كان المعلم والنقابي الأردني أحمد توفيق أبو حسان يوم الخميس الثالث من نيسان/ أبريل على موعد مع الواقعة الثانية التي يوقف فيها مواطن أردني بتهمة غريبة، هي "رفع
شعار رابعة" في مؤشر على نية السلطات الأردنية الحد من انتشار هذا الشعار، و"ردع" رافعيه، كما يقول محامي نقابة المعلمين، بسام فريحات، الذي يعتقد أن ما حدث مع المعلم أبو حسان، يحمل في طياته رسالة لكل من يرفع هذا الشعار في الأردن، ربما يتعرض لملاحقة وإزعاج من نوع ما، قد يصل إلى حد محاكمته أمام محكمة أمن الدولة، كما حدث مع ثلاثة شبان أردنيين، لم تزل قضيتهم منظورة أمام المحكمة، وإن أفرج عنهم بكفالة، بعد احتجاز استمر ثلاثة أشهر.
وكان هذا الشعار انتشر في أركان الدنيا الأربعة، بعد أن أطلقه رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان، كإشارة تضامن مع ضحايا فض اعتصام ميدان رابعة العدوية بمصر بالقوة، ما خلف أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى، ومنذ ذلك الحين، تحول الشعار إلى ما يشبه "الأيقونة" التي يعبر عن التعاطف مع رافضي الانقلاب الذي قاده الجيش ضد حكم الرئيس
المصري المنتخب، الدكتور محمد مرسي.
ويقول المحامي فريحات، لصحيفة "عربي21" إن المعلم أبو حسان، استدعي الخميس إلى جهاز الأمن في منطقة الشونة الجنوبية، في غور الأردن الجنوبي، وقيل له إن عليه أن يزيل الشعار الذي يضعه على سيارته الخاصة، فرفض قائلا إن الشعار لا يشكل مخالفة قانونية، ليتم احتجازه بعد ذلك لعدة ساعات، ويحول إلى جهاز الأمن في عمان، ويفرج عنه مساء، بعد عرضه على المدعي العام، بكفالة "حضور" من قبل أحد زملائه، وهي تعني التعهد بإحضاره إلى جهاز الأمن، حال تم استدعاؤه، وخلافا لما نشرته بعض وسائل الإعلام المحلية، فلم يحول المعلم إلى محكمة أمن الدولة، وفق المحامي فريحات.
ويقول مصطفى الرواشدة نقيب المعلمين السابق، لصحيفة "عربي21" إن المعلم أبو حسان أفرج عنه بعد تدخلات من النقابة، واستهجن الرواشدة ما جرى مع المعلم، وقال إنه ليس لديه أي علم فيما إذا كان
القانون الأردني يجرم من يرفع شعار رابعة، إلا أنه قال، إنه لا يجوز اعتقال شخص لمجرد أنه يرفع شعارا لا يمس بدين أو خلق أو أي قيمة إنسانية، فيما يؤكد المحامي بسام فريحات أنه من حيث الجانب القانوني لا جرم ولا عقوبة إلا بقانون، ورفع هذا الشعار عمل غير جرمي ولا يعاقب عليه القانون، لأنه لا يوجد نص يجرم من يرفعه، والتهمة التي وجهت للمتهمين الثلاثة في محكمة أمن الدولة وهي ارتكاب أعمال لا تجيزها الحكومة، وتعكر صفو العلاقة مع دولة شقيقة، أما بالنسبة للشق الأول فلا يوجد نص قرار للحكومة الأردنية بمنع رفع هذا الشعار، لذا فرفعه عمل مباح، وبالنسبة للشق الثاني فلا يوجد ما يدل على أن رفع الشعار يعكس صفو العلاقة مع مصر، ويضيف أن الإجراء بمجمله سياسي وليس قانونيا.
ويعتقد فريحات أن ملاحقة من يرفع الشعار وإزعاجه، هو مجرد أسلوب لمنع رفع الشعار والحد من التعاطف معه، لا أكثر.
وكان نائب نقيب المعلمين الأردنيين الدكتور حسام مشة عبر عن امتعاضه من اعتقال المعلم أبو حسان، وصرح لوسائل إعلام محلية متسائلا: حتى متى تستباح حرية المعلم ويعتقل لرأي سياسي يتبناه أو حتى لرفعه شعار رابعة؟ مؤكدا "أن كرامة معلمنا الأردني و حريته هي من كرامة و حرية الوطن" على حد قوله.
وانتقد ناشطون وقانونيون في وقت سابق ما سموه "ملاحقة شعار رابعة في الأردن"، وقالوا إن رفع شعار رابعة أو حيازته يعكس موقفا ورأيا بتأييد جهة ما أو الوقوف ضد معارضيها، وهذا لا يمثل فعلا ما يعكر صفو العلاقات لأن عشرات الآلاف في الوطن العربي والعالم، يحملون هذا الموقف وليس لمجرد أن النظام أو الحكومة تقف مع الفريق المعارض لرابعة يصبح من يؤيد رابعة مرتكبا لجرائم تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة، وقالوا إن الاعتقال لمجرد إبداء الرأي السلمي إجراء مخالف مخالفة صريحة للدستور، واعتداء على حرية الرأي والتعبير، لذلك يجب التمييز بين المواقف وحرية الرأي وبين الأفعال المادية والسلوكيات التي تمثل الأركان المادية للجرائم التي تختص محكمة أمن الدولة بالنظر فيها.