لا صوت يعلو فوق ترشح السيسي للرئاسة بصحافة مصر!

"السيسي مرشحا للرئاسة".. كان هذا هو الخبر الأول الذي تصدر الصفحة الأولى بالصحف المصرية الصادرة الخميس 27 آذار/ مارس 2014 -دون منازع- بعدما أعلن المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع (قائد الانقلاب) استقالته من وزارة الدفاع، وترشحه لرئاسة البلاد، في كلمة متلفزة موجهة للشعب مساء الأربعاء. ولم تستطع الصحف نشر الخبر بطبعتها الأولى التي يتم الانتهاء منها نحو السابعة مساء، لكنها نشرته في الطبعة الثانية التي يتم تجهيزها منتصف الليل، والطبعة الثالثة التي تصدر قرابة الفجر.
 
واستعانت الصحف بصور عدة مع الخبر، تمثلت -في "الأهرام المسائي"- في صورة أرشيفية للسيسي ببزته المدنية، وصورته، وهو يلقي كلمته المتلفزة في اليوم السابع والوطن.
 
بينما نشرت الأهرام والشروق والجمهورية والمصري اليوم صورا لجانب من اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضور الرئيس المؤقت عدلي منصور، وصورة أخرى تذكارية لمنصور والسيسي مع أعضاء المجلس العسكري.
 
ونشرت "المصري اليوم" صورة أخرى لعدد من المواطنين يرفعون صور السيسي عقب إعلان ترشحه للرئاسة، وذلك في ميدان التحرير (المغلق في وجه المعارضين)، بحسب الجريدة.
 
ونشرت الأخبار صورة زعمت أنها لجماهير خرجت إلى الشوارع والميادين فرحا بإعلان السيسي استقالته، وترشحه للرئاسة، فيما نشرت الأهرام صورة أخرى للسيسي والفريق صبحي في طريقهما لاجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
 
ونشرت الوطن صورة أرشيفية لفلاح عجوز يحمل بيده صورة للسيسي مكتوب عليها: "السيسي رئيسي". وعلقت الصحيفة على الصورة بالقول: المصريون انتظروا إعلان السيسي الترشح للرئاسة طويلا.
 
هكذا نلحظ أنه يكاد يكون قد تم اختزال مصر بآمالها وآلامها في هذا الخبر الذي تصدر الصفحة الأولى كاملة في الأهرام المسائي، والنصف الأعلى للصفحة الأولى بجرائد: الأهرام واليوم السابع، والوطن والمصري اليوم والجمهورية والشروق.
 
كل ذلك، في وقت تراجعت فيه الأخبار الأخرى المتعلقة باختتام القمة العربية، وغيرها من الموضوعات المهمة، إلى الخلف.
 
كما لوحظ التغييب المتعمد لردود أفعال معارضي السيسي، ومظاهراتهم التي نظموها في أكثر من مكان مساء الأربعاء، احتجاجا على ترشحه.
 
وفضلا عن هذا التعتيم الممنهج؛ لجأت صحف الخميس إلى "شيطنة" مظاهرات رافضي الانقلاب التي خرجت الأربعاء سواء في الجامعات، أو في الشوارع والميادين، كي تظل الصورة مركزة على السيسي ومؤيديه فقط، الأمر الذي يؤشر إلى أن الصحافة المصرية باتت في عهد السيسي المرشح للرئاسة صحافة الاتجاه الواحد، وعدم الاعتراف بالمعارضة والرأي الآخر، وعدم تقديم الحقيقة كاملة، وإنما صحافة إقصاء المخالفين، وتقديم نصف الحقيقة، علما بأن نصف الحقيقة كذب بواح.
 
أما طرق تغطية الخبر فقد تنوعت بين الصحف المختلفة، وإن كان هيمن عليها الأسلوب الدعائي، كأن ترشيح السيسي نفسه للرئاسة بمثابة تحرير فلسطين المحتلة، فكان عنصر المبالغة في الاحتفاء بالخبر واضحا، وهو أمر لم يحدث طيلة عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي باستثناء حدثين، هما إعلان اللجنة القضائية العليا فوزه بالانتخابات، ولدى قيامه بإقصاء طنطاوي وعنان من منصبيهما، وإلغاء  الإعلان المكمل للمجلس العسكري السابق، وتعيينه السيسي نفسه وزيرا للدفاع.
 
والأمر هكذا، ركزت صحف الخميس على عبارات بعينها من كلام السيسي مثل قوله: لا تصفية للحسابات ولا إقصاء لأحد. (الأهرام والمصري اليوم.. وذلك في وقت يتم فيه إقصاء المعارضين من المشهد).. وأن حكم مصر بغير إرادة الشعب الحرة غير مقبول (اليوم السابع والجمهورية)، وأن الاستهتار في حق مصر مغامرة لها عواقبها (الشروق).
 
السيسي مرشحا للرئاسة
 
جاءت مانشيتات الصحف -التي غلب عليها اللون الأحمر، باستثناء الأهرام- كالتالي:
 
الأهرام المسائي: السيسي يلبي نداء الشعب (دعاية فجة).. المشير يخلع  البدلة الميري اليوم ويعلن رسميا ترشحه لانتخابات الرئاسة.. لن أقدم المعجزات.. بل العمل الشاق والجهد وإنكار الذات.. 3 محاور رئيسية للبرنامج الرئاسي.. ورسائل للخارج.
 
وإلى جانب هذا التقرير الدعائي نشرت الأهرام المسائي تقريرا بعنوان: أستاذ السيسي لـ"الأهرام المسائي": المشير قائد عسكري حازم ووطني ومتدين.. وهو الأنسب لمصر حاليا". (المقصود بأستاذ السيسي كمال عامر رئيس جهاز المخابرات الحربية الأسبق).
 
وقالت اليوم السابع: بعد أول استقالة في تاريخ الجيش: السيسي يرشح نفسه للرئاسة.. التدخل الخارجي في شؤون مصر الداخلية غير مقبول.. حكم مصر بغير إرادة الشعب الحرة غير مقبول.. الكثير من الشباب يعانون من البطالة غير مقبول.. الإسراف في الحملات الانتخابية غير مقبول.. ملايين المصريين مصابون بالأمراض غير مقبول.. (قدمت اليوم السابع خبر الاستقالة على أنه إنجاز كبير، وشيء غير مسبوق في تاريخ العسكرية المصرية!).
 
ومن جهتها، قالت المصري اليوم: أخيرا.. السيسي يعلن رسميا ترشحه للرئاسة.. المشير يستقيل من الجيش ومجلس الوزراء.. ويؤكد: نريد وطنا دون إقصاء ولا فرقة.. منصور يصدر قرارا بترقية صبحي فرقا أول.. ومصادر: يؤدي اليمين وزيرا للدفاع اليوم..احتفالات بالقاهرة والمحافظات ابتهاجا بالقرار.. ومحلب:  الحكومة على الحياد بين جميع المرشحين".. (كلمة "أخيرا" تمثل رأيا من الجريدة، وقد لوحظ أن صحفا أخرى قد استخدمتها أيضا).
 
وجاءت المقدمة دعائية، ومادة رأي، لتقرير "المصري اليوم"، كما يلي: "بعد ترقب استمر عدة أسابيع، أعلن المشير عبدالفتاح السيسي أمس (الأربعاء) استقالته من القوات المسلحة والحكومة. وأكد في بيان للأمة أذاعه التليفزيون الرسمي عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة المقرر فتح باب الترشح لها الأحد المقبل".
 
في فقرة لاحقة قال التقرير: "خرج العشرات من مؤيدي المشير السيسي إلى ميداني التحرير ومصطفى محمود بالمهندسين للاحتفال بإعلانه رسميا استقالته من منصبه والترشح لانتخابات الرئاسة. وفي المحافظات، لاقى خطاب السيسي ترحيبا شعبيا واسعا، وعمت الفرحة الملايين، من مؤيدي السيسي (!)، وخرج الآلاف منهم للاحتفال بهذه المناسبة في الشوارع والميادين الرئيسية".. (قالت الصحيفة ذلك، دون أن تعرج على ذكر أي شيء يخص حركة المعارضة والمظاهرات التي نزلت إلى الميادين والشوارع رفضا لقرار السيسي).
 
ومن جهتها، قالت الشروق: السيسي يدخل سباق الرئاسة.. المشير يستقيل من القوات المسلحة.. وصدقي صبحي يقسم اليمين وزيرا للدفاع اليوم.. السيسي يخاطب الشعب: الاستهتار في حق مصر مغامرة لها عواقبها.. أدعو شركاء الوطن أن يدركوا أننا جميعا نمضي في قارب واحد.. أعدكم بأننا نستطيع معا أن نحقق لمصر الاستقرار والأمان والأمل. (جاءت بداية التقرير دعائية كالتالي: بعد طول انتظار، أعلن المشير.. إلخ).
 
 وبعنوان جاذب للانتباه (لأنه رأي، وليس معلومة) قالت الوطن: أخيرا.. السيسي في امتحان الرئاسة.. وزير الدفاع السابق بعد إعلان ترشحه: لا أستطيع تقديم المعجزات.. منصور يقرر ترقية صبحي لفريق أول.. والتنمية الإدارية: ضم السيسي تلقائيا إلى كشوف الناخبين.
 
وقالت الأخبار: السيسي يبدأ السباق لقصر الرئاسة.. الفريق أول صدقي يؤدي اليمين اليوم.. ورئيس الأركان الجديد خلال أيام.. فرحة في الشارع بترشح المشير.
 
وقالت الجمهورية: في كلمته للأمة: السيسي يعلن ترشحه للرئاسة.. لا أحد يستطيع أن يصبح رئيسا دون إرادة الشعب.
 
أما الأهرام فقالت: السيسي مرشحا للرئاسة.. لا تصفية للحسابات ولا إقصاء لأحد.. ومصر لن تكون ملعبا لأي طرف.. بناء الدولة واستعادة هيبتها.. وسأظل أحارب لإخلاء مصر والمنطقة من الإرهاب.
 
وذكرت الوفد أن: العليا للرئاسة: قيد السيسي في الجداول دون انتظار قبول استقالته.. منصور يمنح المشير قلادة النيل بمجرد تخليه عن البدلة العسكرية.. لجان الفحص الطبي لمرشحي الرئاسة تبدأ عملها اليوم بكشف الأمراض العصبية والنفسية.
 
شيطنة مظاهرات رافضي الانقلاب
 
مستعينة بصور تظهر قوات الأمن بلباس مدن تطلق الرصاص الحي على طلاب جامعة القاهرة (كما في المصري اليوم)، أو صورا لطلاب زعمت أنهم قاموا بأعمال عنف؛ مارست صحف الخميس أساليبها الممنهجة في شيطنة مظاهرات المعارضين، وأبرزتهم في صورة الذين يعتدون على قوات الشرطة، وكونها الضحية!
 
فقالت المصري اليوم: إخوان الجامعات يقصفون الأمن بـ"قنابل المونة"..الجماعة تعلن تنظيم مظاهرات ومسيرات ضد ترشح السيسي بجميع المحافظات.. (ليس كل المتظاهرين من الإخوان، كما أن الجريدة لم تحدد طبيعة هذه القنابل، وسر تسميتها بهذا الاسم).
 
وكانت الوطن أكثر عنصرية وتطرفا إذ قالت: الإخوان تفجر الجامعات.. وتحشد لـ"معركة التخريب.. اشتباكات عنيفة في القاهرة والإسكندرية والزقازيق.. وسقوط قتيل وعشرات المصابين بالخرطوش.. والتنظيم الدولي يخطط لاقتحام الميادين.. (كذبة كبيرة).. وضبط خلية خططت لاستهداف القناة. (ما علاقتها بالمظاهرات؟).
 
وقالت الوفد: اشتباكات عنيفة بين الأمن وطلاب الإرهابية بجامعتي القاهرة والمنصورة.. وقالت الوفد أيضا: غزوة الجامعات.. والمعركة الحاسمة ضد الإرهاب.. الأساتذة يطالبون بتطبيق قانون العقوبات ضد الطلاب الإرهابيين (هنا وصف الطلاب بالإرهابيين يقتضي تعريف الإرهاب والإرهابيين ومن تنطبق عليهم  هذه الأوصاف).
 
كذلك قالت الوفد: اليوم محاكمة مرتكبي مجزرة كرداسة.. 188 إخوانيا قتلوا 12 ضابطا وشرطيا ومثلوا بجثثهم.. (الصحيفة أصدرت الحكم على المواطنين الأبرياء بأنهم ارتكبوا الجريمة دون انتظار أحكام القضاء!).
 
غير بعيد، قالت الأخبار (في ثلاثة أخبار منفصلة): قوات التدخل السريع لن تشارك في فض المظاهرات.. تمشيط المدارس كل ساعة بحثا عن المفرقعات.. حراسة مشددة لمنزل قاضي المنيا.
 
القمة العربية ومحلب وحمدي
 
قامت صحف الخميس بتوزيع ما تبقى من جهد تحريري على تغطية تحركات رئيس وزراء الحكومة المؤقتة إبراهيم محلب، واختتام القمة العربية، وما صدر عنها من إعلان الكويت، وآخر تطورات التحقيق مع حسن حمدي المدير السابق للإعلانات في الأهرام، وغيرها من اهتمامات.
 
محلب بمحافظة صعيدية لأول مرة
 
قالت اليوم السابع: محلب يبدأ معركة تنمية الصعيد من منزل عبدالناصر.. رئيس الوزراء يتفقد مشروع قناطر أسيوط ويزور متضرري السيول بـ"البداري".. والمواطنون يطالبونه بالقضاء على الفساد والمحسوبية.. (هذه أول جولة لمحلب بمحافظة صعيدية منذ توليه منصبه).
 
ومن جهتها، قالت المصري اليوم: رئيس الوزراء في مسقط رأس عبدالناصر وأهالي البداري يستقبلونه بالمزمار.. تفقد مشروع قناطر أسيوط الجديدة.. وتعهد للأهالي بتوصيل مياه نظيفة.
 
ختام القمة العربية وإعلان الكويت
 
أبرزت صحف الخميس إعلان الكويت الصادر عن القمة العربية، وركزت على الجزئية الخاصة بمحاربة الإرهاب.. فقالت اليوم السابع: قمة الكويت ترفض ابتزاز الجماعات الإرهابية.. البيان الختامي يشدد على الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.. والقادة العرب يتعهدون بتوفير الدعم لدول الربيع العربي.
 
وقالت الشروق: قمة الكويت تدعو لاقتلاع الإرهاب.. ومصر تشكر الدعم العربي.
 
وقالت الوفد: القمة العربية تعلن الحرب على الإرهاب.. البيان الختامي يؤكد رفض ابتزاز الجماعات الإرهابية والعمل على تجفيف منابعها الفكرية والمادية.. توفير الدعم لمساندة دول الربيع العربي لإعادة بناء مؤسساتها وأنظمتها التشريعية.
 
وقالت الجمهورية: مصر تستضيف القمة العربية القادمة.. هيئة حاكمة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.. فيما قالت الأخبار: العربي: المصالحة فشلت والقمة نجحت.. العرب يدينون الإرهاب ويرفضون الابتزاز.. ومصر ترحب باستضافة القمة القادمة.
 
فيما قالت الأهرام: استضافة مصر القمة العربية المقبلة رسالة تضامن.. (كلام نسبته الجريدة لنفسها مع أن قائله هو الرئيس المؤقت عدلي منصور أمام القمة).
 
انفرادات واهتمامات
 
قالت الشروق: إحالة 919 إخوانيا بينهم  المرشد لـ"جنايات المنيا".. واتجاه لمحاكمتهم أمام "دائرة الإعدام".. المتهمون يواجهون اتهامات الإرهاب والقتل واقتحام المنشآت العامة بالمنيا وحرقها.. (الإحالة جاءت بقرار من النائب العام هشام بركات في قضيتين، بشأن أحداث العنف بمركزي العدوة وسمالوط بالتزامن مع فض اعتصامي رابعة والنهضة).
 
وقالت اليوم السابع: مليارات حسن حمدي قادته إلى الحبس الاحتياطي.. إسناده إعلانات لشركته وتضخم ثروته وتفاقم راتبه وتهربه من الضرائب.. فيما انفردت الوفد بخبر: قضاة الاستئناف يتهمون وزيرة التضامن بعدم الخبرة، وخبر: 10 قرى بالدقهلية تهدد بالعصيان.
 
كما انفردت الأخبار بالقول: أدلة جديدة لإدانة نظيف والعادلي في قضية اللوحات المعدنية.
 
وأخيرا، قالت الأهرام: الأندية فوق بركان الانتخابات (تشير إلى انتخابات أندية الأهلي والزمالك والزهور وسبورتنج والطيران التي تجري غدا).