طالب مشاركون في مؤتمر "حركات
الإسلام السياسي في الوطن العربي.. التحديات والآفاق" الذي انعقد في العاصمة الأردنية عمان بتاريخ (17-18/11)، بإلغاء استخدام مصطلح "الإسلام السياسي"، وأن يكون الوصف للإسلاميين كأشخاص، وليس للإسلام نفسه، بحسب مشاركين في المؤتمر.
رئيس الورزاء الأردني الأسبق، ورئيس مجلس الأعيان السابق طاهر المصري، أشار في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إلى أن "الحديث عن إسلام سياسي وآخر غير سياسي، لا يستقيم أبدا" مؤكدا أن الأصح في تقديره هو "أن نتحدث عن مفهوم السياسة في الإسلام، تماما كما نتحدث عن مفهوم الاقتصاد في الإسلام".
وأضاف قائلا: "حتى ننطلق من قاعدة سليمة للحوار، وبالتالي فإن جميع من نسميها حركات الإسلام السياسي، هي حركات تنادي بإقامة الدولة الإسلامية الشاملة، كل وفق رؤاها واجتهاداتها وفهما للإسلام" وفق نص كلمته المنشورة على موقع مركز دراسات الشرق الأوسط المنظم للمؤتمر.
الفلاحات: "الإسلام السياسي" مصطلح غير صحيح ويشوه الإسلام
من جانبه لفت المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى أن هناك تعابير كثيرة يستخدمها الناس وتصبح بينهم دارجة دون التدقيق فيها، مع ما لها من ظلال سلبية، وهي لا تدل على المطلوب دلالة صحيحة منها مصطلح "الإسلام السياسي".
وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي 21": "هذا التعبير غير دقيق ولا صحيح، فالإسلام هو الإسلام برسالته الشاملة، ولا يجوز التعامل معه بنظرات تجزيئية، وكذلك لا يصح وصف الإسلام بجعله إسلامات متعددة، كالإسلام السياسي، والإسلام الروحي، والإسلام الاجتماعي، والصحيح هو وصف الناس بصفات تعبر عن حقيقة توجهاتهم، كأن نقول هذه جماعة سياسية، أو فئة متصوفة، إلى غير ذلك من التوصيفات.
في معرض رده على ما يقوله خصوم الفكرة الإسلامية في اتهاماتهم المتكررة للحركات الإسلامية الممارسة للعمل السياسي بأنها توظف
الدين لأغراض سياسية، أوضح الفلاحات أن ممارسة العمل السياسي هو من صلب الفهم الصحيح للإسلام الذي جاء لإسعاد الإنسان والبشرية، والحركات الإسلامية تسعى لتحقيق مقاصد الإسلام بشموله وكماله.
د. رياض النوايسة: الإسلام كدين لا علاقة له بالسياسة
من جهته وبرؤية مغايرة رأى الحقوقي والناشط السياسي الأردني، الدكتور رياض النوايسة، أن الإسلام كدين لا علاقة له بالسياسية، لأن السياسة فعل بشري لا علاقة له بالدين، وأكدّ صحة المقولة المتهمة للحركات الإسلامية السياسية، بتوظيف الدين لأغراضها السياسية، وهو ما لا يتوافق مع نقاء الدين وصفائه برأيه.
وانتقد النوايسة بشدة – في حديثه لـ"عربي 21" ما يزعمه "السياسيون المتأسلمون" - على حد عبارته – أنهم يمتلكون التصور الحقيقي للإسلام في شؤون الحياة، وعلى رأسها الشأن السياسي، وأن ما يصدر عنهم في الرؤية السياسية إنما يمثل روح الإسلام وشكله وجوهره، لأنهم بذلك يحتكرون تمثيل الإسلام، ومن يخالفهم من المسلمين يكون بذلك خارج السياق تماما.
وفي جوابه عن سؤال إن كان مصطلح "الإسلام السياسي" يحمل مضمونا صحيحا يتطابق مع الواقع، نفى أن يكون كذلك، لأن ما اصطلح على تسميته بـ"الإسلام السياسي" برأيه هو فعل وأداء عمل واقعي في الحياة يستهدف شأنا سياسيا في مكان ما أو دولة ما، يقوم عليه مجموعة من الأفراد السياسيين يدينون بالإسلام، لكنهم يزعمون أنهم يملكون التصور الحقيقي للإسلام في شؤون الحياة، بمعنى أن هذه الفئة من المجتمع، تدعي أنها صنو الإسلام على الأرض، وهو ما لا يحق لمسلم أن يدعيه ويزعمه وفق النوايسة
د. السماسيري: إساءة بعض الإسلاميين لا تبرر مهاجمة أصل الفكرة
من جانبه وفي السياق ذاته رأى الدكتور محمود السماسيري أستاذ الإعلام بجامعة اليرموك الأردنية، أن مصطلح "الإسلام السياسي" لا يمكن قبوله لدى من يفهم الإسلام فهما سليما، لأن الإسلام رؤية كلية للحياة، غير قابلة للتجزئة، تتعلق بمنطلقات الإنسان المسلم في هذا الوجود، الذي يحتاج في سعيه لتحقيق غاياته، إلى وسائل سياسية واقتصادية وإعلامية.. لإقامة المجتمع المسلم.
أوضح السماسيري أن من أطلق هذ المصطلح هم علمانيون، انحصرت رؤيتهم للدين بأنه علاقة بين العبد وربه، ولا علاقة له بالسياسة وشؤونها، ومحكوم في الوقت نفسه بنزعة اتهامية للإسلاميين الذين يسعون لتكوين رؤيتهم في الجانب السياسي بالارتكاز إلى أصولهم الدينية الإسلامية، باتهامهم بأنهم يقحمون الإسلام بما لم يأت به مطلقا.
وفي معرض إجابته عن سؤال فيما إذا كانت الحركات الإسلامية توظف الدين لأغراض سياسية، قال لـ"عربي 21" : قد يقع من بعض الحركات والشخصيات الإسلامية ما يكون سيئا في هذا المجال، بتوظيف الدين لغايات ومنافع ذاتية، لكن ما لا يقبل هو اتهام أصل الفكرة ، بدعوى أن الإسلام لا علاقة له بالسياسة، أو اتهام الحركات الإسلامية كلها بتوظيف الدين لأغراضها السياسية.
وردا على اتهامات
العلمانيين والليراليين واليساريين والقوميين للحركات الإسلامية السياسية، بأنها تحتكر تمثيل الإسلام في الشأن السياسي، اعتبر الدكتور السماسيري أن من حق الإسلاميين تقديم رؤى وإجابات للأسئلة والقضايا السياسية المطروحة، يستمدونها من فهمهم للإسلام الذي يدينون به، وهم في هذا لا يدعون احتكار تمثيلهم للإسلام في الشأن السياسي، بل هي رؤاهم واجتهاداتهم البشرية، بصرف النظر عن مدى الاتفاق والاختلاف معهم في هذا الشأن.