لا زالت حلب المنطقة الأخطر على الصحفيين في
سورية منذ أكثر من شهرين، حيث تصاعدت عمليات خطف الصحفيين والناشطين الإعلاميين، فيما استمرت حالات قتل الصحفيين على يد قوات النظام السوري.
ووثقت رابطة الصحفيين السوريين، عبر لجنة الحريات الصحفية المعنية برصد وتوثيق
الانتهاكات بحق الإعلام في سورية، مقتل ستة صحفيين وناشطين إعلاميين خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر
2013 ليرتفع بذلك عدد ضحايا الإعلام إلى (226) إعلاميا منذ آذار/ مارس 2011. وحسب الرابطة، فقد قتل أكثر من نصف هؤلاء الإعلاميين خلال عام 2013.
وخلال كانون الأول/ ديسمبر، قتل ثلاثة إعلاميين في حلب، واثنان في ريف دمشق وآخر في درعا.
وحسب التقرير الشهري لرابطة الصحفيين السوريين، فقد قتل كل من: الإعلامي محمد خليل طه البرناوي (أبو خليل) في قصفٍ لقوات النظام السوري على مدينة دوما بريف دمشق، والناشط الإعلامي محمد الأشمر، الناطق باسم "نبض العاصمة" في عدرا بريف دمشق، والناشط الاعلامي مازن جركس (أبو البشر) خلال الاشتباكات بين كتائب الجيش الحر وقوات نظام بشار الأسد في حلب، والمصور ملهم بركات، الذي كان يعمل مع وكالة رويترز، أثناء تغطية المعارك عند مشفى الكندي في حلب، والناشط الإعلامي أحمد الحجي خلال قصف بالبراميل المتفجرة لطائرات النظام السوري على حي طريق الباب في حلب، والإعلامي إياد عبد الحميد العلوة (ابو بكر) أثناء تغطيته للمعارك قرب بلدة جاسم بريف درعا.
كما رصدت الرابطة مجموعة أخرى من الانتهاكات، منها اعتداء بالضرب واقتحام مراكز إعلامية في المناطق "المحررة" ونهب محتوياتها.
وقالت الرابطة: مع "استمرار قوات النظام السوري باستهداف الإعلاميين بالقتل والاعتقال والتعذيب، فقد شهدت الفترة نفسها التي يغطيها التقرير انتهاكات مُختلفة بحق إعلاميين في المناطق المحررة أيضاً، وهو ما يدفع برابطة الصحفيين السوريين إلى مطالبة جميع الكتائب والمجموعات المسلحة التي تبسط سيطرتها على المناطق المحررة إلى احترام حرية العمل الاعلامي والعمل على ضمان سلامة العاملين في مجال الإعلام، مع محاسبة كل المتورطين في الانتهاكات بحق الصحفيين والناشطين الإعلاميين".
وقد وجهت أصابع الاتهام في حالات الانتهاك والتعرض للصحفيين في المناطق المحررة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (
داعش).
ومن أبرز الحالات اقتحام مكتب قناة "شذا الحرية" (التي يشرف عليها الشيخ عدنان العرعور) في حي الكلاسة في حلب واختطاف ستة من العاملين في المكتب، فيما أصيب سابع إصابات خطيرة بالرصاص.
وجاءت العملية بعد تصاعد الانتقادات من جانب الشيخ العرعور للتنظيم الذي اتهمه بالإجرام والعمل مع أجهزة المخابرات، على خلفية استهداف التنظيم للفصائل المقاتلة في سورية وقتل عدد من عناصرها ومحاولته السيطرة على مقراتها والمناطق التي تديرها.
كما اقتحمت مجموعة مؤلفة من عشرين عنصراً من "داعش" مكتب وكالة شهبا برس في حي مساكن هنانو في حلب والاعتداء بالضرب على الموجودين فيه وتوجيه الشتائم لهم، ثم اختطاف ميلاد شهابي، مراسل شهبا برس ومدير شبكتها في مساكن هنانو، كما تم نهب محتويات المكتب.
كما تم اقتحام مكتب مجلة الغربال في كفرنبل في ريف إدلب، وتم نهب محتوياته واختطاف أحد الصحفيين فيه، وذلك بعد أيام من قيامها بحرق أعداد من المجلة على مدخل مدينة الرقة.
واقتحم عناصر "داعش" أيضا مكتب كفرنبل الإعلامي، وتم احتجاز مجموعة من طاقمه بعد تكسير أثاثه وسرقة أجهزته ولافتاته. كما تم الاستيلاء على معدات البث الخاصة بإذاعة "فريش". ويشار إلى أن المركز عُرف بصناعة اللافتات التي اشتهرت بها مدينة كفرنبل خلال الثورة السورية.
وكان المكتب الاعلامي لهذه البلدة الواقعة في محافظة إدلب (شمال غرب)، قد أفاد عن قيام عناصر "داعش" باقتحام مقره، وذلك بعد رسم كاريكاتوري ينتقد التنظيم.
ونشر المكتب على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي بيانا جاء فيه: "أقدم عناصر يتبعون لفصيل دولة الاسلام في العراق والشام بتطويق مبنى المكتب الاعلامي (...) ودخلوه مدججين بالسلاح" مساء السبت 28 كانون الأول/ ديسمبر.
ويضم المقر المكتب ومحطة إذاعية و"باص الكرامة" وهو مشروع يقيم فيه ناشطون متطوعون نشاطات ترفيهية وتعليمية للأطفال النازحين.
وأضاف البيان أن المسلحين أرغموا الناشطين على "الانبطاح على الأرض ووضع أيديهم فوق رؤوسهم"، قبل ان يقوموا بسرقة معدات منها أجهزة كومبيوتر وكاميرات ومعدات بث، ويعتقلوا ستة أشخاص. وأشار الى ان الموقوفين أطلقوا بعد ست ساعات، في حين بقيت المعدات والأجهزة في حوزة "الدولة الإسلامية"، مطالبا باستعادتها.
واعتبر المكتب الاعلامي ان المسلحين "يسعون للنيل من النشطاء المسؤولين عن الرسم الكاريكاتوري الذي حمل في إحدى تظاهرات كفرنبل، والذي يصور رجلا من هذا الفصيل يضرب مقاتلا من الجيش الحر في ظهره"، في إشارة الى استهداف التنظيم للكتائب والفصائل التي تقاتل ضد النظام السوري.
ومنذ بدء الاحتجاجات المناهضة لنظام بشار الاسد منتصف آذار/ مارس 2011، اكتسبت كفرنبل شهرة من خلال التظاهرات التي تشهدها كل جمعة، وترفع خلالها رسوما كاريكاتورية وشعارات ساخرة تنتقد قصف قوات النظام السوري لمناطق واسعة من سورية، و"صمت المجتمع الدولي" تجاه المجازر.
ومن الرسوم الحديثة التي رفعت الاسبوع الماضي تزامنا مع عيد الميلاد، واحدة تصور "برميلا متفجرا" يسقط على مدينة حلب، إلا ان انفجاره أدى الى نمو اغصان خضراء تعلوها قبعة "بابا نويل". وتعرضت حلب وريفها منذ منتصف الشهر الجاري لقصف جوي عنيف "بالبراميل المتفجرة"، أدى ألى مقتل نحو 600 شخص.
واختطف المصور التركي "بنيامين أيغون" يعمل لحساب صحيفة ملييت التركية، في حين استمر استهداف العاملين مع قناة "أورينت نيوز" بعد اختطاف وقتل عدد منهم خلال الأشهر الماضية، وقد تعرض أحدهم لإطلاق نار خلال كانون الأول/ ديسمبر.
من جهتها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها وثقت مقتل 126 إعلاميا في سورية عام 2013، مشيرة إلى أن 119 منهم قتلوا بيد قوات النظام، بينما قتل 7 بيد "مجموعات مسلحة".