يحيي
الفلسطينيون اليوم الثلاثاء الذكرى الـ 78 على وفاة الشيخ
عز الدين القسام مفجر ثورة عام 1935 ضد الانتداب البريطاني في فلسطين،حيث لا تزال ذكراه حاضرة وبقوة بين الفلسطينيين، وعلى اسمه أطلقت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" اسم جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام".
ويحيي الفلسطينيون، ذكرى رحيل عز الدين القسام في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام، وينسبون له فضل السبق في مقاومة الانتداب البريطاني، ومحاولة منع إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.
وانطلقت ثورة القسام عام 1935 ضد الانتداب البريطاني وقتل بعدها بأيام، وهي الشرارة التي أشعلت الثورة الفلسطينية الكبرى التي استمرت ما بين عامي 1936 -1939.
وبحسب الكاتب والمؤرخ الفلسطيني محسن الخازندار "أجمعت المصادر التاريخية على أن نشأة جماعة القسام ترجع إلى عام 1925، عندما بدأ الشيخ عز الدين القسام في إنشاء تنظيم جهادي سري يستمد فهمه ومنهجه من الإسلام، ويعتقد أن الجهاد طريقاً وحيداً لإنقاذ فلسطين".
واعتبر المؤرخ في حديثة لوكالة الأناضول أن هذا "التنظيم أعظم حركة فدائية عرفها تاريخ الحركة الوطنية الإسلامية، بل تاريخ الجهاد العربي الحديث".
وأشار الخازندار إلى أن "القسام (المولود في بلدة جبلة بمدينة اللاذقية السورية عام 1871) هاجر إلى مدينة حيفا (شمال) عام 1921 ، بعد توقف ثورة جبل صهيون السورية، حيث حكم عليه في سوريا بالإعدام من قبل الفرنسيين، قبل أن يتمكن من الهرب والاستقرار بحيفا؛ ليعمل معلماً في المدرسة الإسلامية".
وبدأ القسام، يعمل لتحرير فلسطين من خلال تأسيس حلقات سرية من المقربين المخلصين له إعداداً للثورة، وتوسع تأثيره، وفق الخازندار.
وانتسب القسام بعد ذلك إلى "جمعية الشبان المسلمين" في حيفا عام 1926م ، وانتخب رئيساً لها، وقد كان انتسابه إلى هذه الجمعية؛ تغطية لأعماله السرية، وإعداده للثورة كهدف له منذ البداية إذ بدأ جولته في القرى منذ سنة 1929.
ولم تكن جماعة عز الدين القسام تقبل أي عضو إلا بعد انتقاء ، وتدقيق، ولا يدخل في عضويتها إلا من كان مستعداً "للتضحية في سبيل بلاده ومن أهل الدين والعقيدة الصحيحة"، وفق الخازندار، الذي أضاف أن " القسام عمل قبل إعلان ثورته على الإعداد النفسي، ونشر روح الثورة على أوسع نطاق، وكان سلاحه علمه الغزير وإخلاصه".
وقال الخازندار إن "القسام بدأ في الإعداد النفسي منذ عام 1922 ومنذ عام 1925 بدأ تأسيس حلقات سرية على نمط حلقات، بحيث ألاّ تزيد الحلقة عن خمسة أشخاص عليهم "نقيب" في القيادة والتوجيه كان يسهم كل فرد شهرياً بمبلغ من المال حسب طاقته لا يقل عن عشرة قروش".
وأوضح أن تنظيمات القسام العسكرية البارزة كانت تقسم إلى عدة وحدات عسكرية منظمة منها الخاصة بشراء السلاح، وأخرى للتدريب العسكري، وثالثة للتجسس على اليهود والانجليز لمعرفة خططهم السرية، وهؤلاء من العمال الذين يشتغلون في المصالح الحكومية، ورابعة من العلماء، وعملها الدعاية للثورة في المساجد والمجتمعات".
وقال "بالإضافة إلى هذه الوحدات كانت هناك وحدة لدى القسام للاتصالات السياسية".
واضاف الخازندار أن الشيخ عز الدين القسام طلب من الحاج أمين الحسيني المفتي العام للقدس رئيس "المجلس الإسلامي الأعلى" في ذلك الوقت، تعيينه واعظاً عاماً متنقلاً ؛ليستطيع الاتصال مع سائر طبقات الشعب للإعداد للثورة، غير أن الحاج الحسيني اعتذر له قائلاً "إننا نعمل لحل القضية سياسياً".
ومضى الخازندار قائلا إنه "في العام 1935 أرسل القسام، أحد أعوانه ويدعى محمود سالم إلى الحاج أمين الحسيني ليعلمه عن عزمه القيام بثورة في فلسطين للقضاء على فكرة الوطن القومي اليهودي، وعن رغبته في أن يشرع الحسيني في الإعداد للثورة في جنوب فلسطين، فأجاب الحاج أمين الحسيني أن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا العمل وأن الجهود السياسية التي تبذل تكفي لحصول عرب فلسطين على حقوقهم".
وبحسب المؤرخ الفلسطيني، فقد بلغ عدد الثوار سنة 1935م مائتي ثائر، وحدث خلاف داخل حلقات عز الدين القسام بعد ثورة البراق سنة 1929م بسبب اختلاف في وجهة النظر وانشق عدد من أعضاء القسام لأنهم اعتبروا أن الوقت قد حان لإعلان الثورة، إذ أن الخطر يهدد كيان فلسطين وأنه يجب أن تجبى الأموال اللازمة للثورة من الشعب بكل وسيلة ممكنة بينما كان رأي الشيخ عز الدين القسام أن الإعداد للثورة لم يكتمل بعد.
وقال الخازندار "كان الشيخ عز الدين القسام يميل ويصر على الانتظار، وعدم استعمال العنف خوفاً من الانقسامات الداخلية، وأن الشعب سيتبرع وسيشارك بما فيه الكفاية بعد إعلان الثورة مباشرة ووضوح أهدافها ومشاهدة انتصاراتها".
و"عندما اشتد خطر الهجرة اليهودية وانكشف أمر تسليح اليهود سراً بمساعدة سلطات الانتداب البريطاني أصبح الوضع السياسي لا يحتمل المزيد من التأجيل، وتقرر إعلان الثورة في المناطق الجبلية وعُقد آخر اجتماع في مدينة حيفا مركز الثورة الرئيسي في منزل القائد محمود سالم المخزومي في ليلة 12 تشرين الثاني / نوفمبر 1935، حيث تقرر: انتقال عشرات من إخوان القسام المدربين عسكرياً إلى قضاء جنين (شمالي الضفة الغربية)؛ لدعوة الشعب للاشتراك في الثورة المسلحة على نطاق واسع، ولقيادة فرق الثوار".
ومضى قائلا "وصل الشيخ القسام ليلة 12تشرين الثاني / نوفمبر عام 1935 ، ومعه أكثر من 25 شخصاً من أعوانه من مدينة حيفا إلى قرى قضاء جنين؛ لدعوة الشعب على نطاق واسع للاشتراك بالثورة، واستجاب له ولرسله أعداد كبيرة من الرجال".
وواصل الخازندار روايته قائلا "انطلقت الرصاصة الأولى للثورة في 14 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1935 عندما أطلق محمود سالم ، أحد أعضاء تنظيم القسام، النار على شاويش(صف ضابط) يهودي في مستعمرة عين حارود شمال فلسطين وقتله".
وأوضح أن قوات كبيرة من شرطة الانتداب البريطاني في صباح 15 تشرين الثاني / نوفمبر من العام ذاته طوقت عدة قرى للبحث عن قاتل صف الضابط اليهودي، مما أدى إلى اشتباك مسلح قرب قرية البارد قضاء الجليل (شمال)، وقتل اثنان من شرطة الانتداب البريطاني، حتى تطورت الأمور بسرعة.
وأشار إلى أن قوات كبيرة من شرطة الانتداب البريطاني في صباح 19 تشرين الثاني / نوفمبر 1935 تقدر ما بين 400 إلى 600 رجل تحركت إلى قضاء جنين وطوقت قرى يعبد واليامون وبرقين وكفر دان وفقوعة، وكان الشيخ عز الدين القسام و11 من أعوانه في قرية الشيخ زيد داخل أحراش يعبد، شمال فلسطين.
وعن المعركة التي قتل فيها الشيخ القسام قال الخازندار "وضعت شرطة الانتداب البريطاني خطة لمحاصرة قرية الشيخ زيد لقطع الاتصال مع القرى المجاورة ؛خوفاً من وصول أي نجدة من القرى العربية المجاورة".
وأضاف أن "الشيخ القسام أمر الثوار بالاستعداد والدفاع عن القرية حتى آخر قطرة من دمائهم وفور صدور أوامره وقع القتال بين قوتين غير متكافئتين عدداً، وعدة فكان كل ثائر من رجال القسام يقابله نحواً من أربعين رجلاً من شرطة الانتداب البريطاني".
ومضى قائلا "قاتل القسام وأعوانه وقتلوا عدداً من شرطة الانتداب البريطاني، واستمرت المعركة ست ساعات حتى قتل الشيخ عز الدين القسام في أحراش يعبد".
ويعتبر المؤرخون، أن ثورة الشيخ عز الدين القسام كانت الحافز الأول للثورة الفلسطينية عام 1936 حيث اختفى رفاق الشيخ القسام في الجبال، بعد استشهاد قائدهم بانتظار الوقت المناسب لإعلان الثورة المسلحة.