توعدت رئيسة جمهورية أفريقيا الوسطى سامبا بانزا، الأربعاء، بشن "الحرب" على ميليشيات "انتي بالاكا" التي تكثف تجاوزاتها ضد المدنيين المسلمين، ما يهدد بتقسيم البلاد وتعتبره باريس الحليف الرئيس لبانغي غير مقبول.
وقالت الرئيسة بالسانغو، أمام سكان مبايكي أثناء زيارة قامت بها برفقة وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان "سنشن الحرب ضدهم"، في إشارة إلى ميليشيات الدفاع الذاتي المسيحية "انتي بالاكا" (ضد السواطير)، مضيفة "أنهم يعتقدون أنني ضعيفة لأنني امرأة. لكن الأن فإن الانتي بالاكا الذين يريدون القتل سيلاحقون".
وهذه التصريحات الهجومية تردد صدى تلك التي أدلى بها في الأيام الأخيرة لودريان وقائدا القوتين الفرنسية والأفريقية في أفريقيا الوسطى اللذين استهدفا مباشرة الميليشيات وعصابات النهب التي تعيث فسادا مع الافلات من العقاب.
وتابعت سامبا بانزا أن "الانتي بالاكا فقدوا معنى مهمتهم. أنهم هم الذين يقتلون وينهبون ويسرقون. هل ذلك أمر طبيعي؟"، لكنها رفضت عبارة "
التطهير الاتني" التي استخدمتها منظمة العفو الدولية لوصف الأزمة. وقالت في هذا الصدد "لا أعتقد أن هناك تطهيرا طائفيا أو اتنيا. إن الأمر يتعلق بمشكلة إنعدام الأمن".
وقد غرقت جمهورية أفريقيا الوسطى في حالة من الفوضى منذ الانقلاب العسكري الذي قاده في اذار/ مارس 2013 ميشال دجوتوديا زعيم ائتلاف متمردي سيليكا الذي يضم غالبية من المسلمين.
واضطر دجوتوديا الذي أصبح رئيسا إلى الاستقالة في العاشر من كانون الثاني/ يناير لعجزه عن منع عمليات القتل بين ائتلاف سيليكا السابق وميليشيات الدفاع الذاتي المعروفة باسم "انتي بالاكا" (ضد السواطير) وغالبية أفرادها من المسيحيين.
وبدا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون متأثرا، الثلاثاء، ازاء خطر تقسيم محتمل للبلاد بعد أشهر من اعمال العنف الدينية.
وقال إن "التعصب الوحشي بدأ يغير ديموغرافية البلاد، وجمهورية أفريقيا الوسطى تواجه خطر التقسيم بحكم الأمر الواقع".
وقد سبق وعبر مسؤولون سابقون في سيليكا علنا عن رغبتهم في الانفصال من التخوم الشمالية الشرقية للبلاد المأهولة بغالبية من المسلمين والخارجة منذ سنوات عن سيطرة الدولة التي باتت في حالة شبه إفلاس دائمة.
ورد وزير الدفاع الفرنسي مؤكدا "لا أحد سيقبل بأي تقسيم. يجب منعه قطعا".
وأضاف "بالنسبة لفرنسا لا يوجد ولن يكون هناك سوى أفريقيا وسطى واحدة، ورئيسة دولة واحدة. وأي محاولة للتفكير بغير ذلك سيلقى معارضة
فرنسا ومعارضة المجتمع الدولي".
وأبدت سامبا بانزا من جهتها "ارادة حازمة بعدم التخلي عن شبر واحد من اراضي
افريقيا الوسطى التي كانت دوما موحدة وعلمانية".وهي المرة الثالثة التي يزور فيها لودريان أفريقيا الوسطى منذ بدء العملية العسكرية الفرنسية "سانغاريس" في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر.
وفي برازافيل، شدد لودريان لهجته، الثلاثاء، حيال الميليشيات التي تعيث فسادا في جمهورية أفريقيا الوسطى مؤكدا ان القوات الدولية مستعدة لوضع حد لهذه التجاوزات "ولو بالقوة ان لزم الأمر".
وقال الوزير الفرنسي حينها "يجب أن تتوقف كافة الميليشيات التي ما زالت اليوم تقوم بتجاوزات وعمليات قتل"، طالبا من القوات الفرنسية والأفريقية في أفريقيا الوسطى "تطبيق قرارات الامم المتحدة ولو بالقوة عند الضرورة".
وتعمل القوات الفرنسية والأفريقية (ميسكا) تحت رعاية
الأمم المتحدة التي منحتها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي تفويضا يجيز لها استخدام القوة في حال واجه السكان المدنيون تهديدا مباشرا.
وحتى الأن لم تتوصل القوات الأجنبية من وضع حد لأعمال العنف الدامية وعمليات النهب في البلاد.
وتعد ميسكا حاليا 5400 رجل -من اصل 6000 وهو العديد المقرر- مدعومة من 1600 جندي فرنسي.
واعتبرت منظمة العفو الدولية أن تجاوزات هذه الميليشيات بحق المدنيين المسلمين الذين يشكلون أقلية ترقى إلى مصاف "التطهير الاتني".
وكتبت العفو الدولية أن "جنود القوة الدولية لحفظ السلام لم يتوصلوا إلى منع التطهير الاتني للمدنيين المسلمين في غرب جمهورية أفريقيا الوسطى"، ودعت المجتمع الدولي "إلى الوقوف في وجه سيطرة ميليشيات الانتي بالاكا ونشر قوات بعدد كاف في المدن التي يواجه فيه المسلمون تهديدات".
وذكرت المنظمة المدافعة عن حقوق الإنسان حالة بوسيمتيليه حيث خلف هجوم نفذه عناصر الانتي بالاكا "أكثر من مئة ضحية في صفوف السكان المسلمين" في 18 كانون الثاني/ يناير.
وأضافت العفو الدولية أن "ميليشيات انتي بالاكا تشن هجمات عنيفة بهدف القيام بتطهير الانتي للمسلمين في جمهورية أفريقيا الوسطى"، وانتقدت "الرد الخجول جدا من المجتمع الدولي"، معتبرة أن "القوات الدولية لحفظ السلام تبدو مترددة في مواجهة ميليشيات انتي بالاكا".
وبحسب الأمم المتحدة فان 1,3 مليون شخص، أي أكثر من ربع سكان أفريقيا الوسطى يحتاجون لمساعدة غذائية فورية وبخاصة في مخيمات النازحين التي يتكدس فيها أكثر من ثمانمائة ألف شخص، أي أكثر من نصف سكان بانغي.
وباشر برنامج الاغذية العالمي، الأربعاء، تنظيم جسر جوي بين دوالا بالكاميرون وبانغي لنقل 1800 طن من المواد الغذائية إلى 150 الف شخص طيلة شهر كما أعلنت هذه الوكالة الاممية.
وقال المتحدث باسم بام الكسي ماسياريلي "انها عملية استثنائية، أكبر عملياتنا الجوية الطارئية منذ زمن بعيد، أكبر من (العمليات) إلى سوريا أو الفيليبين". لكنه حذر من أن "ذلك سيكون بالون أوكسجين لكنه لن يحل المشكلة".