صحافة دولية

NYT: العالم يحتاج إلى مقياس عالمي جديد لمكافحة الفقر

المعايير الحالية للفقر عالميا تغيرت- جيتي
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه بات من الضرورة تحديث مقاييس الفقر العالمية، وفقا لما يشهده العالم من متغيرات، مؤكدة أن خط الفقر العالمي الحالي غير واقعي.

وأشارت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه حتى وقت قريب نسبيا، كانت غالبية البشر تعيش في ما يمكن اعتباره اليوم فقرا مدقعا. وكان حوالي ثلاثة أرباع سكان العالم يعيشون في هذا الفقر المدقع منذ قرنين فقط، لكن الأمور تغيرت تماما في الوقت الحالي.

ويقول الباحث في مجال التنمية ميخائيل مواتسوس، الذي أعد تقريرا في هذا الشأن، بأن معظم الناس في الماضي "لم يكن بإمكانهم توفير مكان صغير للعيش، أو طعام يقيهم من سوء التغذية، أو حتى الحد الأدنى من التدفئة".

لقد كان الجوع منتشرا بشكل واسع في مختلف أنحاء العالم، وفي معظم فترات التاريخ البشري، كان ما يقارب نصف الأطفال يموتون قبل الوصول إلى مرحلة البلوغ. أما اليوم، تغيرت هذه الصورة بشكل ملحوظ، حيث تجاوزت العديد من الدول بشكل كبير الفقر المدقع الذي كان سائدا في الماضي.


وشددت الصحيفة على أن الفقر لا يزال حقيقة قائمة وليس مجرد تاريخ، فالناس في جميع أنحاء العالم ما زالوا يكافحون لتوفير السكن والتدفئة والنقل والطعام الصحي لهم ولعائلاتهم. ولمواصلة السير في الاتجاه الصحيح، يجب إعادة تعريف الفقر العالمي من خلال إيجاد طريقة أفضل لقياسه.

خط فقر جديد عند 30 دولارا

وتابعت الصحيفة أن رؤساء دول العالم يجتمعون هذا الأسبوع في نيويورك لحضور الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، والهدف الذي يتصدر جدول أعمال التنمية المستدامة للأمم المتحدة هو "القضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان". ومع تعهد جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والبالغ عددها 193 دولة، بتحقيق الأهداف الإنمائية بحلول سنة 2030، ينبغي أن نتوقع أن نسمع إلى أين وصل العالم في هذا الجهد الحاسم. لكن ما سنسمعه - هذه السنة، كما هو الحال في كل سنة - هو إجابة غير مكتملة.

ويعد الخط الحالي الذي تستخدمه الأمم المتحدة لقياس الفقر العالمي منخفضا للغاية، فهو يخبرنا عن عدد الأشخاص الذين يعيشون على أقل من 2.15 دولار يوميا. ويكشف هذا الخط المنخفض عن أن عددا كبيرا من الناس لا يزالون يعيشون في فقر مدقع. فعلى سبيل المثال، يعيش 73 بالمائة من سكان موزمبيق في فقر مدقع، بينما تصل النسبة في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى 75 بالمائة.

واعتبرت الصحيفة أن دراسة خط الفقر وحدها لا تكفي للقضاء على الفقر بجميع أشكاله في كل مكان. فقد حاول علماء الاقتصاد تقديم بدائل، إلا أن هذه البدائل قد لا تفي بالغرض. فعلى سبيل المثال، يهدف أحد أطر العمل المستخدمة على نطاق واسع والتي يستشهد بها كثيرا، والمعروفة باسم "اقتصاديات الكعكة"، إلى تحديد "مساحة آمنة وعادلة للبشرية لتزدهر فيها" وتقييم ما إذا كان الناس يحصلون على ما يحتاجونه من أجل "حياة كريمة وفرص". ومع ذلك، فإن خط الفقر الذي يعتمده هذا المقياس لا يختلف كثيرا عن مقياس الأمم المتحدة للفقر المدقع، حيث يفترض أن 3.10 دولار يوميا تمنح الناس فرصة لعيش حياة كريمة.

وقالت إن الدخل البالغ 3.10 دولار في اليوم يعادل فقط 93 دولارا في الشهر، أو 1131 دولارا في السنة، ومن النادر أن يعتبر أي شخص نفسه قادرا على العيش بهذا الدخل، في عالم يكافح فيه المليارات من الناس من أجل دفع ثمن الضروريات الأساسية: فهناك ثلاثة مليارات شخص لا يستطيعون تحمل تكلفة نظام غذائي صحي، ولا يستطيع ثلاثة مليارات ونصف الوصول إلى مرافق الصرف الصحي.


وترى الصحيفة أنه لإبراز الحجم الحقيقي للفقر على مستوى العالم، يجب على الأمم المتحدة أن تعتمد خط فقر ثانيا أعلى، وتمنحه نفس القدر من الأهمية، وتضعه عند مستوى يكشف عن الفقر في كل بلد ويعكس في الوقت نفسه فهمنا لما يعنيه التحرر من الفقر.

ومع أخذ هذه المعطيات في الاعتبار، تقترح الصحيفة تحديد خط فقر أعلى عند 30 دولارا في اليوم، ووفقا لهذا الخط سيكون جميع البشر تقريبا في حالة فقر في معظم البلدان، بينما يخبرنا خط الفقر الحالي الذي تعتمده الأمم المتحدة بأن حوالي واحد من كل عشرة أشخاص يعيش في فقر مدقع. وإذا كنت تعيش على أكثر من 30 دولارا في اليوم، فأنت من بين 17 بالمائة من الناس الأكثر حظا في العالم.

واختتمت الصحيفة تقريرها معتبرة أن الأمم المتحدة محقة في جعل طموحنا العالمي المشترك يتمثل في عالم خالٍ من الفقر، ولكن الخطوة الأولى نحو هذا الهدف هي جعل الفقر الحالي مرئيا من خلال تحديد خط فقر جديد.