يطلق عليها السوريون اسم "عروس الثورة"...
إنها مدينة
الرقة الواقعة في شرق سوريا التي عمتها الإحتفالات بعد ان صحا سكانها صبيحة يوم من أيام شهر آذار/ مارس ليشاهدوا رحيل آخر دفعة من قوات الرئيس السوري
بشار الأسد.
وتعهد سكان المدينة الذين يرون أن عهدا جديدا من الحرية قد بزغ بجعل الرقة - وهي المدينة الوحيدة والأولى التي تقع بالكامل تحت سيطرة المعارضة- أنموذجا لعهد ما بعد الأسد.
وقال أحد المقيمين والناشطين في اتصال مع رويترز عبر "سكايب" "في الوقت الذي غمرتنا فيه السعادة جميعا بالتحرير لم يكن مهما آنئذ من الذي يسيطر على المدينة. الرقة لجميع السوريين وكل من ساعد في تحريرها".
ولم تدم نشوتهم طويلا..
ففي الأسابيع التي تلت ذلك ظهرت السجون في المباني العامة وانقطعت الكهرباء ومنع بيع التبغ في المتاجر -إذ يعتبره المغالون في التعصب ضد تعاليم الاسلام- حراما، وبدأ المقاتلون الإسلاميون الملثمون يجوبون المدينة.
وقال أحد المقيمين الذي يطالب الإسلاميون بالقبض على ابنه الناشط في مجال الإعلام "لقد أغلقوا الجامعات أيضا قائلين بأنه ما دامت النساء يتلقين التعليم فيتعين اغلاقها".
وجريا على النسق الشائع في شمال سوريا شددت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام المرتبطة بتنظيم القاعدة من قبضتها بالتدريج.
وقال مقيم آخر وهو مثله مثل معظم أبناء الرقة رفض الإدلاء باسمه خوفا على حياته "عندما تحررت الرقة ظننا أن النظام قد رحل الآن وأن عهدا من الحرية قد تجلى. وبدأ الناس ينظفون الشوارع. تصورنا أننا نعيش في حلم". وأضاف "لقد كان حلما لكنهم قتلوه".
واستولى المقاتلون على المباني الحكومية وحولوها إلى سجون ومقرات لقيادتهم. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن كنيسة للارمن في الرقة تحولت إلى مكتب وأخرى الى مبنى اداري.
ونفذ المقاتلون الجهاديون عمليات إعدام علنية في ساحة رئيسية مما أشاع الرعب بين السكان وقضى على أي احتمال للإحتجاج.
ويقول السكان إنه لا تفتح سوى قلة قليلة من المتاجر أبوابها خلال النهار لبيع المواد الغذائية الاساسية. ومع حلول الظلام تخلو الشوارع من المارة.
وقال ناشط فر منذ اسابيع "انقطعت الكهرباء من جميع مناطق المدينة. ولا ترى الكهرباء إلا في مبانيهم. تعيش المدينة بأسرها في ظلام دامس فيما ينعمون هم بالكهرباء".
وألقى ناشط من الرقة -انتقل إلى محافظة ادلب في شمال غرب سوريا- بالمسؤولية عن السماح للجهاديين بالاستيلاء على المدينة على الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب.
وقال "كل ما يهم الجيش السوري الحر هو السرقة وجمع الأموال. منذ اليوم الاول لتحرير الرقة تركوها (لجماعة) الدولة الإسلامية في العراق والشام".
ويقول أهالي المدينة إنهم لا يعرفون سوى القليل عن المقاتلين. ويقولون إن منهم عراقيون ومن الخليج العربي ومن ليبيا إلا انهم يتكتمون هوياتهم خلف اللثام ويتحاشون التحدث للآخرين.
وقال أحد السكان وهو في الأربعينات من عمره "كان المسلحون الملثمون يتعاملون بلطف مع الناس في باديء الامر وكانوا يساعدون الناس هنا".
لكن سرعان ما ظهرت المشاكل لا سيما بعد أن بدأت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام تنفيذ عمليات الاعدام علنا في حق من ناصروا الإنتفاضة بل من ساعدوا المقاتلين على الإستيلاء على المدينة.
وقال والد الناشط المطلوب القبض عليه "شرعوا في اغتيال قادة الجيش السوري الحر. وأحرقوا الكنائس ودمروا التماثيل في الحدائق العامة ونهبوا المتاحف أيضا قائلين بأن التماثيل والصور تتنافى وتعاليم الإسلام".