يتواصل ارتفاع قيمة العملات المشفرة وعملة
البتكوين خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك بسبب فوز دونالد
ترامب في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، وهو الذي شجع على الاستثمار في هذا المجال.
وجاء في تقرير لصحيفة "
ازفيستيا" الروسية أنه على مدار العشرين يومًا الماضية، فقد شهدت عملة البتكوين ارتفاعًا حادًا؛ حيث ارتفعت قيمتها بمقدار 1.5 مرة بعد أن كانت قيمتها تتراوح بين 66 و67 ألف دولار.
خلال التداولات في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر، تجاوزت قيمة العملة حاجز الـ99 ألف دولار، لكنها لم تصل بعد إلى مستوى الـ100 ألف، ومع ذلك؛ فإنه بالنظر إلى الدعم السياسي الكبير الذي حظيت به عملة البتكوين، فإن هذا الارتفاع لا يبدو مفاجئًا.
وخلال حملته الانتخابية أشار دونالد ترامب في العديد من المناسبات إلى اعتزامه تعزيز العملات المشفرة على الصعيدين الوطني والدولي، وفي أحد خطاباته؛ وعد بجعل
الولايات المتحدة "قوة عظمى في مجال البتكوين" و"عاصمة العملات المشفرة في العالم".
وأكد ترامب وعده من خلال الإعلان عن إنشاء عائلته لمشروع خاص في مجال العملات الرقمية فضلًا عن ضم فريق إدارته عددًا من الداعمين للأصول الرقمية، من بينهم إيلون ماسك.
علاوة على ذلك؛ توعد ترامب بإقالة رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري غينسلر، بمجرد انتهاء حفل تنصيبه، لأن غينسلر من أبرز معارضي العملات المشفرة ويشكل عائقًا أمام تطور هذه الصناعة في أكبر سوق مالية في العالم.
وأثبت حجم التبرعات لحملة ترامب الانتخابية بوضوح دعم قطاع العملات المشفرة لترامب على حساب منافسته كامالا هاريس، رغم أنها حاولت بدورها تقديم بعض الإشارات الإيجابية لهذا القطاع الناشئ، وإلى جانب ذلك، أعلن الرئيس المنتخب عن رغبته في إنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين، مشابه لاحتياطي الذهب.
إلى جانب فوز ترامب؛ لعبت عوامل أخرى دورًا في ارتفاع قيمة العملات المشفرة، فقد قامت صناديق استثمارية كبرى، مثل "فانغارد للاستثمار" و"بلاك روك"، بشراء كميات كبيرة من البتكوين طوال السنة، مع عمليات شراء ناهزت قيمتها مليارات الدولارات في الأشهر الأخيرة، ما ساهم بشكل طبيعي في زيادة الضغط التصاعدي على سعر البتكوين.
والجدير بالذكر أن قيمة عملة الإيثيريوم شهدت نموًا ضئيلًا، ما يشير إلى أن النشاط الاستثماري يتركز بشكل أكبر على البيتكوين.
وأورد التقرير أن ارتفاع قيمة عملة البتكوين يعزى إلى فقدان الثقة التدريجي في العملات الورقية، ورغم أن وتيرة التغيير بطيئة؛ إلا أنها تشجع الكثيرين على التفكير في التحول إلى بدائل أخرى، فعلى سبيل المثال، سجل الذهب أرقامًا قياسية متتالية في الأشهر الماضية، ومع تحول الدولار واليورو إلى أدوات تستخدم في النزاعات السياسية وارتفاع الديون الحكومية في أكبر
الاقتصادات بوتيرة سريعة، فقد تصبح الأصول المحايدة مثل البتكوين والذهب بمثابة "ملاذ آمن" للعديد من المستثمرين.
مليون بتكوين من احتياطي النقد الأجنبي
ومع ذلك، فإنها لا تزال المشاكل الأساسية المتعلقة بالبيتكوين قائمة، ورغم الحديث المستمر عن الأمان والشفافية، فإن المشكلة الرئيسية تتعلق بالنفعية لأن النظام الحالي غير قادر على معالجة أكثر من 6 أو 8 معاملات في الثانية، وهو رقم يُعتبر ضئيلًا جدًا بالنسبة لعملة ذات طموح عالمي. في المقابل؛ يمكن لأنظمة الدفع مثل فيزا وماستركارد التعامل مع عشرات الآلاف من المعاملات في الثانية.
وبحسب المحلل في مجموعة "فينام" المالية، نيكولاي دودشينكو، فإن الارتفاعات الأخيرة التي شهدها سوق العملات المشفرة غير كافية للحديث عن إضفاء طابع مؤسسي على العملات الرقمية بشكل كامل.
ويضيف دودشينكو أنه لا يمكن استخلاص هكذا استنتاجات استنادًا إلى الزيادة الكبيرة في أسعار البتكوين أو العملات المشفرة الأخرى. وفي الوقت الحالي؛ يعود ارتفاع الأسعار إلى الظرف الخارجي الإيجابي.
وأوضح أنه بموجب مشروع القانون الذي يتضمن إنشاء احتياطي استراتيجي من البتكوين، فإنه يُفترض أن تقوم وزارة المالية الأمريكية بشراء 200 ألف بتكوين سنويًّا لمدة خمس سنوات، ليصل الإجمالي إلى حوالي مليون بتكوين.
ويشير دودشينكو إلى أنه افتراضًا بأن سعر البتكوين الحالي يبلغ حوالي 100 ألف دولار، فإن المبلغ الإجمالي سيصل إلى 100 مليار دولار، وسيتعين على وزارة المالية الأمريكية الاحتفاظ بالعملات المشفرة لمدة 20 سنة واستخدامها لتقليص الديون الحكومية، وعليه، سيزيد اعتماد خطة من هذا النوع من الطلب على العملات المشفرة.
وبحسب دودشينكو فإن السعر الذي ستشتري به وزارة المالية الأمريكية البيتكوين والفترات الزمنية التي ينبغي فيها شراء العملة المشفرة والشروط المتعلقة بكيفية استخدام البتكوين في تقليص الدين العام، جميعها ظروف حاسمة.
ويرجح دودشينكو إمكانية بقاء مشروع القانون "حبرًا على ورق"، ما سيولد خيبة أمل وسط المشاركين في السوق.
من جانبه؛ يرى خبير العملات الرقمية أليكسي كريتشيفسكي، أنه من المبكر الحديث عن إضفاء طابع مؤسسي على العملات المشفرة بعد، رغم تزايد استخدام العملات المشفرة والأصول الرقمية.
وبحسب كريتشيفسكي فإن قائمة الدول، التي اعترفت بالعملات المشفرة كوسيلة دفع رسمية وبدأت بإضافة هذه العملات إلى احتياطياتها محدودة، متوقعًا تسجيلها نموا في حال بدأت الولايات المتحدة بتخفيف الضغط على هذا القطاع كما كان الحال في عهد غينسلر وبايدن.
مضاعفة سنوية
ويعتقد كريتشيفسكي أن قيمة البتكوين ستبلغ 100 ألف دولار في هذا الشهر، مشيرًا إلى أنه لم يتبقَّ سوى القليل لبلوغ هذه القيمة، مشيرا إلى اختلاف توقعات مؤسسات الاستثمار بشكل كبير حول القيمة المستقبلية للبتكوين، واتفاقها جميعها على أن العملة ستسجل نموًّا ضخمًا. وفي حال لم تطرأ أحداث استثنائية على هذا السوق أو تسجيل صدمات عالمية، فقد تتضاعف قيمة البتكوين سنويًّا خلال فترة رئاسة ترامب والأمر سيان بالنسبة للعملات الكبرى الأخرى مثل الإيثريوم و إكس آر بي.
من جانبه؛ يشير نيكولاي دودشينكو إلى الغموض المحيط بآفاق سوق العملات المشفرة في الوقت الحالي.
ووفقا لدودشينكو فإن قيمة البتكوين في السوق تعتمد على التوقعات، التي تعتبر إيجابية في الوقت الحالي، وفي الوقت نفسه، لا يمكن استبعاد انخفاض قيمتها بعد تنصيب ترامب، العامل الذي يستوجب إدراك حقيقة أن الاستثمارات في البتكوين لا تزال عالية المخاطر.
وأكد تقرير الصحيفة الروسية أن العملات المشفرة التي أنشئت في الأصل كنظام مالي فوضوي وتحرري بعيدًا عن المؤسسات الحكومية، أصبحت حظوظها وفيرة بفضل السياسات الحكومية أو وعودها مثل تقنين روسيا في الفترة الأخيرة استخدام العملات المشفرة.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة إلى أن بعض القادة راهنوا على البتكوين، بما في ذلك رئيس السلفادور ناييب بوكيلي، الذي مكن خزينة دولته من جني مئات الملايين من الدولارات من خلال استثمارات في احتياطي النقد الأجنبي.