أصدر
القضاء العسكري
التونسي الثلاثاء، أحكامه ضد المتهمين في قتل أول شهيدين بالثورة التونسية، الشابين شوقي النصري ومحمد العامري، أو ما يعرف "بقضية
شهداء الثورة بمنطقة (بوزيان) من محافظة سيدي بوزيد شرارة الثورة ".
وقد تراوحت الأحكام بين 5 و10 سنوات سجن وغرامات مالية، ضد أعوان أمن بتهمة القتل العمد ومحاولة القتل العمد.
من جهته، صنف محمد البشير شقيق الشهيد شوقي النصري، الأحكام ضمن ما أسماه "الفبركة الإعلامية" غير المنصفة، لأنها بُنيت على "باطل"، في إشارة منه إلى تقرير الطب الشرعي.
فبحسب أقوال البشير لـ"عربي21"، فقد صيغ التقرير الطبي على معاينة خارجية للجثة دون تشريح دقيق يحدد الأسباب الحقيقة للوفاة، والمسار الذي اتبعته الرصاصة في الجثة، مشيرا إلى أن النتائج التي وردت في تقرير الطب الشرعي والأحكام الصادرة دفعت العائلات إلى استئناف القضية بحثا عن "العدل والأحكام الثورية" على حدّ تعبيره.
من ناحيته، يتبنى عضو هيئة الدفاع عن عوائل الشهداء، المحامي رشيد الحفناوي موقف البشير، إذ أكد في تصريح لـ"عربي21" أن الحكم بُني على إخلالات ومحاولات لغلق ملف أحرج جميع السياسيين والمسؤولين الذين لم "يجعلوا من الملف أولوية في عملهم "على حد تعبيره.
وأشار إلى أن القضاء العسكري تعامل مع ملف الشهداء والجرحى على أنه ملف حق عام أو جريمة عادية، عوضا عن إعطائه أولوية في البحث والتحقيق والإستماع، ذلك أن المتوفين كانوا من المدافعين عن حق شعب كامل في الحرية والعيش الكريم.
هذا، لم يوجه عضو هيئة الدفاع لوما حاد إلى القضاء العسكري، الذي أصدر الأحكام "فهو حديث العهد بهذا النوع من الملفات" بقدر ما حمّل وزارة الدفاع ووزارة الخارجية وزر هذه "الأحكام المجانبة للعدل".
إلى ذلك بيّن المحامي أن عائلات الشهداء ستتقدم في غضون 10 أيام، باستئناف الحكم والطعن في بعض الأحكام الأخرى، ورفع شكاوى لرفع قيمة التعويض المعنوي الذي تلقاه بعض الأهالي.
بدوره، وصف رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان عبد الستار بن موسى في تصريح لـ"عربي 21" نتائج القضية بـ "المتعارضة مع مبدأ المحاسبة"، مضيفا "نعتقد أن االمشرفين بالموضوع لم يهتموا بتحديد
القتلة بدقة وتحديد من أعطى الأمر بإطلاق النار على المحتجين، ولم يكشفوا أيضا حقيقة التعامل الأمني مع الأحداث حينها".
فالمحكمة العسكرية التي أصدرت الحكم، والمحكمة التي ستنظر في مطالب الإستئناف والطعن، لن تكون المحطة الأخيرة في الملف، فمن المنتظر "أن يكون ملف شهداء الثورة، وجرحاها أول ملف تبحث فيه (هيئة الحقيقة والكرامة التي هي في طور التشكيل)، أولى مؤسسات العدالة الانتقالية، وفق ما صرّحت به رئيسة لجنة شهداء وجرحى الثورة بالمجلس الوطني التأسيسي التونسي يمينة الزغلامي لـ"عربي21".
ونوهت الزغلامي إلى أن قرارات المحكمة مفاجئة وغير مفهومة، فهل من المعقول الحكم على من ارتكب جريمة القتل العمد ومحاولة القتل بـ 5 و10 سنوات سجن، خاصة وأن ملف القضية يحتوي على دلائل إدانة واضحة.
فإشراف القضاء العسكري التونسي على قضايا شهداء الثورة وجرحاها، أثار حفيظة شريحة كبرى من المجتمع التونسي، من نواب في المجلس الوطني التأسيسي وسياسيين من خارجه، وعدد كبير من الحقوقيين والمحامين وأهالى الشهداء والجرحى.
فيما تبلغ أقصى الأحكام التي أصدرها القضاء في قضايا قتل الشهداء 20 سنة سجن لبعض المسؤولين في الأمن التونسي، مثل المدير العام للأمن في عهد الرئيس المخلوع علي السرياطي، والحكم بالسجن مدى الحياة في حق الرئيس السابق بن علي.
بعد صدور هذه الأحكام، وحتى قبلها، طالب العديد ومنهم النائب بالمجلس التأسيسي عبد الرؤوف العيادي، القضاء العسكري بالتخلي عن ملف شهداء الثورة وجرحاها، وتسليمه للقضاء المدني، لأنه غير مستقل وأحكامه مهزلة، وفق تصريح العيادي لوسائل إعلام محلية.