من الجانبين شيء أكثر من اعتراف واحد من طرفهم بمعاناة الآخر.

ويستنتج أنه من الصعب أن يتحقق السلام بين شعبين لديهما هذه المشاكل الخاصة بهويتهما أو على الأقل، أنه لن يتغير شيء حتى تقرر القيادة من الطرفين بأن المستقبل أهم من الماضي. وهذه الفكرة بحد ذاتها تعتبر انتهاكا للمحرمات وخيانة لمعاناة الأجيال السابقة. 

ويرى أن تتابع الأجيال قد ينتج عنه أحيانا تخفيف لمفهوم المأساة، ولكن ليس في حالة الفلسطينيين والإسرائيليين، فكل منهما يدرّس أطفاله في المدارس مأساة شعبه ليبقيها حاضرة، ويحث الأطفال في الجانبين على تذكر ما ارتكب بحق آبائهم وأجدادهم.

ويضيف أنه "سيأتي وقت يصبح فيه شعور الضحية لدى الطرفين شعورا دائما ويصبح السلام مستحيلا. وليس واضحا إن كنا وصلنا إلى هذه المرحلة أم لا، ففي عمليات المفاوضات المعقدة عادة ما يعلن عن الفشل ثلاث أو أربع مرات قبل النجاح".

وينهي مقالته بالقول إنه يجب توضيح حقيقة للطرفين؛ وهي أن السلام في المنطقة هو الطريق الوحيد لخلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وتحقيق السلام لا يتطلب نسيان الماضي، بل يتطلب وضعه جانبا لتصميم مستقبل عادل لكل سكان المنطقة.