بدأ الثلاثاء
الاستفتاء على الوثيقة
الدستورية التي كتبتها لجنة "الخمسين" المعينة، في جميع محافظات
مصر، ويستمر الأربعاء، وذلك بعد انتهاء
تصويت المصريين في الخارج الإثنين، وسط أجواء من الحشد والحشد المضاد، وحملة واسعة من معارضي الانقلاب، تبنت المقاطعة الشاملة للمشاركة فيه، وصفة تلك الوثيقة بأنها وثيقة دم، وداعية من يؤيدها إلى غسل يده من دمائها، في إشارة واضحة إلى المذابح الواسعة التي ارتكبتها سلطات الانقلاب بحق رافضيه، ومؤيدي الشرعية، منذ حدوث الانقلاب الدموي، في الثالث من تموز/ يوليو 2013.
وبينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن نسبة التصويت في الخارج بلغت 95% لصالح"نعم"، بمشاركة نسبة 15% أي 103 ألف مقترع فقط من أصل 668 ألفا يحق لهم التصويت، ذكرت وكالة "الأناضول" أنه بمقارنتها بنسبة المشاركة في استفتاء عام 2012 علي الدستور الشرعي للبلاد يتضح أن نسبة المشاركة بلغت وقتها 42% ، وبموافقة قرابة 65%.
النور.. ومصر القوية
وفي حين دعا حزب النور -ذو التوجه السلفي، الذي أيد الانقلاب منذ بدايته حتي اللحظة- للمشاركة بـ(نعم) في الاستفتاء، وحشد كل قواعده لها، وعقد العديد من المؤتمرات، في المحافظات كافة، لتصب في هذا الاتجاه.. استبقت المعارضة استفتاء الثلاثاء والأربعاء، بشن حملة واسعة تدعو المصريين إلى مقاطعته.
وكان جاذبا للانتباه عدول حزب "مصر القوية" -الذي يرأسه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح السابق لرئاسة الجمهورية- عن موقفه السابق بإعلان مشاركته بالتصويت بـ(لا) في الاستفتاء إلى دعوته الاثنين إلى مقاطعة الاستفتاء، وعدم المشاركة نهائيا فيه، وذلك بعد اعتقال عدد من أعضائه، في أثناء دعوتهم المواطنين لمعارضة تلك الوثيقة الدستورية، بحسب "الأناضول".
ومن جهته، أعلن "التحالف الوطني لدعم الشرعية" مقاطعته للاستفتاء. ودعا الشعب المصري إلى عدم المشاركة في الاستفتاء على هذه الوثيقة "غير الشرعية"، التي جاءت على دماء آلاف المصريين، بحسب بيانه.
رفض عارم على "فيسبوك"
ونشط معارضو الانقلاب، في تسجيل مواقفهم الرافضة للاستفتاء على صفحاتهم في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وقالت نيفين ملك -الناشطة الحقوقية وعضو الهيئة العليا لحزب الوسط والقيادية بجبهة الضمير، على صفحتها بـ"فيسبوك" صبيحة الثلاثاء: "صوّتنا قبل عام على دستور 2012.. وقتها كنا فرحين، ونفتخر بلون الحبر السرى الأزرق، ولم نكن نتمنى أن يزول لونه من أصابعنا كعلامة فخر ومشاركة وطنية سواء صوتنا بحرية بنعم أو بلا.. وقتها كنا نملك حرية الاختيار فى فضاء حر.. لا وصاية فيه، ولا إرهاب، ولا تكميم للأفواه.. وبهذا المعنى كان الاستفتاء على الدستور تعبيرا حقا عن الإرادة الوطنية الحرة".
وأضافت نيفين أن"السؤال: هل في استفتاء الثلاثاء من يستشعر تلك الحرية، أو يمكن أن يجادل بأن الاستفتاء تم بشكل ديمقراطي بعيدا عن فوهات البنادق المصوبة إلى قلوب الناس وعقولهم، ودون فرية التفويض؟..الآن أعتقد أن كل من سيشارك فى وثيقة الدم عليه أن يغسل أصابعه ليس من حبر الاقتراع، ولكن من دم الشهداء".
وعلق المستشار وليد شرابي الناطق باسم حركة "قضاة من أجل مصر" على بدء الاستفتاء بقوله: "شارك وقل نعم يرضى عنك الرب.. شارك وقل نعم فهو واجب وطنى ودينى.. قمة الإسفاف السياسى من ممثلى الكنيسة، و رموز إسلامية فى مصر ".
وأضاف شرابي على صفحته بـ"فيسبوك": "شكرا لكل المؤسسات الأمنية التي جعلت الشارع يصل إلى درجة الاحتقان كتلك التي كانت سابقة على ثورة 25 يناير.. ولكن بعد كسر هذه المؤسسات من الثوار لا يظن أحد أن تسامح 25 كانون الثاني/ يناير سيسود مرة أخرى، أو أن أحدًا سوف يقبل من أفراد هذه المؤسسات أن يدعى أنهم أدركوا خطأهم، ولن يكونوا طرفا في صراع سياسى مرة أخرى.. كما كانت تدعي هذه المؤسسات بعد ثورة 25 يناير."
وعلى صفحته الشخصية بـ"فيسبوك" نشر الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الدكتور سيف عبد الفتاح العديد من الصور والمقولات التي تظهر إدعاء الانقلابيين بممارسة الديمقراطية، وفي مقدمتها مقولة لأحد النشطاء هي: "يعاني كثير من السياسيين في مصر حالة فصام في الشخصية تسمح لهم بأن يطالبوا بوضع دستور يقضي على فكرة الرئيس الملهم صباحا، ثم يضعون دستورا يقضي على فكرة الرئيس الملهم ظهرا، ثم يهللون للتخلص من فكرة الرئيس الملهم عصرا، ثم يذهبون إلى منزل الفريق السيسي في المساء لمطالبته بالترشح للرئاسة باعتباره الرئيس الملهم!".
وتابع عبد الفتاح متسائلا: هل المطلوب منا أن نصدق أن اعتقال 22 ناشطًا متلبسين بجريمة الدعاية المعارضة للدستور مجرد هوامش على المسار الصحيح.. عند قول الجناح -لا مؤاخذة- الديموقراطي: "إننا يجب أن ننظر للجانب الممتلئ من المزبلة، وإن المهم هو أن المسار بشكل عام يتجه نحو الديموقراطية بإقرار الدستور؟"
أما وزير الدولة الأسبق للشئون القانونية محمد محسوب، فدعا عبر صفحته بفيسبوك كذلك إلى مقاطعة الاستفتاء قائلا: "إنه استكمال لاستفتاء مبارك 2005 لإبقاء الشعب خاضعا، وسلبه ما استرده من حقوق بثورة يناير.. فقاطعوه كما قاطعه مصريو الخارج."
وأكد محسوب أنه "لن يختلف دستور الانقلاب عن قانون التظاهر، ولا رئيس انقلابي جديد عن المؤقت.. الشعب سيلقي بهم في متحف العار، وسيسترد إرادته، وحريته".
سلفيون يدعون للمقاطعة
على الصعيد الحزبي السلفي، وجه حزب "الأصالة" -ذو التوجه السلفي، في بيان رسمي له على صفحته الرسمية بفيسبوك- دعوة إلى "جموع شعب مصر لمقاطعة الاستفتاء على وثيقة الدم.. الذي حسم الانقلاب نتيجته مسبقاً لمخاطبة القوى الخارجية الداعمة للانقلاب بأنه على طريق الاستقرار ليستمر الدعم له؛ وهؤلاء الانقلابيون غير مهتمين بالشعب، وإرادته، وكرامته".
وأضاف الحزب في بيانه: "عن أي دساتير يتحدثون.. في ظل دولة بوليسية قمعية، وعن أي مدنية يتحدثون في ظل حكم عسكرى مستبد منذ 60 عاما، بل وانقلب على أول تجربة مدنية وليدة لم تتعد عامها الأول، إذ عادت دولة العسكر مرة أخرى فوق الدبابة، مصوبة بنادقها تجاه الشعب الأعزل."؟
فيما قال نائب رئيس حزب "الوطن" -ذو التوجه السلفي، يسري حماد، عبر صفحته بفيسبوك- إن "عدد قوات الجيش التي كانت تؤمن الاستفتاءات والانتخابات السابقة بلغ نحو 13 ألف جندي فقط بالإضافة إلى قوات الداخلية، الآن القوات المشاركة ستبلغ 170 ألف جندي بالإضافة إلى قوات الداخلية، وهو قوام جيش حرب كامل.. يعني استفتاء في أجواء الحرب، يشرف عليه العسكر، ويغيب عنه السياسيون".