لا أؤيد العماد ميشال
عون في ما ذهب اليه من تعطيل لمسار تأليف
الحكومة لمصالحه من جراء عقود النفط المتوقعة، إذ لا يجوز لأي فريق أن يدفع بالبلاد الى مجهول تكاد تبلغه، ويمكن الحكومة الجامعة أن تخفف من وقعه بغطاء سياسي، ربما يحول دون الوصول الى التفجير الكلي.
لكن الحقيقة أن المداورة كذبة مضحكة، دفع بها أطراف في الحكم من أجل بلوغ جنة النفط الموعودة، بعدما أفرغت صناديق الجنوب والمهجرين والاغاثة التي توزعت على الطوائف الاسلامية سواسية، من دون أن يطال المسيحيين نصيب من خيرها. فلا أحد يراقب
مجلس الجنوب "الشيعي" في ما ينفقه على مشاريع، غالباً ما تكون غير مجدية ولا تفيد الا المحاسيب.
ومثله هيئة الاغاثة، التي تابعنا مآثرها في حرب تموز 2006 وما بعدها، اذ اخترعت متضررين للتعويض عليهم، حتى توازي عددياً ما بين المستفيدين السنة والشيعة، خوفاً من ان تذهب خيراتها الى زبائن مجلس الجنوب.
أما صندوق المهجرين، فحدّث ولا حرج، في جانبه الدرزي، وعدم المداورة على الوزارة التي تمسك به، بل تبديل أسماء وزراء من لون واحد، طوال ما يقرب من عشرين عاماً. في وقت كانت وزارة الخارجية لجماعة سوريا في لبنان، ومثلها وزارة المهجرين، وأيضاً وزارة المال التي ظلت حكراً على الفريق الأزرق منذ تولي الرئيس رفيق الحريري رئاسة الوزراء في العام 1992. وأيضاً وأيضاً، وزارة الصحة العامة التي ورثها الوزير علي حسن خليل عن وزير "حركي" أيضاً. ولم يتبدل شيء من هذا الواقع بعد زلزال الـ2005، اذ استمر تقاسم الحصص على حاله، لكن دخل عليه حليف جديد هو العماد ميشال عون، الذي منذ بلوغه ساحة تقاسم الجبنة اصطدم بكثيرين من أكلتها، واستمر النزاع الى اليوم.
اليوم المائدة غنية، والأكلة كثيرون، وملف النفط يفتح كل الشهيات. وشهادة للحق، فان الوزير جبران
باسيل أدى فيه قسطه للعلى، و"من حقه" أن يقطف ثمار جهوده، لكن الحق ايضاً أن "تكتل التغيير والاصلاح"، بما أعلن من أهداف ورؤى، يجب أن يكون قد وضع الأسس السليمة لإدارة هذا الملف بدل الاستئثار به.
معه حق العماد عون في حجب الموقع عن آخرين، يدرك تماماً أنهم سيستبيحون النفط في البر والبحر، لأن مآثرهم تدل عليهم، لكن الأكيد أيضاً أن حماية النفط تكون عبر مؤسسات رسمية، وليس عبر ضرب المؤسسات ومنع الاحتكار باحتكار مماثل، ورفض المداورة حماية لموقع وصهر.
ما هكذا يُحمى ملف النفط، لأن الوزير باسيل، أو غيره، لن يمضي كل عمره متربعاً في الطاقة، الا اذا كان الهدف موقتاً كما تروّج معلومات، و"من بعد حماري ما ينبت حشيش".
(النهار اللبنانية)