أثارت الزيارة المفاجئة التي أجراها وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني لسوريا، التي التقى خلالها برئيس النظام السوري بشار
الأسد، وبنظيره في حكومة النظام بسام الصباغ، تساؤلات عن أهدافها، خاصة أن توقيت الزيارة غير المعلنة يتزامن مع التطورات التي تشهدها المنطقة، مع استمرار حرب الاحتلال على لبنان، وغزة، واحتمالية توسيع نطاق المواجهة.
وقالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان إن الصفدي نقل رسالة شفهية من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الأسد حول جهود حل الأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها، وعدد من القضايا الثنائية والأوضاع في المنطقة.
ولم تفصح الوزارة عن فحوى الرسالة، واكتفت مصادر أردنية بالحديث عن ملفات جرى بحثها في دمشق، منها ملف اللاجئين السوريين وتهريب المخدرات نحو المملكة انطلاقا من
سوريا.
وأضافت: أن "الأسد والصفدي بحثا قضية عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، حيث شدد الأسد على أن تأمين العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين هي أولوية للحكومة السورية، التي أكد أنها قطعت شوطا مهما في الإجراءات المساعدة على العودة، خصوصا في المجالين التشريعي والقانوني".
من جهته، شدد الصفدي على "حل الأزمة السورية، وبما يضمن وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها ويحقق طموحات شعبها، ويعيد لها أمنها وعافيتها واستقرارها، ويهيئ ظروف العودة الطوعية للاجئين، وهي ضرورة إقليمية يعمل الأردن بشكل متواصل من أجل تحقيقها".
تحييد سوريا
وحول مضمون الزيارة، تحدث المتحدث باسم "المصالحة السورية" عمر رحمون، عن أهداف معلنة، منها ضبط الحدود ومنع تهريب المخدرات وبحث مسألة عودة اللاجئين السوريين بطريقة طوعية وآمنة، وتفعيل "لجنة الاتصال العربية" بعد توقفها لأكثر من عام.
وفي حديثه لـ"عربي21" أشار إلى أنه جرى بحث التطورات التي تشهدها المنطقة، قائلا: "الهدف هو التشاور مع سوريا بعد التغول الإسرائيلي في عدوانه على غزة ولبنان وضرباته المتواصلة على سوريا".
وكشف عن مطلب غير معلن نقله الوزير الأردني وهو "تحييد دمشق عن الحرب من خلال الحد من وجود إيران وحزب الله في سوريا"، وعن رد النظام السوري، قال رحمون: "تم طرح الملف للنقاش حاليا وستكون له نتائج لاحقا"، من دون أن يوضح أكثر.
أما الكاتب والمحلل السياسي الأردني، منذر حوارات، فتحدث لـ"عربي21" عن بعدين للزيارة؛ الأول ثنائي أردني-سوري، يتعلق بالمشكل على الحدود من تهريب المخدرات والأسلحة، والمخاطر من دخول الاحتلال إلى الجولان، وهو ما يشكل تهديداً استراتيجياً للأردن.
أما البعد الثاني، بحسب الحوارات، فهو بعد سوري-عربي، وقال: "هناك بوادر توتر بين سوريا وإيران، والأردن يحاول إلى جانب دول عربية فتح بوابة على سوريا، وهذا يتضمن إعادة إحياء مبادرة "خطوة بخطوة" التي تبنتها عمان، عسى أن يعاد احتضان النظام عربياً، في محاولة إيجاد حالة من الانفكاك بين سوريا وإيران، خاصة في ظل ضعف "حزب الله" وإيران، حيث يسود اعتقاد عربي أن عودة التنسيق مع سوريا واردة، وخاصة أن روسيا حليف النظام الأكبر لا تعارض ذلك".
وسرت نقاشات عن "رسالة تهديد" من الاحتلال إلى النظام السوري، نقلها الصفدي، مفادها أن "الاحتلال ممتعض من التحركات الإيرانية في الجبهة السورية المحاذية للجولان السوري المحتل، وأن استمرارها يُنذر بدخول الجبهة السورية خط المواجهة".
إلى ذلك، لفت الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي، إلى قيام الأردن بنقل رسائل من الدول العربية إلى النظام السوري، قبل إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، ولم يستبعد كذلك أن "يكون الصفدي نقل رسائل تحذيرية للأسد من الاصطفاف مع إيران".
وقال علاوي لـ"عربي21": "بالتالي يمكن فهم الزيارة على أنها استفسار عربي عن موقف النظام في حال نشبت المواجهة بين إيران و"إسرائيل".
وأضاف أن الزيارة تهدف من الجانب الأردني إلى استجلاء موقف النظام السوري من التطورات الحالية، وانعكاسات ما سيحدث في المنطقة، لافتاً إلى "زيارة وزير خارجية إيران عباس عراقجي الأربعاء الماضي للأردن".
وزيارة الصفدي هذه هي الثالثة له منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، ففي تموز/ يوليو زار دمشق لإجراء ترتيبات إعادة النظام السوري للحضن العربي، وبعدها في شباط/ فبراير 2023 بعد الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا.