انتهت الجولة الأولى من المفاوضات بين النظام السوري والمعارضة في جنيف دون أي نتيجة. وبينما أكد الوفد المفاوض للمعارضة أنه سيعود إلى جنيف في العاشر من الشهر القادم، أعلن المبعوث الدولي الاخضر
الإبراهيمي أن وفد النظام السوري أنه بحاجة للتشاور مع قيادته قبل اتخاذ قرار بشأن عودته.
من جهته، قال رئيس
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية أحمد الجربا إن الغرب سيواصل "تسليح" المعارضة طالما استمر "عدوان" النظام.
وقال الجربا في كلمة ألقاها بعد انتهاء الجولة الاولى من المفاوضات بين وفدي المعارضة والنظام: "ربطنا سلفا حضورنا
جنيف2 بتوفير وسائل الدفاع عن شعبنا على الارض. أطمئنكم بأن تعهدات الدول اصبحت نافذة وبدأت وتيرة دعم ثوارنا بالتصاعد كما سمعتم في الايام القليلة الماضية"، في اشارة واضحة الى ما اوردته وكالة انباء "رويترز" قبل ايام عن "قرار سري" اتخذه الكونغرس الاميركي بتسليح "المعارضة المعتدلة" في سورية.
وأضاف: "كلما ازداد النظام مراوغة وتهربا من الالتزامات التي جئنا بناء عليها الى العملية السياسية في جنيف2، سيزداد التسليح الدفاعي لثوارنا المدافعين عن عرضنا وكرامتنا كما ونوعا حتى يلتزم النظام بحرفية جنيف1 الذي يمهد الى تجريد بشار الاسد من كل صلاحياته تمهيدا لعزله ومحاسبته".
وتابع الجربا: "عندما يتوقف نظام الاسد عن العدوان على شعبنا بالدبابات والطائرات والصواريخ والبراميل، وقتها يمكنه المطالبة بوقف دعمنا بوسائل الدفاع عن النفس".
وعن نتيجة الايام السبعة من التفاوض، قال الجربا في كلمته التي ألقاها أمام الصحفيين في فندق في جنيف: "باستثناء موافقتهم المبدئية على مرجعية جنيف1، لا يمكن الحديث عن اي التزام جدي من قبل ممثلي الاسد".
ولفت الجربا إلى أن النظام السوري اتّخذ من فك الحصار عن بعض المناطق وإطلاق سراح المعتقلين ورقة تفاوض في "جنيف 2".
من جهته، حمّل وزير الخارجية السوري وليد
المعلم المعارضة السورية والولايات المتحدة، مسؤولية فشل الجولة الأولى من المفاوضات.
وقال المعلم في مؤتمر صحفي عقده الجمعة: "آسف لعدم التوصل إلى نتائج ملموسة خلال أسبوع من الحوار".
وزعم أن السبب الأول لفشل المفاوضات "عدم نضج وجدية الطرف الآخر وتهديده بنسف الاجتماع اكثر من مرة، والتعنت على موضوع واحد كما لو اننا قادمون لساعة واحدة نسلمهم فيها كل شيء ونذهب". وأضاف: "هذا يدل على عدم النضج وعلى الاوهام التي يعيشونها".
اما السبب الثاني الذي تحدث عنه المعلم، فهو "الجو المشحون والمتوتر الذي أرادت الولايات المتحدة ان تغلف به اجتماع جنيف، وتدخلها السافر في شؤون الاجتماع، وتحديدا بتسيير الطرف الآخر وصولا الى قرار التسليح" الذي اتخذه الكونغرس الامركي.
وكان يشير الى تقرير اوردته وكالة انباء "رويترز" يتحدث عن "قرار سري" للكونغرس الاميركي بتسليح "المعارضة المعتدلة" في سورية.
وشنّ المعلم هجوماً عنيفا على وفد المعارضة، معتبراً أن الائتلاف السوري "لا يمثل سوى جزءا بسيطاً من المعارضة، وهو لا يملك ثقلاً على الأرض في سورية"، مطالباً بدعوة شرائح أوسع من المعارضة في جولات المفاوضات القادمة، رغم قوله "طلبنا بسيط وواضح وهو مكافحة الإرهاب ولا يوجد معارضة معتدلة وإنما إرهابيون".
كما شن هجوماً على الولايات المتحدة عندما قال: "نستغرب أن تقوم أمريكا بدعم العراق في قتال داعش (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)، في الوقت الذي تمد التنظيم وجبهة النصرة بالسلاح لقتل السوريين"، وفق قوله.
وحول موقف النظام السوري إزاء المشاركة في الجولة الثانية من المفاوضات، التي اقترح وسيطها الأخضر الابراهيمي يوم 10 شباط/ فبراير المقبل موعداً لها، أوضح المعلم أن بشار
الأسد والحكومة السورية هما من سيقرر حضور الجولة الثانية، "وفق مصلحة الشعب السوري"، كما قال.
واعتبر المعلم أن وثيقة بيان "جنيف 1" التي تطالب المعارضة والمجتمع الدولي بمناقشة تطبيقها، "وضعت دون حضور السوريين، كما أنها لم تذكر مقام الرئاسة"، في إشارة إلى عدم نصها على وجوب تنحي الأسد عن منصبه. ورأى المعلم أن "الشعب السوري هو من يقرر من يقوده".
وحول تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تعد إحدى بنود وثيقة "جنيف 1"، وطالبت المعارضة مناقشته أولاً خلال الجولة الأولى من المفاوضات، علّق وزير خارجية النظام أن سورية "لديها دستور وقيادة وحكومة ومؤسسات، ولذلك فهم جاهزون لمناقشة ذلك شريطة معرفة هوية الطرف الآخر، هل هو سوري أم لا؟"، على حد قوله.
وعن فك الحصار من قبل قوات النظام السوري عن بعض أحياء حمص الذي احتل اليومين الأولين من المفاوضات، قال المعلم: "الحكومة جاهزة لإخراج النساء والأطفال ومن يريد من المسلحين أن يسلّم نفسه"، حسب تعبيره.
واعتبر أن عدم دعوة إيران لحضور مؤتمر "جنيف 2" كان خطأ كبيراً لأن ذلك يعد تجاهلاً لدورها الكبير في المنطقة، كما دافع عن حزب الله اللبناني، وقال إنه يدافع عن نفسه بـ"طريقة استباقية"، في إشارة إلى قتاله إلى جانب قوات النظام السوري ضد قوات المعارضة داخل الأراضي السورية.
وأعلن الأخضر الابراهيمي المبعوث الأممي والعربي المشترك إلى سورية، في وقت سابق الجمعة، اختتام الجولة الأولى من المفاوضات المباشرة بين وفدي النظام السوري والمعارضة في إطار مؤتمر "جنيف 2" بدعم أمريكي روسي، والتي بدأت الجمعة الماضية.
وفي مؤتمر صحفي عقده في جنيف في سويسرا، قال الابراهيمي إن المفاوضات "لم تحقق أي تقدم يذكر في أي من الملفات التي تناولتها"، مشيراً إلى أنه اقترح العاشر من الشهر القادم المقبل موعداً لعقد الجولة الثانية من المفاوضات. ولفت إلى أن وفد المعارضة وافق على الموعد في حين أن وفد النظام لم يعلن موافقته قبل التشاور مع قيادته.
وسعى الإبراهيمي خلال جولة التفاوض من أجل التوصل إلى إحراز أي تقدم في مهمة يصفها دبلوماسيون بأنها "مستحيلة".
وأعد الإبراهيمي قائمة بعشر نقاط بسيطة شعر بأن الجانبين متفقان عليها في المحادثات، وقال إنه يعتقد أن هناك أساسا مشتركا أكبر مما يعترف به الطرفان.
ولكن لم يتزحزح أي من الجانبين قيد أنملة عن مواقفهما الرئيسية: فالمعارضة تريد أن تركز المحادثات على الحكومة الانتقالية التي تقول إنها ستبعد الأسد عن السلطة، ويريد النظام التركيز على محاربة "الإرهاب". وهي الكلمة التي تستخدمها للإشارة إلى خصومها المسلحين. وبدلا من أن يبدأ بمناقشة "جنيف1" الذي عُقد على أساسه "جنيف2" قدم وفد النظام ورقة قال عن مكافحة الإرهاب ووحدة سورية وقضايا أخرى. وعندما رفضها وفد المعارضة بشدة، قال إنه يريد مناقشة "جنيف1" بندا بندا على أن يبدأ بمناقشة بند "الإرهاب". ووافق وفد المعارضة على ذلك معتبراً أن ما يقوم به النظام السوري هو الإرهاب. ما عكس هوة كبيرة بين الطرفين.
واعترف الإبراهيمي بأن التقدم بطئ بالفعل، لكنه قال إن الطرفين يشاركان على نحو مقبول.
ولم يتمكن الطرفان من تحقيق الأهداف الأكثر تواضعا مثل التوصل إلى اتفاق على دخول قوافل مساعدات إلى مدينة حمص المحاصرة، حيث مازال آلاف المدنيين محاصرين ولا يستطيعون الحصول على الطعام والدواء.
وقال الإبراهيمي إنه جرى بحث موضوع حمص بشكل موسع رغم أنه لم يتم احراز أي تقدم إلى الآن.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره لندن إن 1870 شخصا قتلوا في سورية أثناء المحادثات التي استمرت أسبوعا، ولقي 40 حتفهم لعدم القدرة على الحصول على الطعام والدواء في المناطق التي تحاصرها قوات الأسد.
ويقول دبلوماسيون إنه مع عدم تحقيق تقدم في قضايا الصراع يقول دبلوماسيون إن الأولوية الآن تنصب على الاستمرار في المحادثات أملا في تغير المواقف الجامدة بمرور الوقت.
وبدأ أول اجتماع بين الجانبين بكلمات متشددة وبدت المحادثات مرة تلو الأخرى عرضة للانهيار قبل ان تبدأ، مما جعل مجرد جلوس الجانبين في غرفة واحدة انجازا.
وتحدد وثيقة "جنيف1" الصادرة عام 2012 والتي أصبحت أساس المحادثات مراحل إنهاء الصراع، بما في ذلك وقف القتال وتوصيل المساعدات وتشكيل حكومة انتقالية تصر المعارضة على أن يستثنى منها الاسد.
وبدأت جلسة التفاوض الاخيرة الخميس ببادرة اتفاق نادرة عندما وقف الجانبان دقيقة حدادا على أرواح 130 ألف سوري قتلوا في الحرب.
وقال أحمد جقل عضو وفد المعارضة السورية في المحادثات لوكالة رويترز: "وقف الجميع حدادا على أرواح الشهداء. كان ذلك رمزا طيبا".