تواصل
السعودية تعزيز
صورتها الدولية من خلال استضافة فعاليات رياضية كبيرة، مثل مباريات
الملاكمة، واستخدام
مثل هذه الفعاليات كجزء من "القوة الناعمة"، حيث تتميز الفعاليات بالعروض
الفخمة وحضور المشاهير، مثل ليام غالاغر، وهو جزء من الجهود لتغيير الانطباعات
العالمية عن السعودية.
ونشرت صحيفة
"
التايمز" البريطانية تقريرا أعده توم كيرشو، قال فيه إنه قبل أن يقع
الملاكم أنطوني
جوشوا أمام الرقم القياسي من الحاضرين في استاد ويمبلي، وعندما بدأ
توماس تريبير أمام نصف المقاعد الفارغة بقراءة أسماء الذين توقعوا فوز دانيال
دوبوا بالجولة الخامسة ضد جوشوا، وفازوا برحلة مدفوعة الأجر والإقامة في السعودية،
لكنهم لم يكونوا حاضرين، ولكن الأمر بدا كأنه نهاية غريبة وملائمة لمشهد، حيث كان
هذا الاحتفال الباذخ بريطانيا بكل ما فيه من أشياء، لكنه قناع لانتصار بلد آخر.
وأضاف التقرير
أن حقيقة عدم مشاهدة لندن حدثا رياضيا كبيرا مثل هذا ومنذ عام 2012 كان أفضل دليل
على أن الربح لم يكن أبدا الدافع وراء وزير سعودي وضع نفسه في موقف محسن الملاكمة.
وقبل الحدث الرئيسي غنى ليام غالاغر ثلاثا من أغانيه التي حضرت الاستاد لحفلة
إعادة الوحدة لفرقة أويسيس في العام المقبل، إلى جانب ألعاب نارية واستعراضات
صوتية.
وكانت أكواب المشروبات
تنهمر من أولئك الذين كانوا في المقاعد الرئيسية، حيث جلس المشاهير امن إيما بونتون
إلى غاي ريتشي بجانب الحلبة. واجتمع آخرون في مقصورات الضيوف التي تكلف الواحدة
منها 5,000 جنيه للشخص الواحد.
ولم يتم توفير
أي مال للإعلان عن المباراة في كل لندن وضواحيها. ثم أعلن الصوت المألوف لمايكل
بافر أنه قبل أن يستعد الملاكمان للنزال، سيتم عزف النشيد الوطني السعودي بعد تحية
للملك سلمان. ولثانية واحدة فقط، ساد ملعب ويمبلي صمت مخيف عندما أضاء الاستاد
فجأة باللونين الأخضر والأبيض.
ووقف تركي آل
الشيخ، المستشار لولي العهد محمد بن سلمان المحب للكاميرات، بحزم في وسط الحلبة
بين كبار الشخصيات السعودية الأخرى. وليس من غير المألوف أن يعزف النشيد الوطني
للملاكمين، لكن عزف نشيد الجهة المروجة الفعلية للمباراة على أرض أجنبية كان الأول
من نوعه.
وفي نهاية ذلك
العرض المباشر المتوتر، بدأت صيحات الاستهجان تتصاعد في الطبقات العليا التي كانت
تتأرجح بحماس شديد على أنغام أغنية روك آند رول ستار. ولقد كانت فترة استراحة
غريبة بكل المقاييس، لكن هذا الحدث كان دائما عرضا جريئا للقوة الناعمة، ومباراة
على اللقب بين بريطانيين بالكامل في الاستاد الوطني، قدمته لك السعودية.
بمجرد أن تحطم
الوهم، انتشرت اللافتات حرفيا في كل مكان. ولم يكن هناك أي سطح داخل استاد ويمبلي
لم يكن مزينا بشعار
موسم الرياض - العلامة التجارية التي تسوق تحتها السعودية
إنتاجها في الملاكمة. وبين كل جولة عرضت الشاشات فوق حلبة الملاكمة إعلانات سياحية
لزيارة مناطق في السعودية مثل الدرعية والبحر الأحمر، ولم تكن أقل فخامة من مقطع
الفيديو الدعائي للمباراة الذي أخرجه ريتشي، والذي يزعم الخبراء أنه ربما كلف أكثر
من مليون جنيه إسترليني.
وكان آل الشيخ
الذي يناديه المروجون واللاعبون بصاحب السعادة، رغم ما يقال إنه لا يحب مناداته
به، حاضرا في كل لقطة بل وقام بجولة مع مساعديه المقربين في الحلبة قبل المباراة.
وتقول الصحيفة
أن المباراة هذه كانت متناقضة مع اول نزال لجوشوا في السعودية عام 2019 عندما
انتقدته منظمات حقوق إنسان بقبوله القتال على حلبة الملاكمة بعد أقل من عام على
مقتل الصحفي جمال خاشقجي ووصف بأنه عميل في حملة غسيل رياضية، تم إلغاء معرض تنس
يضم نوفاك ديوكوفيتش ورافائيل نادال قبل ذلك.
وواجهت عملية
الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد مقاومة شديدة. لكن مروج جوشوا، إيدي هيرن، كان
دائما متفائلا في التصريح بأن الملاكمة هي رياضة دموية قابلة للتسويق، حيث لا
ينبغي التضحية بالربح على مذبح الشعور بتأنيب الضمير.
وخاض جوشوا ثلاث
من مبارياته الست في السعودية، كما فعل تايسون فيوري في المباراتين الأخيرتين. وفي
أقل من خمس سنوات، سيطر السعوديون على قلب هذه الرياضة بميزانيات مشوهة إلى الحد
الذي جعل المنظمين يعترفون الآن بأن أفضل المباريات لا يمكن أن تقام بدونهم.
وتقول الصحيفة
إن اهتمام السعوديين غير متناغم حد ما في بعض النواحي. فالجمهور الذي يتسم
بالوقاحة لا يتوافق تماما مع المثل العليا التقليدية للبلاد، وفقد كان هناك الكثير
من المشروبات الكحولية والمشاجرات والوشوم والأحذية ذات الكعب العالي في ويمبلي.
وكان مكانًا
مختلفًا تمامًا عن ملعب المملكة في الرياض، حيث شعر المنظمون بإهانة كبيرة بسبب
الأجواء السيئة التي تمت الإشارة إليها، ومع ذلك فرياضة الملاكمة تجتذب
الجماهير بلا شك، سواء من خلال العدد القياسي الذي بلغ 98105 متفرجا حضروا
المباراة على الرغم من محدودية عدد المشاهدين أو الملايين الذين شاهدوا المباراة
من منازلهم.
وربما لم يبق
هؤلاء من أجل الفوز بإجازة مجانية، لكن الغالبية العظمى منهم استوعبوا إلى حد
ما الدور السعودي في استمتاعهم بالمباراة. ولم يكد يتم تعزيز هذه الرسالة بشكل غير
مباشر حتى انتهى النشيد الوطني وعادت الأمور إلى طبيعتها. وبدأ أغنية نيل دايموند
"كارولين الحلوة" يصدح عبر نظام الصوت. وقام دوبوا وجوشوا بدخول الحلبة، وتصدرت المعركة المشهد. وسوف تظل الدراما التي تلت ذلك هي الذكرى الرئيسية، ولكن
هذا كان بمثابة بداية عصر جديد، وحالة طبيعية جديدة للملاكمة البريطانية بأكثر من
طريقة.