بات الرئيس الاميركي باراك اوباما معتادا على التقاط سماعة الهاتف ليستمع الى قائد اجنبي اخر يشتكي من حملة التجسس الواسعة النطاق للاستخبارات الاميركية. الاثنين كانت
فرنسا. الاربعاء
المانيا ولا احد يعلم من سيتصل لاحقا من الحلفاء احتجاجا على اعتراض وكالة الامن القومي الاميركية على مراسلاته الالكترونية او اتصالاته الهاتفية.
وبدأت المعلومات السرية التي تنكشف بالتدريج والتي نشرها المستشار السابق الفار مع الاستخبارات الاميركية ادوارد
سنودن تصبح اكثر من مجرد ازعاج للبيت الابيض. فهي تنسف مزاعمه بانه انقذ العلاقات الاميركية التي فترت في عهد جورج بوش مع اصدقائها في الخارج.فصورة اوباما الذي تلقى استقبال الابطال سابقا عبر الاطلسي بدات تتحول في نظر الكثير من الاوروبيين لتشابه صورة سلفه جورج دبليو بوش.وادى تانيب من المستشارة الالمانية انغيلا
ميركل التي نادرا ما تبدر عنها فورات غضب الى نقل المسألة الى مستوى اخر تماما من الحنق الدبلوماسي الاربعاء.
فقد اتصلت ميركل باوباما وقالت له انه ان كانت وكالة الامن القومي تنصتت بالفعل على هاتفها الجوال فستعتبر الامر "انتهاكا خطيرا للثقة" وطالبت باجوبة.وقد تعتبر هذه البادرة خطوة سياسية منطقية نظرا الى الضغوط التي تتعرض اليها بسبب المعلومات حول مراقبة الاستخبارات الاميركية ملايين الاتصالات الهاتفية الخارجية والرسائل الالكترونية في اطار حملة مسح معقدة لمكافحة الارهاب.لكن يبدو ان الامر ابعد من ذلك.فهل يمكن ان تكون السيدة التي شبت في ظل مراقبة شرطة المانيا الشرقية السرية (ستازي) المشددة اعتبرت هذه المعلومات كتعد شخصي؟وصرح ستيفن زابو من صندوق مارشال الالماني للولايات المتحدة "اعتقد ان العلاقة بينها وبين اوباما ستتضرر". وتابع "اعتقد انها اعتبرت الامر اهانة شخصية".
وبذل اوباما جهودا كبرى للتودد الى ميركل وهو يتحدث في مجالس خاصة باعجاب عن فكرها وذكائها السياسي. لكن ما اعلنه البيت الابيض عن الاتصال لن يحد من الغضب في المانيا.فالمتحدث باسم اوباما جاي كارني افاد ان الرئيس اكد لميركل ان
واشنطن "لا تراقب ولم تراقب" اتصالاتها. وهذا التصريح خلف انطباعا بان محادثاتها ربما تعرضت للتنصت في السابق.لكن فيما تواصل واشنطن التاكيد لحلفائها على غرار فرنسا والمانيا ان مخاوفهم "مشروعة" لا يبدو عليها اي ندم على انشطة وكالة الامن القومي الفائقة السرية.ووعدت ادارة اوباما القادة الاجانب بالسعي الى التوازن بين الامن والخصوصية، لكنها لم تحاول
الاعتذار عن انشطة تؤكد انها حيوية لتفكيك شبكات الارهاب العالمية. لكن في المجالس الخاصة يؤكد المسؤولون ان جميع الدول تتجسس على غيرها وحتى على حلفائها وان ميركل احد الاهداف المشروعة في لعبة التجسس الواسعة. كما يشيرون الى التعاون الاميركي مع وكالات الاستخبارات الاجنبية في تلميح الى ان الحكومات التي تحتج علنا على التجسس الاميركي داخلة في اللعبة. ويشكك المسؤولون الامنيون في حقيقة الكثير من التقارير التي تستند الى المواد التي سربها سنودن. فحتى ان كانت وكالة الامن القومي تسجل ملايين الاتصالات والرسائل من خلال برامج معقدة فهذا لا يعني ان
الولايات المتحدة باتت هيئة عليا قادرة على "التنصت" على اي حديث يومي.
لكن هذه الحجة لا تقنع الدول التي يعارض سكانها القوة الاميركية ولا سيما وسط ضجة اعلامية تهدف الى اثارة العواطف.ويحذر محللون من احتمال مواجهة شركات التكنولوجيا الاميركية العاملة في اوروبا تبعات هذا الملف حيث قد يستغل الغضب الذي اثاره للدفع الى انظمة اضافية لحماية البيانات في اتفاق مقترح للتجارة بين الولايات المتحدة واوروبا.في الوقت نفسه تدور لعبة سياسية يسارع القادة الاجانب الذين تضعف شعبيتهم فيها الى استغلال احراج وكالة الامن القومي.
واستغلت الرئيسة
البرازيلية ديلما روسيف معلومات بان الوكالة تتجسس على الحكومة البرازيلية والمصالح التجارية لتحول الانتباه عن مشاكلها السياسية، فالغت زيارة رسمية الى البيت الابيض وهاجمت واشنطن في الجمعية العامة للامم المتحدة.
اما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تشهد شعبيته تراجعا حادا فوجه انتقاداته في اثناء اتصال هاتفي مع اوباما الاثنين، بعد تقرير لصحيفة لوموند اكد اعتراض الاميركيين ملايين الاتصالات الهاتفية في فرنسا.واحدث رئيس المكسيك الجديد انريكي بينا نييتو ضجة واسعة بعد معلومات عن دخول الوكالة الاميركية الى بريده الالكتروني الخاص.لكن الرئيس السابق فيشينتي فوكس اكد ان "لا جديد في حصول عمليات تجسس في جميع الحكومات حول اعلام بما فيها المكسيك". وتابع "لا افهم اسباب كل هذه الضجة".واعتبر المسؤول السابق عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية جوزيف ويبل من قسم العلاقات الدولية في جامعة بوسطن ان المعلومات الاخيرة ينبغي الا تفاجئ احد، وهي في الواقع مديح لالمانيا.وصرح ان "المستشارة ميركل مهمة. ان كانت وكالة الامن القومي لا تراقب اتصالاتها فذلك لانها عجزت عن ذلك". وتابع "كيف يمكن الا تسعى الوكالة الى التنصت على الشخصية التي صنفتها مجلة فوربس بانها ثاني اقوى شخصية في العالم بعد الرئيس اوباما؟"