في مقال كتبه
هيوغو ريفكيند لصحيفة "
التايمز" البريطانية تحت عنوان "أنظر إلى
الربيع العربي واليأس" جاء فيه "لم يمض أسبوع على كلام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري المتفائل الذي عبر فيه عن قرب استئناف المساعدات الأمريكية للنظام العسكري الحاكم في مصر"، وأن الإدارة الأمريكية "تريد مساعدة الحكومة الانتقالية في مصر على النجاح".
وعلق ريفكيند أن الطريقة التي تحدث فيها كيري كان متيقنة كرئيس في رواية من روايات "هالوين" كان المخلوقات الغريبة تتجهز كي تختطفه. ومن ثم جاءت القصة الكبيرة وهي حكم محكمة المنيا بإعدام 529 من مؤيدي الإخوان بتهمة قتل ضابط شرطة العام الماضي "خمسمئة وتسعة وعشرين، للموت، هل أكرر هذا، أعتقد أنه يجب علي فعل هذا، لقد حكموا على 529 شخصا بالموت" مضيفا أن هذا الرقم كبير جدا. مشيرا أنه بمعايير المنطقة التي تشهد تظاهرات يظل ضخما، ففي البحرين التي تشهد حالة من عدم الاستقرار فعدد الذين قتلوا في المواجهات والتظاهرات لا يتجاوز خمس هذا العدد. وفي ليبيا كانت حصيلة القتلى في بداية الحرب قريبا من هذا العدد أو أقل. في الوقت الذي حاولت فيه قوات القذافي استعادة بنغازي مما دفع مجلس الأمن لفرض حظر جوي على ليبيا وتدخل الناتو. وحتى في سوريا كان العدد مثل هذا قبل أن تبدأ قوات بشار الأسد حملة جنونية وأصبح العدد مكونا من ستة أرقام.
ويقول الكاتب إن المحاكم في مصر مغرمة بإصدار أحكام الإعدام مع أنها لا تنفذها، وهو أمر حميد. مشيرا إلى أن الاتجاه الذي تتخذه مصر منذ الإطاحة بالرئيس مرسي المزعج نوعا ما، هو نحو الأسوأ، ومن بين الذين رموا في السجون 20 صحافيا من صحافيي قناة الجزيرة. وتقدر منظمة غير حكومية عدد المعتقلين في السجون المصرية بحوالي 22.000 شخص "لا أعتقد أنني بحاجة لإعادة كتابة الرقم مرة ثانية، فقط حدق به لمدة قليلة".
ويضيف قائلا "لقد خربنا الوضع أليس كذلك؟ وعوقناه، ليس في مصر ولكن كل الربيع العربي ، لقد كان هناك جيل تدفق من أجل الحرية وانظر كيف انتهى، لا، ليس خطأنا أو قد يكون" ولكن الغرب ربما ساعد على توجيه الأمور باتجاه أفضل "انظر في أنحاء المنطقة فهي تشبه البوفيه الإسكندنافي أو مزة من الكوارث التي صنعتها السياسة الغربية". ففي ليبيا رمى الغرب القنابل من الجو أما سوريا فقد غسل الغرب يديه منها. وفي مصر حدث ما هو أسوأ. ففي البداية دعم الغرب الإطاحة بحكومة كان يحبها ولا يحبها الشعب المصري، وبعد ذلك دعم حكومة أحبها ولم يحبها الشعب المصري، وأخيرا دعم حكومة لا يحبها ويحبها المصريون، والأمر يعود لهؤلاء بأنهم لن يحبوا الحكومة ويطيحوا بها لصالح حكومة يحبونها. أما بالنسبة لتونس فالوضع قد يكون أحسن لكنها تحت المجهر. ويرى أن الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي لم تنفجر هي البحرين التي تدخلت فيها السعودية عسكريا، والذي يصفه بالتدخل الأجنبي العربي الناجح، صحيح أن القمع مستمر لكن الطرفين على ما يزعم يتحدثان معا.
ويرى الكاتب أن مشكلة الغرب ربما نبعت من إيمانه بفكرة تغيير الأنظمة، مع أنه حاولها في العراق الذي قتل فيه الشهر الماضي وحده 877 حسب مركز إحصاء جثث العراق . وتعلم الغرب الدرس وهو أن الغزو لا يحل المشكلة. وكما في ليبيا ومصر وسوريا ظلت الاستراتيجية تقوم على تدمير البنى القديمة لأن ما سيأتي سيكون أفضل منها، ولكن ما حدث هو فوضى وقوى مجنونة.
هذا لا يعني أن الكاتب لا يدعو أو يدعم الديمقراطية ولكن بناء الديمقراطية كان متأخرا مع انهيار هذه الأنظمة، مشيرا إلى أن بريطانيا أقامت علاقة لسبع أعوام مع نظام القذافي فكم مرة قامت بالضغط عليه لبناء مؤسسات، وظلت أمريكا تدعم الديكتاتور حسني مبارك ثلاثة عقود، وعندما بدأت تظاهرات ميدان التحرير أبدى البيت الأبيض موقفا وكأنه لا يؤمن بصناديق الانتخابات، وحتى هذا اليوم لدى أمريكا والغرب أصدقاء غير ديمقراطيين.
وينهي بالقول "لو علمنا الربيع العربي شيئا، أن الأمور قد تتدهور وتسوء وهي مشاكل الغد ولهذا يجب أن نركز على حل مشاكل اليوم".