في عالم صناعة
الساعات الفاخرة، يتم الاحتفاء بالإرث والتاريخ باعتبارهما مكونين أساسيين في
تحديد جودة التصميم والإبداع، بينما يفاخر صانعو الساعات الأوروبيون بتقاليدهم
العريقة التي تمتد عبر قرون من الزمن.
وقدم الثنائي
المبدع فيليب توليدانو وألفريد تشان تصميمًا فنيًا غير تقليدي، واختارا مادة من
الفضاء الخارجي لصناعة
ساعة فاخرة: جزءا من نيزك قديم ارتطم بالأرض قبل مليون عام.
وتم تصنيع ساعة B/1M من نيزك Muonionalusta، الذي اكتشف لأول مرة في عام 1906 في قرية
كيتكيويرفي السويدية، وهي واحدة من أقدم النيازك المعروفة التي ضربت الأرض.
ويعد هذا النيزك من النوع الحديدي، ويحتوي على
نسب عالية من الحديد والنيكل، وهو ما يجعله مادة مثالية لصناعة قطعة فنية فاخرة.
لقد كان هذا
النيزك قديمًا جدًا، فقد تم تحديد عمره بنحو مليون عام. وعلى الرغم من أنه تم
العثور على العديد من قطع هذا النيزك في مختلف أنحاء العالم، فإن معظمها موجود في
شمال الدول الإسكندنافية، حيث وقع الاصطدام الهائل الذي أدى إلى انتشار بقايا
النيزك في المنطقة.
في حين أن هناك
العديد من صناع الساعات الذين استخدموا قطعًا صغيرة من النيازك لتصميم ساعات
فاخرة، فقد قرر توليدانو وتشانه أن يبتكرا شيئًا مختلفًا تمامًا. وعندما تحدث توليدانو
في مقابلة مع شبكة CNN عن هذا المشروع، فإنه أشار إلى أن “أقراص
النيزك تُستخدم في عالم الساعات بشكل شائع، لكن أن تكون العلبة بأكملها، مع
الميناء والعروات، مصنوعة بالكامل من النيزك فهو شيء غير مألوف تمامًا".
ومن هنا جاء
الابتكار الكبير في تصميم ساعة B/1M، التي تعتمد على استخدام نيزك Muonionalusta بشكل كامل في هيكل الساعة.
ويعد نيزك Muonionalusta مادة صعبة، إذ إنه يتكون بشكل أساسي من الحديد والنيكل، وهو ما يفرض
تحديات كبيرة على صانعي الساعة، خاصة في ما يتعلق بمقاومته للصدأ. لذلك، كان على
توليدانو وتشانه حماية الساعة بطبقة خاصة مقاومة للتآكل.
وكان التحدي
الأكبر هو الجمال الفريد لهذه المادة السماوية، التي تتميز بأنماط مميزة تُعرف
بـأنماط فيدمان شتيتن، التي تشكل خطوطًا متعددة الاتجاهات على سطح المعدن، ما
يعطي الساعة مظهرًا يشبه قطعة من "العالم الآخر".
أما في تصميم
الساعة ذاته، فقد اختار الثنائي أن يتسم بمظهر بسيط وعصري، حيث إنهما دمجا العلبة
المصنوعة من النيزك مع حزام مصنوع من جلد ساق النعام الرمادي، ليخلقوا تباينًا
جميلًا بين المادة المعدنية القوية والنسيج العضوي الناعم.
وتعتبر ساعة B/1M ليس فقط قطعة فنية مبتكرة، ولكنها أيضًا عمل فاخر جدًا، إذ
يُقدّر سعر الساعة النموذجية بين 8000 و16000 دولار، وفقًا لتصريحات توليدانو، حيث
يُباع الجزء المستخدم من النيزك بسعر أعلى من الذهب للغرام الواحد. لكن السعر ليس
العامل الوحيد الذي يجعل هذه الساعة مميزة، بل أيضًا ندرة المادة المستخدمة فيها.
وأكد توليدانو أن هذه الساعة ستُنتج بكميات محدودة فقط، وذلك بسبب ندرة نيزك Muonionalusta. كما أن طبيعة المادة تجعل كل ساعة مصنوعة منها فريدة تمامًا في
مظهرها، حيث لا يمكن تكرار الأنماط المميزة للنيزك نفسها.
ويستمد تصميم
ساعة B/1M إلهامه من الهندسة المعمارية، وتحديدًا
من نوافذ مبنى بروير في نيويورك، الذي صممه المهندس المعماري الحداثي مارسيل بروير
في الستينيات. ويُعتبر هذا المبنى أحد أشهر المعالم المعمارية في المدينة، بفضل
تصميمه الفريد الذي يدمج بين الخطوط الحادة والشكل البسيط. وتأثّر توليدانو وتشانه
بنوافذ المبنى التي تتميز بأشكال شبه منحرفة، وهو ما انعكس في تصميم الساعة التي
لا تحتوي على أرقام أو رموز، ما يعزز طابعها المعماري العصري.
على الرغم من أن
هذا التصميم قد يبدو غريبًا بعض الشيء للمشاهدين لأول مرة، إلا أن B/1M قد حققت نجاحًا كبيرًا منذ إطلاقها.. إذ إنه تم بيع النسخة الأولى من
الساعة B/1 المصنوعة من الفولاذ، بسعر 4000 دولار في أقل من ساعة من عرضها، ما
يعكس الشعبية المتزايدة للتصاميم التي تبتعد عن الأشكال التقليدية وتقدم شيئًا
جديدًا.