حمل محللون وسياسيون فلسطينيون أن التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية في رام الله وإسرائيل يتحمل مسؤولية استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين على يد قوات الاحتلال الاسرائيلي في جنين، السبت.
وطالبوا بوقف التنسيق الأمني بين السلطة واسرائيل، معتبرين ذلك "عارا".
وكانت قوة إسرائيلية خاصة اقتحمت مخيم جنين، السبت، واغتالت ثلاثة شبان، وهم حمزة جمال أبوالهيجا 22 عاماً، قائد كتائب القسام في مخيم جنين، ومحمود هاشم أبوزينة 17 عاما، من سرايا القدس، ويزن محمد جبارين 23 عاما، من كتائب شهداء الأقصى.
واعتبر النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني النائب حسن خريشة إن عملية الاغتيال هي رسالة للفلسطينيين بأن المفاوضات مضيعة للوقت.
وأضاف خريشة لـ "عربي21" أن "المقاومة مستهدفة سواء أكانت بالضفة الغربية أم في غزة".
وأشار إلى أن تفاعل الناس مع تشييع الجثامين في جنين ومخيمها كان كبيرا جدا وأن الشعب الفلسطيني أراد أن يقول للسلطة أنهم يرفضون المفاوضات والتنسيق الأمني. وأنه لو لا التنسيق الأمني لما حدثت عملية الاغتيال.
وطالب خريشة من مفاوضي السلطة أن يكون لديهم رد حقيقي على ما جرى وأقلها برفض التنسيق الأمني.
وقال إن السلطة الفلسطينية سوف تواصل عملية المفاوضات وكذلك التنسيق الأمني حتى وإن لم تجني منها على شيء، لأن السلطة الفلسطينية رهنت نفسها بالمفاوضات دون سواها.
من جانبه ذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الفلسطينية د. عبد الستار قاسم أن هدف إسرائيل من هذه العملية ضرب المقاومة وكل المتمردين عليها.
وأضاف لـ"عربي21" أن "إسرائيل لا تلاحق البندقية العميلة والتي هدفها حماية إسرائيل من المقاومين، وإنما تلاحق الشرفاء من أبناء الشعب الفلسطيني الذين باعوا أنفسهم من أجل خدمة هذا الوطن".
وأشار قاسم إلى أن هذه العملية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد شبان فلسطينيين في مخيم جنين لن تؤثر على المفاوضات الجارية بين السلطة وإسرائيل.
وتابع قوله أن السلطة لم توقف المفاوضات حتى بعد أن قامت إسرائيل بقتل 1400 فلسطيني من غزة في حرب الفرقان، 2008-2009، وكذلك حرب إسرائيل ضد غزة في 2012، وها هي إسرائيل تصادر الأراضي وتنتهك حرمة المسجد الأقصى بشكل يومي، ومع كل ذلك لم تتأثر المفاوضات، فهل ستتأثر بمقتل 3 شبان؟!
وقال قاسم إن إسرائيل حولت كل موضوع المفاوضات بالتنسيق الأمني ولا شيء غير ذلك، وأن قوات الأمن الفلسطيني أصبحوا جنودا لإسرائيل لمحاربة المقاومين.
وفي سياق متصل قالت النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني سميرة الحلايقة إن هذه العملية جاءت ثمرة التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل.
وأضافت لـ"عربي21" إن " حمزة أبو الهيجا كان مطلوبا للأجهزة الأمنية الفلسطينية لمقاومته للاحتلال الإسرائيلي وقامت السلطة باقتحام مخيم جنين أكثر من 40 مرة لاعتقاله".
وأشارت الحلايقة إلى أن هذا التنسيق "بغيض ومعيب بحق فلسطين"، وأن السلطة تتحمل الجزء الأكبر من عملية الاغتيال، لأنها لم تقدم ضمانات لتدافع بها عن الشعب الفلسطيني.
وتابعت أن هذه العملية دليل على هدر الدم الفلسطيني، فقد قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة المفاوضات بين السلطة وإسرائيل 54 شخصا.
وأشارت إلى أن هذه العملية لن تؤثر على المفاوضات القائمة بين السلطة وإسرائيل لأن "مفاوضي السلطة لا يرون بديلا عنها".
وترى الحلايقة أن السلطة لا تستطيع أن تقرر وهي لا تملك القرار، فعندما يأتي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للمنطقة تهرع السلطة، ولا ترد له طلبا، ولكن السلطة تمتنع عن اتمام المصالحة التي نادت بها حماس تكرارا ومرارا.
وأضافت أن اليوم هو ذكرى مرور عشر سنوات على استشهاد الشيخ المؤسس أحمد ياسين وهي ذكرى حزينة تمر علينا ونهر الدماء ما زال يسير.
وأشارت إلى أن هؤلاء الشباب الذين قضوا في سبيل قضيتهم العادلة إنما يسيرون على درب أولئك القادة العظام من أمثال الشيخ أحمد ياسين والشقاقي وأبو علي مصطفى وغيرهم، والذين كانوا متمترسين خلف المقاومة.
واعتبر النائب في المجلس التشريعي ابراهيم دحبور ضخامة المشاركة في التشييع اليوم استفتاء شعبي على تأييد ودعم نهج
المقاومة والمواجهة مع الاحتلال،مشيراً إلى تنوع الفصائل التي ينتمي لها الشهداء (القسام والسرايا والأقصى) وهو الأمر الذي "ساهم بشكل لافت في حجم المشاركة الواسع.".
ولفت دحبور في حديثه لـ"عربي21" إلى رمزية الشهيد حمزة، كونه ابنا للأسير القائد جمال أبو الهيجا المحكوم بتسعة مؤبدات ودوره المميز في معركة
مخيم جنين وقيادته للعمل المقاوم ضد الاحتلال، إضافة إلى كونه شقيقا لأسيرين (عماد وعبد السلام).
وقال إن "أبناء الشعب
الفلسطيني سئموا من نهج التفاوض ومسيرة التنازلات والصراعات الداخلية، فوجدوا في المشاركة بجنازة الشهداء متنفسا للتعبير عن غضبهم ورفضهم لهذا النهج الذي يستمر رغم دفق الدماء التي تسيل كل يوم وفي كل مكان من فلسطين".
وانتقد دحبور غياب المؤسسة الرسمية الفلسطينية عن جنازة الشهداء، سواء أكانت المحافظة أو الشرطة أو الأمن الوطني، وقال أن الغياب "ساهم في زيادة شقة التباعد بينها وببن أبناء شعبها"، وتابع:"غياب المؤسسة الرسمية عن هذه المناسبة والعرس الوطنيين، لم يكن مبررا على الإطلاق، بغض النظر عن الخلافات الداخلية، فمن واجب السلطة أن تحتضن أبناءها وتحميهم من بطش الاحتلال، أما أن تعجز عن حمايتهم، وفي الوقت ذاته تغيب عن مشاركة ذويهم وفصائلهم عرس وداعهم، فهذا غير مقبول، ولا يخدم المصلحة الوطنية، ويساهم في زيادة الاحتقان والغضب".
وقال إن الجنازة شكلت "مثالا واقعيا لإمكانية تحقيق الوحدة الوطنية وإنجاز المصالحة وتوحيد الجهود، وأرسلت برسالة مفادها، أن جميع ابناء الشعب الفلسطيني، وكل فصائله، مستهدفون من الإحتلال، فهو لا يفرق بين ابن المدينة أو القرية أو المخيم، ولا يفرق بين فتحاوي أو حمساوي أو جبهاوي أو جهادي، فالكل عنده سواء، ودم الجميع مستباح ما دام فلسطينيا".
يذكر أن القائد القسامي جمال أبو الهيجا والد حمزة محكوم بتسعة مؤبدات، وابناه عبد السلام وعماد الدين رهن الاعتقال الإسرائيلي، وها هو اليوم حمزة شهيدأ بعد مطاردة من الاحتلال والسلطة لسنوات.