لا تنفك دعوات مقاطعة البضائع
الإسرائيلية والأمريكية تطفو على السطح بين فينة وأخرى، تبعاً للتطورات على الأرض، كما لا تزال تشكل جدلاً بين مؤيد ومعارض، فمن قائل بأنها الوسيلة الأنجح إلى آخر يقول إنها لا تعدو أن تكون مجرد تعاطف لا يسمن ولا يغني من جوع.
الكاتب الأردني والناشط في مقاومة التطبيع، الدكتور هشام البستاني، قال "إن
المقاطعة لداعمي الكيان الإسرائيلي، بدأت شعبيتها منذ عام 2002 وقت الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين.. كان هناك حملات مقاطعة من جميع الدول العربية".
وفي الأردن بحسب البستاني، طلبت شركة "بيبسي" من الحكومة الأردنية رفع الضرائب على المنتجات الغازية المستوردة من سوريا، حتى لا تكون بديلا عنها، فالشركات تتأثر عند فقد حصتها السوقية في البيع.
وتابع لـ"عربي 21": "نأمل من المنظمات التي تسعى لتفعيل دور المقاطعة، أن تعمل بشكل تراكمي حقيقي يؤثر بشكل أكبر، لأن هذا يضعف
اقتصاد إسرائيل القائم على المساعدات".
كما تلعب مؤسسات المجتمع المدني دوراً مهماً في توجيه المقاطعة الشعبية كالنقابات المهنية والجمعيات المحلية.
العضو في لجنة مقاومة التطبيع النقابية في الأردن، علاء برقان، قال "إن موضوع المقاطعة له شقان؛الأول، مرتبط بنا كأشخاص، أما الشق الثاني، فمرتبط بتأثيرنا على الآخرين".
وتابع برقان لــ "عربي21": "نحن ننتظر عندما نقاطع تأثيرا مباشرا، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها".
ولفت إلى أنه لو لم تؤثر المقاطعة، لما أُغلق مجمع النقابات المهنية في الأردن عندما أحرق البضائع الصهيونية والأمريكية في إحدى فعالياته.
ويعتبر بعض المختصين الوطن العربي ممراً لتسويق البضائع الإسرائيلية، بل وتصديرها للدول الأوروبية أحياناً.
أما من وجهة نظر الناشط السياسي في الأردن، علي الضلاعين، فإنه يرى أن الوطن العربي يشكل سوقاً خلفية للبضائع الصهيونية، بسبب وجود ما يقارب الـ 300 مليون عربي يعيشون في المحيط الإسرائيلي، بالتالي فإن الكيان الإسرائيلي يعتمد على الاتفاقيات السلمية، والاتفاقيات الخفية، ولا يمكنه عدم الاستفادة من السوق العربي الاستهلاكي.
وأضاف الضلاعين لـ "عربي21" أن المقاطعة إحدى الأسلحة الفتاكة، التي يمكن للعرب استخدامها، لتشكيل الضغط على الشركات التي بدورها ستضغط على حكوماتها، حول تعاطيهم مع القضية الفلسطينية، والقضايا العربية.
الصحفي الأردني، عصام مبيضين، قال: "على جميع الشعوب دراسة خياراتها في مقاطعة هذه الدول التي تدعم الجيوش ضد العرب والمسلمين، لأننا لو دققنا، لوجدنا تاريخيا أنها هي من زرعت الغاصب في أرضنا، ويجب علينا مقاطعة كل أعدائنا، وأن نتعاون مع الذين لم يلحقوا بنا الضرر، حتى نكون شعوبا لا تَنسى!" بحسب ما قال لـ "عربي21".
أما الناشط السوري محمد الإبراهيم، فقال لـ "عربي21": "إن أموال هذه البضائع تقوي جيوشهم، ومقاطعتي لهم تنبثق عن وازع ديني، عوضا عن دافع إنساني، وأعتقد أن المقاطعة مُجدية جداً إذا قام بها الجميع.
وتابع في حديثه لـ"عربي 21": "نحن شعب عاطفي يتفاعل ويتعاطف وقت الأزمات فقط".
من جهته قال الكاتب الأردني لـ "عربي21"، حمادة فراعنة: "إن استعمال وتوظيف العامل الاقتصادي، من أجل مواجهة السياسة الأمريكية في العالم العربي، شيء لا بد منه، وهو يحقق نتائج على المدى البعيد، وهناك أمثلة لدول رضخت للمقاطعة الاقتصادية مثل: جنوب إفريقيا، وإيران".
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أثار الموضوع جدلاً بين مؤيد ومعارض.
فرأت "مروة الفواعير"، أن المقاطعة تؤثر ولو بشكل قليل مشيرة إلى "الخسائر العظيمة التي لحقت بالدنمارك فترة الرسوم المسيئة للرسول الكريم".
أما عبد الرزاق جانم، فكان له رأي مغاير فهو ضد المقاطعة لأسباب عدة، منها أن الحكومة تستورد من الدول المفترض مقاطعتها، كما أنه لا يوجد بديل محلي مرضٍ، ولا يوجد تنظيم جيد.
وقالت ربى حجازي لـ"عربي 21": "لا أجد معنى للمقاطعة خصوصا حين نتحدث عن أميركا، لماذا أريد أن أضعف اقتصادها؟ بماذا يفيدني ذلك؟.. من الممكن أن أصنع سلعة أفضل، وأنافس بها، لكن أن أقاطع سلعتهم لأشتري سلعة أسوأ، أشعر أنه لا طائل من ورائه".
وأظهرت أرقام غير رسمية حجم الخسائر الفعلية للشركات الأمريكية بالمنطقة العربية نتيجة لحملة المقاطعة الشعبية خلال شهر أبريل 2002 فقط حوالي 250 مليون دولار، وذلك كرد فعل شعبي عربي على موقف الولايات المتحدة الداعم لإسرائيل.
فيما نشرت مجلة "الزمن" الكويتية في تقرير لها: إن خسائر مطاعم الوجبات السريعة بلغ الـ 50%.
وأشارت إحصائيات رسمية نشرتها الصحف البريطانية والأمريكية إلى حجم كبير من الخسائر التي أوقعتها المقاطعة المنطلقة مع بدء اندلاع الانتفاضة، ما دفع مطاعم الوجبات السريعة على سبيل المثال، لاتخاذ خطوة للتقليل منها، باستدرار عاطفة الشعوب العربية من خلال إعلانها تخصيص 18 بنسًا من كل وجبة للمستشفيات الفلسطينية.
وقدر خبراء وباحثون في الشأن الإسرائيلي، أن تتجاوز الخسائر السنوية لإسرائيل بسبب المقاطعة الأوروبية لها ولمستوطناتها، أكثر من 8 مليارات دولار سنويا، يرافقها فصل قرابة 10 آلاف عامل من داخل إسرائيل والمستوطنات معا.