بعد عام واحد في السلطة، مرت جماعة الاخوان المسلمين بأصعب مرحلة منذ تأسيسها عام 1928، فبعد عزل الرئيس محمد
مرسي المنتمي اليها ثم وضع آلاف من أعضائها في السجون، واتخذت الحكومة
المصرية اليوم الاربعاء قرارا غير مسبوق باعتبارها "تنظيما إرهابيا".
وتمكنت الجماعة التي كانت حركة المعارضة الأكثر تنظيما على مدى عقود حكم حسني مبارك الثلاثة، من الصعود إلى قمة السلطة بعد ثورة شعبية شارك بها جميع فئات الشعب وخصوصا من الشباب.
إلا أنه بعد سنة واحدة أمضاها مرسي في قصر الرئاسة، نزلت ملايين إلى الشوارع في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي تطالب برحيله، بعد اتهامات وجهت إليه وإلى جماعته بالهيمنة على مفاصل الدولة وبالسعي الى أسلمة المجتمع، وهو ما تنفيه الجماعة، وتقول أن المعارضة والدولة العميقة عطلت جهود الرئيس مرسي للإصلاح، من خلال الاستمرار بالتظاهر بالشارع ورفض الجلوس إلى طاولة حوار وطني غير مشروط.
وكانت المؤسسة العسكرية، التي ساورتها شكوك كثيرة تجاه الجماعة، جاهزة للاستجابة لهذا المطلب، وأعلن الجيش عزل مرسي في الثالث من تموز/يوليو الماضي.
ورفضت الجماعة قرار الجيش وتحدته ونظمت اعتصامين في القاهرة للمطالبة "بعودة الرئيس الشرعي"، إلا ان قوات الجيش والشرطة فضت الاعتصامين بالقوة في 14 آب/اغسطس الماضي.
ومنذ فض هذين الاعتصامين قتل قرابة ألف من أنصار مرسي على الأقل، وتم توقيف عدة آلاف آخرين من بينهم كل قيادات الجماعة الموجودة في مصر، واستمرت الفوى الأمنية بملاحقة المظاهرات التي تدعو لعودة مرسي مستخدمة القوة المفرطة، حسب منظمات حقوقية دولية.
وجماعة الاخوان هي أقدم حركة إسلامية عالمية سنية، وتقدم نفسها على أنها جماعة إصلاحية تفهم الإسلام فهما شاملا؛ وتتمحور عقيدتها حول "التوحيد" ودمج الدين بالدولة.
تأسست الجماعة على يد حسن البنا عام 1928، وتم حظرها رسميا عام 1954، إلا أن السلطات كانت تتغاضى عن نشاطها السياسي في عهد مبارك رغم تعرض الكثير من أعضائها للاعتقال من وقت الى اخر.
وينشط
الاخوان المسلمون في المساجد حيث يقدمون المساعدة للفقراء وكذلك في الجامعات والنقابات المهنية.
وخلال تاريخهم، تأرجح الاخوان المسلمون بين المعارضة الشديدة للسلطة وبين التعاون، من خلال المناداة بدولة مدنية "بمرجعية إسلامية" مع ضمان احترام اللعبة الديموقراطية.
ففي اربعينات القرن العشرين، قام الاخوان المسلمون بأعمال عنف دامية، وخصوصا اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي في 1948 والقاضي أحمد الخازندار في العام نفسه. وقد أدى ذلك الى تعرض أعضاء الجماعة لقمع شديد، ولكن الجماعة تقول أن قتل الخزندار والنقراشي لم يكن قرارا مركزيا للجماعة، بل إن بعض الأفراد الغاضبين من سياسات الحكومة القمعية ضد الإخوان في ذلك الوقت نفذوا هذه العمليات، بينما رفضها حسن البنا مرشد الجماعة، وأصدر بيانا يدين فيه العمليات تحت عنوان" ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين".
وبعد ذلك وجه لهم جمال عبد الناصر ضربات موجعة بين 1954 و1970، اثر تعرضه لمحاولة اغتيال نسبت الى الجماعة، وقال الإخوان أنهم بريئون منها، وأنها "مسرحية" مدبرة من عبد الناصر. واعتقل يومها الالاف من الاخوان.
وفي 1971، أفرج انور السادات الذي خلف عبد الناصر، عن المعتقلين من الإخوان المسلمين، وأعلن عفوا عاما عن الجماعة قبل أن ينتهج حسني مبارك سياسة الاحتواء تجاههم: وهي السياسة التي أتاحت لهم بعض حرية الحركة مع توجيه ضربات "إجهاضية" لهم من حين لاخر.