قضايا وآراء

الأفراح في دمشق والمناحة في القاهرة

"لا يريد السيسي استيعاب الدرس السوري"- رئاسة الجمهورية المصرية
مع تواصل احتفالات الشعب السوري بمختلف أطيافه، بنجاح ثورته بعد هروب الجزار بشار الأسد، ومع تقاطر الوفود الديبلوماسية من الغرب والشرق على سوريا الجديدة لتهنئة أهلها بالحرية، ولبحث مستقبل التعاون مع نظامها الجديد، وتبادل وجهات النظر حول مستقبل سوريا التي دمرها النظام الساقط، ومنها عدد من وفود الدول العربية من السعودية وقطر والأردن.. يواصل النظام المصري وأبواقه المناحة والعويل والصراخ وكأنهم من يتامى بشار الأسد، ويبدو أن توابع زلزال سقوط بشار هزت قصور السيسي في عاصمته الجديدة.

نظام السيسي وزع مؤخرا مادة فيلمية (برومو) تذاع على كل وسائل الإعلام المرئية التي يملكها جهاز المخابرات، وهي مقتطفات من خطاباته في اليومين السابقين تذاع في الفواصل، يقول فيها علنا بأن ما حدث في سوريا يهدف لإسقاط الدولة المصرية!! وأنهم يهدفون لكسر تماسك المصريين والوحدة بين المسيحيين والمسلمين!! وأن الاستراتيجية التي وضعوها (لا نعلم من الذي وضعها) تقول إن مصر إذا سقطت سادت الفوضى في العالم كله!!
ردود الفعل العصبية التي لم يستطع نظام السيسي التحكم فيها، تعني رفضهم الاعتراف بحق الشعب السوري في اختيار نظامه السياسي، وحقهم في تحقيق العدالة التي يستحقها الضحايا من المجرمين الذين ولغوا في دمائهم ومارسوا كل صنوف الإرهاب ضدهم

ويحذر المصريين بقوله: "خللي بالكم: مهمتهم في سوريا خلصت.. هم دمروا سوريا الان، وكل الجهود تبذل الآن لضرب الاقتصاد المصري.. وضرب السلام الاجتماعي في مصر"!!

ويضيف مهددا: "تاني.. وأرجو أن تكون هذه الرسالة واضحة للجميع، نحن لن نتردد في حماية شعبنا من الشر وأهله". ويختم بتحذيره للمصريين: "اوعوا.. انتبهوا.. وحافظوا على تماسككم".

الطغاة بعضهم أولياء بعض

السيسي يحسب أن كل صيحة عليه، ويكذب كما يتنفس، ويخيل له شيطانه أن ما حدث في سوريا هو مؤامرة دولية تستهدف إسقاط نظامه هو!! فهو نظام مرعوب رغم كل ما يمارسه من قمع غير مسبوق في تاريخ مصر.

وفي المقابل تنوح أبواقه في برامجهم التلفزيونية كل ليلة بالعويل والصراخ، وهم يسبون ثوار سوريا وحكامها الجدد ويصفونهم بالإرهابيين، رغم كل ما شاهدوه من أفراح السوريين، وما يراه العالم من خطوات ملموسة تستهدف استقرار سوريا، ورغبة شعبها في بناء مستقبل أفضل، وبدلا من أن تبادر أكبر دولة عربية بتقديم المساعدة لسوريا، وتظهر الاحترام لإرادة السوريين في التغيير، بعد أن خاب ظنهم وقد كانوا يمنون أنفسهم -للأسف- بحمامات الدم في المدن السورية، ليشمتوا ويبرروا سياسات القمع والقتل والإعدامات والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان التي يقومون بها في مصر، فخيب الله ظنهم بالاستقرار والفرح والوحدة التي ظهر بها السوريون.

ردود الفعل العصبية التي لم يستطع نظام السيسي التحكم فيها، تعني رفضهم الاعتراف بحق الشعب السوري في اختيار نظامه السياسي، وحقهم في تحقيق العدالة التي يستحقها الضحايا من المجرمين الذين ولغوا في دمائهم ومارسوا كل صنوف الإرهاب ضدهم.

السيسي وبشار وجهان لعملة واحدة.. ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه

السيسي لم ينس يوما أنه قائد انقلاب عسكري فاشي استولى بالقوة والتآمر على كرسي الحكم في مصر، ولا يزال مسكونا بالخوف من الأغلبية التي يعتبرهم أهل الشر، ولهذا هو مرعوب مما حدث في سوريا رغم البعد الجغرافي
لا يريد السيسي استيعاب الدرس السوري، ويستمر في وصف المعارضة المصرية بأهل الشر، وهو يسجن نحو مائة ألف منها في سجونه شديدة القسوة، ويمنع كبار السياسيين المنتخبين والوزراء السابقين من رؤية عوائلهم منذ سبعة أعوام كاملة، بينما أصدر العفو عن المجرمين وأسس لهم مليشيات مسلحة، وقتل قرابة ألف معتقل في سجونه تحت التعذيب أو بسبب انعدام الرعاية الصحية، ومنهم الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي رحمه الله الذي سقط على مرأى من الجميع في قفصه الزجاجي الذي صُمم له لتكميم فمه، رغم أنه كان دائم الشكوى من سوء الرعاية الصحية ورفضهم لعلاجه.

وهناك مئات الآلاف ممن هجرهم للخارج، بينما يكمم أفواه باقي الشعب، ويصف معارضيه بأنهم أهل الشر، كما يردد نتنياهو ما جاء في سفر أشعياء: "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام"، وهي نفسها عين الأوصاف التي كان يطلقها نظام بشار الأسد على معارضيه، لتعزيز الانقسام والطائفية السياسية التي لا تساهم إلا في تكريس الفاشية وحكم الفرد وإرهاب الدولة، كلهم ملة واحدة.

السيسي لم ينس يوما أنه قائد انقلاب عسكري فاشي استولى بالقوة والتآمر على كرسي الحكم في مصر، ولا يزال مسكونا بالخوف من الأغلبية التي يعتبرهم أهل الشر، ولهذا هو مرعوب مما حدث في سوريا رغم البعد الجغرافي.