صحافة دولية

"محامون من أجل إسرائيل" تطلب دعم الاحتلال لمواجهة دعاوى قضائية من "إنتربال"

ضابط استخبارات إسرائيلي أشاد بما تقوم به المنظمة المؤيدة للاحتلال ضد المؤسسات الفلسطينية- ميدل إيست آي
كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن مجموعة ضغط بريطانية مؤيدة للاحتلال، لعبت دورا في قمع منظمات غير حكومية فلسطينية في بريطانيا والضفة الغربية.

وحصل الموقع على وثيقة مكتوبة بالعبرية ترجمت إلى الإنجليزية وتظهر صلات مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" بالحكومة الإسرائيلية وطلبها في مرة الدعم المالي لمواجهتها دعاوى قضائية من جمعيتين غير حكوميتين.

وتتحدى المجموعة قرار الحكومة البريطانية تعليق بعض رخص تصدير السلاح إلى الاحتلال خشية استخدامه في العدوان على غزة. وتطالب المجموعة بمراجعة قانونية للقرار إلا حالة ألغت الحكومة تعليق 30 رخصة تصدير السلاح إلى إسرائيل.

كما وقدمت المجموعة بشكل منفصل شكوى قانونية ضد مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان الذي طلب من قضاة المحكمة إصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يواف غالانت.

وعلم الموقع أن المنظمة تحدثت سرا مع حكومة الاحتلال، وطلبت المساعدة عام 2019، بعد اتهام المنظمة الخيرية، انتربال في بريطانيا والمنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فرع فلسطين لها بنشر بيانات تشهيرية.

واضطرت إلى إصدار توضيحات عام 2020 تجنبا للمحكمة. لكنها واصلت حملتها على انتربال التي تقدم الدعم الإنساني والتعليمي للمحتاجين من اهل فلسطين مما أدى إلى إغلاق حساباتها المصرفية وتوقفها عن جمع التبرعات عام 2021.

وبحسب الوثيقة الإسرائيلية المؤرخة في 8 أيلول/سبتمبر 2019 التي حصلت عليها، فقد التقى المدير التنفيذي للمجموعة جوناثان تيرنر وزوجته كارولين المسؤولة عن المالية فيها، في 2 أيلول/سبتمبر 2019 مع المسؤولة البارزة في وزارة العدل الإسرائيلية، مارلين مازيل، والتي كانت مديرة وحدة التقاضي الخارجي ومكافحة الإرهاب في وزارة العدل، وهو موقع لا تزال تحتفظ به.

وبحسب الوثيقة، فقد التقت مازيل مع مجموعة محامون بريطانيون بصفتها المديرة للإجراءات القضائية في دول خارجية في دائرة القانون الدولي بوزارة العدل الإسرائيلية.

وسجلت مجموعة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل نفسها أول مرة عام 2010 كـ"منظمة طوعية من المحامين الذين يدعمون إسرائيل باستخدام خبراتهم القانونية".

وفي وقت اللقاء مع المسؤولة الإسرائيلية، تلقت المنظمة إخطارا قضائيا قدم ضدها من انتربال والمنظمة الدولية للدفاع عن أطفال فلسطين، حيث تمت مناقشة الدعوى في اللقاء مع مسؤولة وزارة العدل الإسرائيلية.

والوثيقة هي تلخيص للقاء أيلول/سبتمبر 2019 وتم إبلاغ وزارة الخارجية ووزارة الشؤون الإستراتيجية به، وجاء فيها أن جوناثان تيرنر وكارولين تيرنر طلبا "المساعدة في العثور على أو التحقق من الأدلة التي ستساعدهما" في حالة اتخاذ أي إجراء قانوني ضد مجموعة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل.

وبحسب الوثيقة فقد قدم تيرنر وزوجته صورة عن التهديدات المالية التي تواجه منظمتهما لو خسرا القضية. وتشير الوثيقة إلى قولهما إن شركة التأمين "ستدفع مليون جنيه استرليني"، وعليهما دفع المبلغ المتبقي من حساباتهما الخاصة بشكل يضعهما في وضع مالي صعب.

وجاء في الوثيقة، أخبرت مازيل المنظمة "لا يمكننا أن نعد بمساعدة محددة للجمعية في هذه المرحلة، ولكن في حالة وجود أي طلب، فيمكنكم الاتصال بنا". وبناء على الوثيقة، فقد قللت مازيل من احتمال تدخل المسؤولين الإسرائيليين رسميا وتوفير الدعم أو التطوع كشهود في أي إجراءات قانونية، ولكنها تشير أيضا إلى إمكانية العمل من خلال "طرق مختلفة للتحقق من صحة المعلومات المستخدمة في الإجراءات في الخارج، مثل نشر المعلومات على موقع حكومي على الإنترنت". ولا يعرف ما إذا كان هناك اتصال آخر.

وقال جوناثان تورنر لميدل إيست آي: "لا يمكننا الآن أن نتذكر ما إذا كنا قد التقينا بالمحامية مارلين مازيل في 2 أيلول/سبتمبر 2019". ولم تعلق لا وزارة العدل الإسرائيلية أو الشؤون الإستراتيجية ولا مازيل بناء على طلب من الموقع.

ولكن منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل عملت أول مرة مع حكومة الاحتلال، عام 2012 وعندما نظمت مناسبة مع وزارة الخارجية والسفارة الإسرائيلية في لندن. وقبل هذه أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية في 17 أيار/مايو 2011 بيانا قالت فيه "شكل محامون في بريطانيا مجموعة أطلقوا عليها محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" ولكن البيان حذف منذ ذلك الوقت عن موقعها الرسمي. 

وقال تيرنر "نحن منظمة مستقلة ولا علاقة لنا بالحكومة الإسرائيلية". وعلق على ندوة 2012 قائلا: "كانت ندوة ممتازة، وشارك فيها متحدثون متميزون وكانت مفيدة جدا". وبخصوص البيان الذي نشر على موقع وزارة الخارجية على الإنترنت في عام 2011 حول مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل"، قال: "تأسست مجموعة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل في أوائل عام 2011. ومن المنطقي أن تنشر وزارة الخارجية الإسرائيلية بيانا لتوفير المعلومات لأي شخص مهتم".

وبعثت منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل برسالة إلى الحكومة البريطانية تهدد فيها باتخاذ إجراءات قانونية ما لم تتراجع عن قرارها بتعليق 30 ترخيصا من أصل 350 ترخيصا لتصدير الأسلحة إلى إسرائيل.

ووصف جوناثان تيرنر، الذي لا يزال يشغل منصب الرئيس التنفيذي للمنظمة، علنا تحرك حكومة حزب العمال بأنه "قرار سياسي لإرضاء الرأي العام الكاره لإسرائيل واستنادا إلى معلومات مضللة وتغطية إعلامية متحيزة للحرب. وعلى هذا النحو، كان ذلك بمثابة إساءة استخدام للسلطة الممنوحة بموجب القانون".

كريم خان متهم بمعاداة السامية
وقدمت المنظمة هذا الشهر دعوى لنقابة بريطانيا وويلز تتهم مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان بإساءة سلوك. ووصفت ناتاشا هاوسدروف، المديرة القانونية بمجموعة محامون بريطانيون بأنها منظمة تدافع عن إسرائيل في "الحرب القانونية" التي شنت ضد الدولة اليهودية في المؤسسات القانونية الدولية. ووصفت المحكمة الجنائية الدولية بأنها تستخدم كـ"أداة سياسية و"تستغل الموقف المعادي للدولة اليهودية".

وسأل موقع ميدل إيست آي، تيرنر عما إذا كانت مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" قد طلبت أو تلقت أي شكل من أشكال المساعدة أو المعلومات أو المشورة من الحكومة الإسرائيلية أو كانت لها أي تعاملات معها فيما يتعلق بتعليق الحكومة البريطانية لصادرات الأسلحة إلى إسرائيل. وأجاب بـ "لا".

ورد مكتب خان على مزاعم المنظمة بقوله إنه لن يتعامل بشكل كبير مع هذه المزاعم٬ في وقت ينظر فيه قضاة المحكمة بالقضية. وأشار إلى أن هذه المزاعم قد تصل إلى حد التحرش. وقال: "فيما يتعلق بالتهديد بالإبلاغ عن المخاوف المزعومة إلى مجلس معايير المحاماة، يجب على محامين بريطانيين القرار ما هو مناسب، مع مراعاة مسؤولياتها الأخلاقية وواجبها في عدم التضليل".

إلا أن التضليل هو ما مارسته المنظمة، فبعد لقائها مع الحكومة الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر 2019 حيث قالت المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين٬ إنها واجهت حملة من "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" التي أرسلت رسائل إلى "المانحين وتضمنت مزاعم عن علاقة المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وتصف المنظمة نفسها بالمستقلة المحلية التي تدافع عن حقوق الأطفال الفلسطينيين، وهي فرع من المنظمة السويسرية المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال. وتقول المنظمة الدولية- فلسطين إن مجموعة اللوبي البريطانية استهدفتها منذ عام 2018 و "من خلال حملة تضليل إعلامية وسياسية منظمة بهدف عزلها وإلحاق ضرر فادح بسمعتها ونزاهتها كمنظمة لحقوق الإنسان، ومنعها من تلقي التبرعات الخيرية أو جمع الأموال".

وفي حزيران/يونيو 2019 وقبل أشهر من لقاء المنظمة مع المسؤولين الإسرائيليين قدمت شركة بيدمان القانونية التي تمثل المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، دعوى قضائية ضد محامون بريطانيون من أجل إسرائيل. وتم التوصل إلى تسوية في آذار/مارس 2020 ونشرت مجموعة محامون من أجل إسرائيل بيانا وضحت فيه أنها لم تقصد "الإيحاء بأن المنظمة لديها روابط وثيقة حاليا، أو تقدم أي دعم مالي أو مادي لأي منظمة إرهابية".

ولكن المنظمة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين في عام 2021 كانت واحدة من ست منظمات غير حكومية صنفتها إسرائيل كمنظمات إرهابية في الضفة الغربية.

إنتربال في مرمى اللوبي الصهيوني
وكانت المنظمة الأخرى التي هددت "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" باتخاذ إجراءات قانونية، وتحديدا اتهامات التشهير، هي منظمة "إنتربال"، التي كانت في السابق أكبر منظمة إغاثية بريطانية لمساعدة الفلسطينيين. وشنت منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل، حملة طويلة لتشجيع المؤسسات المالية على سحب التسهيلات المصرفية أو معالجة التبرعات المقدمة لمؤسسة "إنتربال".

وجاء الاجتماع مع وزارة العدل الإسرائيلية بعد أقل من شهر من إرسال محامي "إنتربال"، كارتر أند راك، رسالة إلى منظمة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" يطالبونها فيها بسحب مقالتين نشرتهما على موقعها الإلكتروني وفيهما اتهامات للمؤسسة الخيرية.

وجاء في وثيقة وزارة العدل الإسرائيلية أن منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل حاولت "إقناع شركات الائتمان ومنصات الدفع الأخرى (مثل باي بال) منع إنتربال من الوصول إلى خدمات الدفع الخاصة بها".

وكانت حملة المنظمة ضد المؤسسة الخيرية قائمة على تصنيف الولايات المتحدة لإنتربال كمنظمة إرهابية في عام 2003 حيث تبعت كندا وأستراليا خطى الولايات المتحدة. ولكن العديد من البلدان والمنظمات الدولية الأخرى لم تفعل ذلك، بما في ذلك الأمم المتحدة وبريطانيا- حيث حققت مفوضية الجمعيات الخيرية ببريطانيا، في إنتربال ثلاث مرات، وفي كل مرة برئت ساحتها من كل مزاعم النشاط غير القانوني.

وأصر التحقيق الثالث على أن تقوم إنتربال بمراجعة إجراءات العناية الواجبة والمراقبة الخاصة بها، فضلا عن قطع جميع العلاقات مع المجموعة التي كانت مفوضية الجمعيات الخيرية قلقة بشأن ارتباطها بحماس. وأكدت المفوضية في وقت لاحق أن إنتربال امتثلت لما طلبته منها. كما واضطرت العديد من وسائل الإعلام، بما فيها "ديلي ميل" و "جويش كرونيكل" إلى الاعتذار للجمعية الخيرية ودفع تعويضات لزعمها أنها مرتبطة بالإرهاب.

وفي 21 شباط/فبراير 2020، بعد أشهر فقط من الاجتماع مع وزارة العدل الإسرائيلية، نشرت منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل بيانا صادرا عن إنتربال على موقعها على الإنترنت ضد أمناء الجمعية الخيرية "عددا من التصريحات التشهيرية" التي قالوا إن منظمة محامون بريطانيون من أجل إسرائيل نشرتها على موقعها على الإنترنت وصفحتها على فيسبوك.

ولم تمض إنتربال بالإجراءات القانونية، مع أن منظمة محامون بريطانيون واصلت حملتها وأرسلت رسائل للبنوك أدت إلى خسارتها الحسابات المصرفية. خفض دخل الجمعية الخيرية من 6.2 مليون جنيه إسترليني في عام 2019 إلى 2.55 مليون جنيه إسترليني في عام 2020. وفي نيسان/أبريل من ذلك العام، كشف موقع ميدل إيست آي أن بنك إتش إس بي سي البريطاني كان على وشك منع التبرعات للجمعية الخيرية - دون ذكر أي سبب لذلك.

وفقدت إنتربال قدرتها على جمع الأموال في عام 2021. ونسبت منظمة محامون بريطانيون الفضل لنفسها حيث قالت في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 "خسرت إنتربال حق استخدام المؤسسات المصرفية بعد رسالة من محامون بريطانيون من أجل إسرائيل إلى البنوك ومزودي الخدمات المالية".

وقال عصام يوسف، المؤسس والمدير التنفيذي لمؤسسة إنتربال، لميدل إيست آي: "كنا نساعد المحتاجين وكنا نقوم بذلك بالطريقة الصحيحة. لقد حرمت محامون بريطانيون من أجل إسرائيل المحتاجين من التبرعات. وحرموا الأطفال من المساعدة التي يحتاجون إليها".

وأضاف "إذا كانوا بريطانيين، فلماذا يلجؤون إلى الحكومة الإسرائيلية بينما كان بوسعهم اللجوء إلى الحكومة البريطانية ومفوضية الجمعيات الخيرية، التي منحتنا شهادة صحية نظيفة؟".

وفي آذار/مارس 2022 نشرت المنظمة على موقعها رسالة من ضابط استخبارات إسرائيلي بارز بدون ذكر اسمه، أشاد فيها بالمنظمة ودورها بوقف إنتربال عن جمع التبرعات، وقال: "بفضل جهودكم المتواصلة، حققتم الهدف الذي كانت دولة إسرائيل تحاول تحقيقه منذ عام 1997"، كما قال ضابط الاستخبارات (تأسست إنتربال عام 1994). و "أقف برهبة أمام مثابرتكم وأتمنى أن تواصلوا التقدم من قوة إلى قوة".