لم تلقَ الدعوة التي أطلقتها "حركة تمرّد" ضد حكم حماس في
غزة، ودعت فيها الجماهير
الفلسطينية للخروج في مسيرات، أي استجابة حتى ساعات ظهر اليوم الاثنين، ومرّت ساعات الصباح وما بعد الظهر هادئة في ظل حالة الترقّب لما يمكن أن يحدث اليوم.
وفيما سُجّل انتشار جزئي لقوات من الشرطة التابعة للحكومة المقالة التي تقودها حماس في بعض مفترقات الطرق، لم يُسجّل أية مظاهرات أو تجمّعات في أرجاء قطاع غزة، رغم أن دعوات واسعة النطاق أطلقت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للانطلاق في تجمّعات الساعة الحادية عشرة بالتوقيت المحلي من أسواق غزة، للقيام بفعاليات في الذكرى التاسعة لوفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر
عرفات.
وعزا القيادي في حماس صلاح
البردويل فشل "حركة تمرّد" في تنظيم تظاهرات بغزة، إلى "وعي الجماهير الفلسطينية بحقيقة الجهات التي تقف خلف هذه المحاولات".
وقال البردويل ليونايتد برس إنترناشونال: "هنالك أمنيات لمحاولة الانقلاب على الشرعية بعد فشل انقلاب عام 2007 والذي دعمته أميركيا و"إسرائيل" وشاركت فيه "فتح". والشعب الفلسطيني يدرك الأمر ويلتف حول حكومته في غزة".
وظهرت "حركة تمرّد ضد الظلم في غزة"، قبل عدة أشهر كمحاكاة لتجربة "حركة تمرّد" المصرية التي دعمها الجيش المصري، وانتهت بالإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي. وأطلقت الحركة صفحة على موقع "فيسبوك"، تدعت الجماهير الفلسطينية خلالها إلى النزول إلى الشارع في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر (اليوم) لـ"التمرّد وإسقاط حكم حماس".
وبرّر البردويل الاستنفار الذي قامت به الأجهزة الأمنية في غزة رغم تقليل حماس من مكانة "حركة تمرّد"، بأن "التجارب السابقة، ومحاولة الانقلاب الأولى أعطت درساً واضحاً للحكومة بعدم السكوت على ما يحدث وتكرار السابق وبالتالي أخذت على محمل الجد هذه الدعوات". غير أنه أبدى اطمئنانه لـ"فشل تلك الدعوات لأن الحكومة في غزة تستند إلى الحق والشرعية وتحتضن المقاومة في مواجهة المخططات الإسرائيلية".
ويتوقع مراقبون للشأن الفلسطيني أن يمر اليوم الاثنين بشكل اعتيادي دون أن تخرج أي مسيرات تطالب بإنهاء حكم "حماس"، مؤكدين أن ظاهرة حركة "
تمرد" الفلسطينية محدودة وغير متواجدة بقوة داخل الساحة الفلسطينية.
وسبق أن اتهمت حركة حماس، حركة فتح والأجهزة الأمنية الفلسطينية بالوقوف وراء مجموعات تمرّد، بدعم من أجهزة مخابرات عربية وأجنبية، غير أن حركة فتح لم تتبنَّ ذلك رسمياً، مع أن الشخصيات التي تم الإعلان عنها كمسؤولة عن حركة تمرّد وجميعها تقيم في رام الله والقاهرة وأوروبا، شخصيات محسوبة على حركة فتح.
ونأت حركة فتح بنفسها عن "حركة تمرّد"، وقال المتحدّث باسمها فايز أبو عيطة ليونايتد برس إنترناشونال، ردّاً على سؤال حول ارتباط فتح بحملة "تمرّد" غزة، إنه "لابد من التمييز بين إحياء فعاليات ذكرى السيّد الرئيس (الراحل ياسر عرفات) والتي تجسّد الحفاظ عل المبادئ الفلسطينية، وما تدعو إليه أطراف أخرى من قضايا كالتمرّد وغيرها".
وأوضح أن "حركة فتح في طريقها لإنهاء الانقسام بالمصالحة والاتفاقات المبرمة مع حماس، ويجب عدم الربط بين موقف فتح ومواقف أخرى طالما لا تسير وفق حوار ما".
بدوره، رأى الكاتب ورئيس "مركز المستقبل للدراسات والأبحاث"، إبراهيم المدهون، أن "فشل تمرّد اليوم كان متوقعاً، لأن هذه الحركة لا وجود لها على أرض قطاع غزة، وإنما تمركزت في العالم الافتراضي فقط".
وقال المدهون ليونايتد برس إنترناشونال، إن "مَن كان يدير الصفحات ويدعو للثورة، أناس يعيشون في الضفة ومصر وأوروبا، أما أهالي غزة فمن اليوم الأول لم يستجيبوا لها واعتبروها استجلابا للفوضى والقتل لساحة غزة المستقرة".
وفي الأثناء، قال قيادي من فتح رفض ذكر اسمه ليونايتد برس إنترناشونال، إن "عدم خروج الجماهير حتى الآن لا يعكس عدم وجود غضب ضد حكم حماس، إنما هو نتاج القبضة البوليسية لحماس التي اعتقلت واستدعت خلال الأيام الماضية المئات، وهدّدت بإطلاق النار على المتظاهرين".
ولم تصدر "حركة تمرّد" أي تعليق حتى الآن يتحدث عن الأوضاع في ظل عدم وجود استجابة لدعواتها، فيما كان الناطق باسم الحركة الموجود خارج غزة، إياد أبو روك، قال إن "فكرة تمرّد تعيش الآن داخل كل فلسطيني حر يريد التحرّر من النظام البوليسي الذي تمارسه الحكومة في غزة خاصة أنها حركة سلمية مستقلة لا تتبع أي فصيل ولا تؤمن بالحلول العسكرية".
وتبقى الساعات والأيام المقبلة كفيلة بأن تظهر ما إذا كانت "حركة تمرّد" قادرة على ترجمة دعواتها إلى حركة قوية في الشارع، أم أن هذه الدعوات ستبقى حبيسة صفحات مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، في حين
ويؤكد المراقبون أن الحالة الفلسطينية تختلف عن الحالة المصرية وذلك لعدم امتلاك حركة "تمرد" الفلسطينية أي "قوة حقيقية" على الأرض بخلاف حركة "تمرد" في مصر، الجهة الرئيسية الداعية لتظاهرات 30 حزيران/ يونيو الماضي للمطالبة بإنهاء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي.
وكانت حركة "تمرد" الفلسطينية قد دعت عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إلى الخروج في مسيرات لإسقاط حكومة حركة "حماس" في تاريخ 11تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري لكنها أعلنت، يوم السبت الماضي، عن تأجيل خروج مسيراتها إلى موعد لم تحدده بعد، لمنع "إراقة الدم الفلسطيني" كما أعلنت.
وقال إياد أبو روك المتحدث باسم "تمرد" الفلسطينية في تصريحات سابقة لمراسل "الأناضول": "كنا قد قررنا الخروج في مسيرات مليونية يوم 11تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 لإسقاط حكم حماس، ولكن وصلتنا تقارير بأن حماس تنتظر هذا اليوم لارتكاب جرائم بحق المتظاهرين، لذلك قررنا تأجيل هذه المسيرات إلى موعد لاحق".
وحركة تمرد الفلسطينية أسسها نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في يونيو/ تموز الماضي في محاولة لمحاكاة تجربة حركة تمرد في مصر، التي شاركت في دعوة المواطنين للتظاهر ضد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في 30 حزيران/ يونيو الماضي، قبل أن يطيح به الجيش، بمشاركة قوى سياسية ودينية، في 3 تموز/ يوليو الماضي.