شهدت مدينة
أسوان، الواقعة في أقصى جنوب
مصر،
اشتباكات عنيفة وغير مسبوقة بين أبناء قبيلتي "بني هلال" و "دابود" النوبية، أسفرت عن مصرع وإصابة عشرات الأشخاص، وسط تضارب الروايات حول أسباب اشتعال الأحداث.
وأعلنت مديرية الصحة بأسوان، أن عدد ضحايا الاشتباكات التي تشهدها المدينة منذ الأربعاء بلغ 23 قتيلاً فضلاً عن إصابة ما يزيد على 50 آخرين، وقالت: "إن عدد
القتلى مرشح للزيادة بسبب وجود عدد كبير من الجثث في منطقة الاشتباكات، ولم تستطع سيارات الإسعاف نقلها إلى المستشفيات حتى الآن".
وذكرت مصادر أمنية، أن الاشتباكات بين القبيلتين جاءت على خلفية "معاكسة فتاة"، فيما قال شهود عيان: "إن تبادل كتابة عبارات مسيئة للقبيلتين على جدارن المنازل، هو ما أشعل فتيل المواجهة بين الجانبين".
وبدأت وحدات
الجيش الانتشار في منطقة الاشتباكات عصر السبت، للسيطرة على الأوضاع، بعد ثلاثة أيام من الغياب
الأمني التام ، وفرضت قوات الجيش والشرطة إجراءات أمنية مشددة بمنطقة الاشتباكات، لتهدئة الأوضاع ووقف القتال.
اتهام الإخوان
لكن المتحدث باسم القوات المسلحة، العقيد أحمد محمد علي، اتهم جماعة "الإخوان المسلمين" بالتورط في الأحداث، حيث قال، في بيان نشره على صفحته الرسمية على فيس بوك مساء السبت: "إن هناك مؤشرات بتورط عناصر إخوانية في إشعال الفتنة بين الجانبين، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل".
وقال اللواء محمد مصطفى سكرتير عام محافظة أسوان: "إن أحد الطلاب هو من كتب العبارات المسيئة لقبيلتي "الدابودية والهلايل"، مشدداً على أن كل الأدلة تؤكد أن ما حدث فتنة متعمدة، خاصة أن القبيلتين يتعايشون منذ زمن، ولم تحدث بينهما أية خلافات".
وأضاف مصطفى، خلال مداخلة على قناة دريم"أن العبارات المسيئة كانت تطعن فى شرف القبيلتين وبخط وأسلوب وأحد، وتابع قائلاً: "أسباب الفتنة فى مصر هى جماعة الإخوان".
وبينما لم يصدر رد رسمي من جانب الجماعة على تلك الاتهامات حتى الآن، وأورد الموقع الرسمي للإخوان على الإنترنت تصريحات للناشط السياسي مايكل سيدهم، أحد مؤسسي حركة "مسيحيون ضد الانقلاب" استنكر فيها تسيس أجهزة الدولة للأزمة وتوظيفها إعلامياً ضد الإخوان المسلمين دون أي تحقيقات"، مضيفا بتهكم على صفحته على فيس بوك "أطالب سلطات الانقلاب، بأن يكفوا عن تلفيق التهم للإخوان، فهم إما موتى أو معتقلين".
الحكومة تتحرك بعد ثلاثة أيام
وبعد ثلاثة أيام كاملة من اندلاع الاشتباكات، ذكر بيان صدر عن رئاسة مجلس الوزراء، تلقى "عربي 21" نسخة منه، "أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب، توجه إلى مدينة أسوان السبت، برفقة وزير الداخلية محمد إبراهيم ووزير التنمية المحلية عادل لبيب، للوقوف على تداعيات الاشتباكات، ومتابعة خطة السيطرة على الموقف".
والتقى الوفد الرسمي ممثلي القبيلتين من أجل حل الأزمة، والتوصل إلى صلح ينهي الاشتباكات الدامية.
من جهته، قال اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية والإدارية: "إن صلحا سيعقد الأحد بحضور كافة القبائل العربية بمشاركة الأمن والمحافظ، مشيراً إلى أن وزير الداخلية سيتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضبط المتورطين فى الفتنة.
وأكد في مداخلة مع قناة سي بي سي "أن أجهزة الأمن تبحث عن الشخص المشتبه فى تحريضه على الأحداث، مؤكدًا أن الأمور هدأت الآن في أسوان".
ودعا مجلس الوزراء فى بيان له، أفراد قبيلتى "الهلايل" و"الدابودية" على تحكيم العقل والحكمة، وإيقاف نزيف الدماء من القبيلتين حفاظًا على حرمة الدماء والأنفس".
وخلال مؤتمر صحفى عقده رئيس الوزراء بأسوان، وعد المهندس إبراهيم محلب بتشكيل لجنة تقصى حقائق عاجلة مشكلة من مجلس الوزراء لبحث أسباب الأزمة، وحصر التلفيات وصرف التعويضات للمتضررين ومحاسبة الجناة.
كانت قبيلة الهلايل قد أصدرت بيانا أوضحت فيه أنها طالبت المهندس إبراهيم محلب بتشكيل لجنة تقصى حقائق عاجلة، للوقوف على أسباب الأحداث وحصر التلفيات والخسائر وتعاهدت بهدنة لتهدئة الأوضاع.
كما أمر الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع، بعلاج المصابين فى الاشتباكات مجانا في مستشفيات القوات المسلحة.
توقف الحياة وتعطيل الدراسة
وبسبب هذه الاشتباكات العنيفة، تحولت مدينة أسوان السياحية المعروفة بهدوئها إلى ساحة قتال، وتوقفت فيها كافة مظاهر الحياة.
وتداول نشطاء مقاطع فيديو تظهر القبيلتين، وهما يطوفان المنطقة بجثامين القتلى، وسط غياب تام لقوات الأمن.
وقرر محافظ أسوان وقف الدراسة في 25 مدرسة، في محيط منطقة الاشتباكات التي خلت تماما من المارة.
وأسفرت المواجهات عن احتراق عشرات المنازل والمحال وحظائر الماشية.
وتوقعت صحف مصرية أن تفرض الحكومة حظرا للتجوال فى المنطقة، وذلك بعد مطالبات أهالى النوبة بذلك لفرض الانضباط والأمن بالشارع.
كما طالب النوبيون من رئيس الوزراء، بتوصيل المواد الغذائية ومياه الشرب للأهالي المحاصرين بمنطقة الاشتباكات، وضبط الجناة المتسببين فى الأحداث وضبط السلاح غير المرخص.