بعد عقود من الانقسامات في صفوف
اليسار بالمغرب، أعلنت ثلاثة
أحزاب يسارية عن تأسيس "
فيدرالية اليسار الديمقراطي".
وتضم "الفيدرالية" كلا من "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، و"حزب المؤتمر الوطني الاتحادي"، و"الحزب الاشتراكي الموحد"، وهي ذات الأحزاب التي سبق لها الانخراط في تحالف أسموه "اليسار الديمقراطي".
وقالت الأحزاب الثلاثة في تصريح إعلامي أرسل لوسائل الإعلام إن البرنامج السياسي لـ"الفيدرالية" يرتكز على تصور ومحاور محددة، من بينها "استحضار البعد المؤسساتي في النضال الديمقراطي، والانطلاق مما راكمه تحالف اليسار الديمقراطي من تجربة نضالية مشتركة واستعداد كل مكونات الفدرالية بروح وعزيمة مشتركة، وخلق دينامية نضالية جديدة كفيلة بإعادة الأمل في التغيير، وذلك بالنضال من أجل انتخابات حرة ونزيهة".
وتستعد الأحزاب الثلاثة لتنظيم مهرجان مشترك في 23 آذار/ مارس القادم تتويجا للمسار السياسي الذي انخرطت فيه هذه الأحزاب، والمحطات التشاورية التي قطعتها، قبل الإعلان عن ميلاد الفدرالية.
وفي لقاء عقد في الرباط للإعلان عن الخطوة، قالت الأمينة العامة لـ"الحزب الاشتراكي الموحد" نبيلة منيب إن برنامج تحالفهم يتضمن نقاطا من قبيل "استحضار البعد المؤسساتي في النضال الديمقراطي، وذلك بالنضال من أجل انتخابات حرة ونزيهة، وإصلاح التعليم إصلاحا عميقا، وتحديث الثقافة الوطنية ودعمها استنادا إلى هويتها العربية الإسلامية الأمازيغية المنفتحة".
وأضافت نبيلة منيب أن البرنامج يهدف كذلك لـ"فتح جسور التواصل والعمل المشترك مع كل القوى اليسارية والديمقراطية في المنطقة المغاربية والعربية من أجل ترسيخ البناء الديمقراطي، وصيانة حقوق الإنسان بالبلاد".
ويشار إلى أن منيب لم تحظ باستقبال ملكي عقب انتخابها على رأس قيادة حزبها في كانون الثاني/ يناير 2012، كما شأن أغلب رؤساء الأحزاب. وهي تطالب بملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم.
وقالت الأمينة العامة لـ"الحزب الاشتراكي الموحد" إن برنامج الفيدرالية يجعل من أولوياته "محاربة اقتصاد الريع والمصالح والامتيازات وتوفير مقومات اقتصاد قوي". وأوضحت أن "فيدرالية اليسار الديمقراطي" تتجاوز معيقات الشكل التنسيقي الذي تم الاشتغال به منذ سنة 2007 في إطار تحالف اليسار الديمقراطي، وذلك لسماحها لكل حزب من الأحزاب المنضمة بالاحتفاظ بشخصيته القانونية وأنظمته السياسية وأجهزته الوطنية والمحلية، مشيرة إلى أن الفيدرالية تنفرد بالتقرير والتدبير في ثلاث نقاط، تتمثل في "المسألة الدستورية، والمسألة الانتخابية، وقضية الوحدة الترابية للمملكة".
ويتضمن برنامج الفيدرالية كذلك، وفق التصريح الصحفي، "فتح جسور الحوار والتواصل والعمل المشترك مع كل القوى اليسارية والديمقراطية في المنطقة المغاربية والعربية من أجل دفع البلاد في اتجاه بناء
الديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان، والمساهمة الفعالة في نضال قوي والتحرر العالمي والحركات الاجتماعية والاحتجاجية من أجل مواجهة تحديات العولمة الليبرالية، وحماية البيئة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها وصيانة سيادتها في مقدمتها الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة عاصمتها القدس ورجوع اللاجئين ومواجهة المشروع الصهيوني الاستيطاني ومناهضة التطبيع...".
يذكر أن الأحزاب الثلاثة تعتبر أن المصادقة على البرنامج السياسي والتنظيمي لفدرالية اليسار الديمقراطي "محطة هامة في طريق التقدم نحو إعادة بناء اليسار
المغربي، وتشكيل جبهة ديمقراطية سياسية، قادرة على ترجيح ميزان القوى لصالح بناء مجتمع ديمقراطي حداثي".
وعرف اليسار المغربي، ومنذ أول حزب يساري (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية) سنة 1959، انقسامات وصراعات أفضت إلى ولادة أكثر من عشرة أحزاب بخلفية يسارية، وتباعدت المسافات بينها بسبب الموقف من النظام الملكي بين مطالب بإسقاطه في أكثر من مناسبة كحزب "النهج الديمقراطي القاعدي" وبين موال للملكية كالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما حدث التباعد كذلك بسبب الصراع حول المناصب والمسؤوليات الحكومية.
ويُرجع مراقبون خطوة محاولة اليسار المتكررة للتجمع في فيدراليات وتحالفات وتكتلات لمواجهة ما يعتبرونه مدّا إسلاميا و"ظلاميا" يتجذّر داخل المجتمع ويتبوأ الصدارة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية أو الاحتجاجية وغيرها. إلا أنه وباستثناء هذه الفدرالية وعودة الحزب العمالي لأحضان حزب الاتحاد الاشتراكي بعدما غادره لسنوات؛ لم تحقق المحاولات الأخرى أي نجاح يذكر.