أقرت الحكومة
السورية مؤخرا
موازنة العام 2014، بقيمة 1.39 تريليون ليرة سورية (9.8 مليارات دولار).
وتعد هذه الموازنة الأكبر في تاريخ الحكومة السورية حتى الآن، حيث تزيد موازنة هذا العام على موازنة العام الماضي بنحو سبعة مليارات ليرة، إلا أنه حجم هذه الموازنة واقعيا يبدو ضئيلا، إذ لا تشكل أكثر من ثلث موازنة سورية في العام 2010، أي قبل اندلاع الثورة الشعبية ضد النظام، بالنظر إلى تدهور سعر صرف العملة السورية مقابل العملة الأمريكية الدولار.
وبلغت موازنة العام 2010 نحو 754 مليار ليرة، تعادل نحو 16.55 مليار دولار على أساس سعر صرف الدولار المقدر آنذاك بقيمة 45.5 ليرة، فيما بلغ حجم موازنة العام 2011 والتي أعدت في العام السابق للثورة نحو 17.8 مليار دولار.
واعتماداً على هذه النسبة وعلى أساس نمو تدريجي للزيادة في السنوات التالية، كان يجب أن يصل حجم موازنة العام 2014 إلى نحو 24 مليار دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف قيمة الموازنة التي أقرتها مؤخراً حكومة النظام.
لكن مراقبون يرون أن الرقم المعتمد في موازنة العام 2014 يشكل نحو ثلث الموازنة المفترضة، وهو ما يعني أن هذه الموازنة على قدر المساحة التي يسيطر عليها النظام من سورية بكاملها.
ويتوقع أن يتم تركيز الإنفاق فيها على العمليات العسكرية، بما فيها أعمال التسليح والرواتب والأجور، بالإضافة إلى دعم المشتقات النفطية والطاقة والخبز وبعض المواد الغذائية.
غلاء الأسعار وزيادة الفقر
مع استمرار الحرب، يتمادى الوضع
الاقتصادي والاجتماعي بالانحدار، وتشهد سورية نقصاً حاداً في السلع المحلية والمستوردة، وارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بالتوازي مع انخفاض شديد لسعر العملة السورية مقارنة بالعملات الأجنبية.
وقفز سعر الصرف للدولار من 45.5 ليرة، قبل الثورة التي اندلعت في آذار/ مارس 2011، إلى 141.5 ليرة في السوق الرسمية .
وأشار تقرير دوري لوحدة المعلومات الاقتصادية التابعة لمجلة الإيكونوميست إلى أن أسعار الغذاء في سوريق قد تضخمت بنحو 322% بين أعوام 2000 إلى 2013، وبلغ استهلاك الغذاء 45.6% كنسبة من الإنفاق الأسري.
وارتفعت أسعار السلع والمواد الغذائية خلال سنوات الأزمة بشكل جنوني، حيث أظهرت بيانات رسمية ارتفاع أسعار بعض المواد بحدود 30%، في حين تضاعفت أسعار مواد أخرى عدة مرات على مدار الأعوام الثلاثة الماضية.
وأوضح تقرير نشرته جريدة "الوطن" السورية، وهي مقربة من النظام، بأن سورية تراجعت 7 مرات في مؤشر الأمن الغذائي العالمي في العام 2013 مقارنة مع العام 2012، لتحتل المركز 79 بين 107 دول، وحصلت على المركز 96 في مؤشر توافر الغذاء، وهو تراجع كبير، وجاءت في المركز 75 في مؤشر القدرة على تحمل التكاليف، والمركز 73 في مؤشر جودة وسلامة الغذاء.
أما بالنسبة إلى الفقر، فقد أشار تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي إلى أن أكثر من نصف الشعب السوري أصبح فقيراً، مع دخول 6.9 ملايين مواطن تحت خط الفقر، منهم 4.4 ملايين تحت خط الفقر الشديد.
ويعرّف البرنامج الفقر بأنه الحرمان من الخيارات والفرص المتاحة في مجالات رئيسية كالتعليم والصحة ومصادر الدخل، وهو ما يعني نقصاً في القدرة الأساسية على المشاركة الفعالة في المجتمع.
وفي الوقت نفسه، تشير بيانات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الاسكوا" إلى وجود أربعة ملايين سوري يعيشون اليوم تحت خط الفقر الغذائي مقارنة بنحو 200 ألف في العام 2010، فيما ارتفع عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر الادنى من مليونين الى 8 ملايين مواطن، وكذلك الذين يعيشون تحت خط الفقر الاعلى من 5 ملايين الى 18 مليون مواطن.
شكوى المزارعين
ازدادت مؤخرا في سورية شكوى المزارعين من إهمال الحكومة للقطاع الزراعي، وقد حذر رئيس اتحاد الفلاحين حماد السعود من انهيار الزراعة السورية في حال استمرت الحكومة في سياستها تجاه القطاع، والتي لا تختلف عن سياسة الحكومات السابقة في السنوات الأخيرة.
وعن عقود استيراد القمح والدقيق التي أبرمتها الحكومة طوال فترة الأزمة، قال السعود إن الحكومة استغنت عن الزراعة من أجل عقود الاستيراد مع التجار، ما أضر بالقطاع.
واعتبر رئيس اتحاد الفلاحين، خلال تصريحات صحفية في وقت سابق، أن حجة الحكومة بعدم تمويل المزارعين لموسم 2014 "واهية"، لأن ديون المصرف الزراعي البالغة 72 مليار ليرة، منها 40 ملياراً قروض غير مستحقة السداد بعد، لأنها طويلة أو متوسطة الأجل.
خسائر اقتصادية
ووفق تقرير برنامج الأمم المتحدة الانمائي، فقد بلغ حجم خسائر الاقتصاد السوري حتى منتصف العام 2013 نحو 103 مليارات دولار، مقسمة إلى 12.5 مليار دولار في العام 2011، ثم 50 مليار دولار في العام 2012، ونحو 40 مليار دولار في النصف الأول من العام الماضي 2013.
ومع اشتداد المعارك واتساع مساحة الدمار والخراب، يتوقع الخبراء أن يكون الرقم قد تجاوز 140 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2013.
أما خسائر النظام من جراء خفض إنتاج النفط فقد قدرت بنحو 13 مليار دولار، يضاف إليها خسائر 8 مليارات دولار من موارد السياحة، فضلاً عن خسائر القطاع الصناعي، وهي خسائر فادحة نتيجة تدمير مناطق صناعية بكاملها وإقدام بعض الصناعيين على إيقاف مصانعهم ونقلها إلى بلدان مجاورة.
وتقول وزارة النفط السورية إن 40 ألف برميل تسرق يومياً، إضافة إلى كميات كبيرة من الغاز المنزلي، وقدرت الوزارة الخسائر من الاحتياطي النفطي القابل للإنتاج بنحو 11 مليون برميل منذ اندلاع الأزمة.
وقللت الوزارة من أهمية تصدير النفط "المسروق"، موضحة أن "تصدير النفط يتطلب مواصفات معينة تحتاج إلى فصل الماء والمكثفات وهذا يصعب على "المخربين وسارقي النفط" حسب قولها. وقالت الوزارة، إن هناك كميات تنقل بالصهاريج إلى تركيا وغالباً ما يتعامل الجيش السوري بقصفها .
وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر في أيار/ مايو الماضي السماح لدوله باستيراد النفط والمشتقات النفطية من سورية، بهدف دعم المعارضة، على أن يتم التعامل مع "الائتلاف الوطني" المعارض للنظام.
يذكر أن وزارة النفط أعلنت في وقت سابق أن الحظر على النفط السوري والأحداث التي تمر بها البلاد، أديا إلى تراجع الإنتاج من 380 ألف برميل يومياً قبل الأزمة إلى 20 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي، إضافة إلى انخفاض كمية الغاز المنتج من 30 مليون متر مكعب يوميا إلى 15 مليون متر مكعب غاز يوميا.