قدّر تقرير حقوقي عدد المعتقلين في سجون مصر منذ الانقلاب العسكري في 3 تموز /يوليو الماضي بـ 21 ألفًا و317 معتقلا من أنصار مرسي، دخل المئات منهم الشهر الجاري في إضرابات جزئية وكلية عن الطعام؛ احتجاجًا على ظروف الاعتقال.
ورصد التقرير، الذي أعدته "مؤسسة إنسانية"، ومقرها مدينة إسطنبول التركية، ما وصفه بـ"انتهاكات خطيرة" بحق المضربين، أبرزها "الإهمال الطبي"، و "انتهاك الحقوق القانونية"، و"التضييق على الزيارات"، وغيرها.
سلمى أشرف مسؤولة الملف الحقوقي بمؤسسة "إنسانية" استعرضت خلال مؤتمر صحفي بإسطنبول مساء الإثنين، بعض جوانب التقرير قائلة "يعاني المعتقلون في مصر من انتهاكات صارخة لكافة الحقوق المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. فمن الاعتقال التعسفي للضرب والإهانة والاحتجاز في أماكن غير مخصصة لذلك كأقسام الشرطة ومعسكرات قوات الأمن المركزي".
وأضافت "هذا فضلا عن كثرة أعداد المعتقلين في الزنزانة الواحدة بما يفوق احتمالها ومساحتها بأضعاف، فضلا عن التضييق عليهم في الزيارات، وحبس بعضهم في زنازين عزل انفرادي مصمتة بدون تهوية، ومنع الدواء والرعاية الصحية عن المرضى منهم، ما أدى لوفاة 12 معتقلاً بحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
وتابعت أن السلطات المصرية تعرقل معرفة أسر المعتقلين أماكن احتجاز ذويهم وتمنع المعتقل من لقاء محاميه بمعزل عن رجال الشرطة، مضيفة أنه "تم تسجيل عدد من حالات اعتقال تعسفي لنساء وأطفال للضغط على ذويهم لتسليم أنفسهم".
وذكرت سلمى أشرف أن شريحة الطلاب المعتقلين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 سنوات و24 سنة من طلاب المدارس والجامعات، تزداد يوما بعد يوم، ما يدفعهم لتأجيل الدراسة وخوض الاختبارات الدراسية. على حد قولها.
وحول الإضرابات قالت سلمى إن "هناك ما لا يقل عن 600 معتقلا بسجن وادي النطرون على طريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية (شمالا)، دخلوا في إضراب جزئي عن الطعام، بدءاً من يوم 4 يناير/ كانون الثاني، بالامتناع عن كافة صور التغذية عدا التمر واللبن والماء والعصائر، تم تصعيده لإضراب كلي، بالتزامن مع الاستفتاء على دستور 2013 الذي وضع بعد عزل مرسي وقاطعه مؤيدوه، الأسبوع الماضي".
وضم المؤتمر شهادات لعدد من ذوي المعتقلين، عبر برنامج سكايب (أحد برامج التواصل التفاعلية صوتا وصورة عبر الإنترنت)، من بينها، شهادة زوجة أسامة ياسين، وزير الشباب في عهد مرسي، وتدعى شيرين، والتي قالت "بدأ زوجي الإضراب احتجاجا على ظروف الاعتقال القاسية، وخاصة الزيارة التي باتت تتم عبر حاجز زجاجي وفي اتصال هاتفي تحت الرقابة".
وأشارت إلى أنه "رفض زوجي الزيارة بهذا الشكل، وتأثرت والدته جدا بذلك، حتى تدهورت حالتها الصحية ودخلت العناية المركزة، وهو نفس الأمر الذي تكرر مع والدة حسام أبو بكر (محافظ القليوبية في عهد مرسي) التي دخلت في غيبوبة خلال الزيارة لما عاينته من حال ولدها وما يتعرضون له من تعنت وتعسف".
إبراهيم عبد الرؤوف شقيق المعتقل محمد بسجن وادي النطرون، كشف أن شقيقه "تعرض للتعذيب، عندما رفض وكيل النيابة الاستماع لأقواله، فرد أخي: حسبنا الله ونعم الوكيل، فما كان من ضباط السجن إلا تعذيبه ووضعه طوال لمدة 24 ساعة مجردا من ملابسه في عز الشتاء في زنزانة مملوءة بالماء المثلج، وحلق شعره".
وتابع "نحاول رصد بعض الانتهاكات التي يتعرضون لها، ومن بينها أنه بعد تدهور حالات بعضهم صحيا بسبب الإضراب، كانوا يرسلون إليهم تمرجية (ممرضون) على أنهم أطباء، ويستعملون حقن مستعملة من قبل، ويهددونهم إذا لم ينتهي الإضراب سيكررون معهم مجزرة سيارة ترحيلات سجناء أبو زعبل، التي أستشهد خلالها 37 معتقلا".
وترجع وقائع حادثة "أبو زعبل" إلى آب/أغسطس الماضي بعد 4 أيام من فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني "رابعة العدوية"، و"النهضة"، حيث تم القبض على عشرات من المتظاهرين، وخلال قيام الشرطة بترحيلهم من قسم مصر الجديدة (شمال) إلى سجن "أبو زعبل" التابع لوزارة الداخلية في محافظة القليوبية، شمال القاهرة، توفي 37 منهم. وقالت الشرطة إنهم ماتوا اختناقا بعد إلقاء الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع عليهم خلال محاولة هروبهم، فيما حملت جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها مرسي، الشرطة المسؤولية عن وفاتهم.
وقال إبراهيم أن "20 من المضربين ساء وضعهم الصحي جدا مؤخرا، فاحتجزوهم بأحد عنابر المستشفى ورفضوا دخول المحامين لهم، ويساومونهم لتوقيع إقرارات أنهم مسئولون عن أي تدهور يصيب صحتهم، وحتى الآن هم محتجزون هناك في عنبر لا يوجد به سوى 6 أسرة فقط".
ولم يتسن الحصول على رد من السلطات في مصر على ما ورد في التقرير الحقوقي وشهادات ذوي المعتقلين، إلا أنها دأبت على نفي هذه الاتهامات، موضحة أن كافة المعتقلين لديها، هم سجناء على ذمة التحقيقات في قضايا "جنائية، مثل التحريض على العنف، وإثارة الشغب، والانضمام لجماعة إرهابية محظورة"، ووفق إجراءات قانونية سليمة، بإذن من النائب العام.