صحافة دولية

أول هطول للأمطار ينذر بكارثة للنازحين في غزة مع اقتراب الشتاء

كشفت الأمطار عن الكارثة التي تلوح في الأفق لملايين النازحين- موقع موندويس
نشر موقع "موندويس" تقريرًا يسلط الضوء على التحديات والمعاناة المتزايدة التي تواجهها العائلات النازحة في غزة مع بدء هطول الأمطار واقتراب فصل الشتاء، حيث أصبحت العائلات محصورة بين اختيارين لا ثالث لهما؛ إما الغرق في مياه الصرف الصحي، أو التعرض لفيضانات على الشواطئ.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن آلاف الخيام تنتشر على بعد أقدام قليلة من مياه شواطئ غزة الرملية، وتحاول العائلات النازحة بناء حواجز رملية لمنع المد القادم من إغراق مساكنهم، وقد أدى المد والجزر إلى فقدان العديد من العائلات خيامها، ويحاولون الآن حزم أمتعتهم والعثور على أرض أكثر جفافًا. هذه هي المشاهد التي كانت تجري في غزة الأسبوع الماضي؛ حيث شهد الفلسطينيون في القطاع أول هطول للأمطار في الموسم.

لقد كشفت الأمطار التي هطلت الأسبوع الماضي عن الكارثة البيئية والصحية التي تلوح في الأفق لملايين النازحين الذين يتكدسون في مخيمات الخيام المكتظة أو الأحياء التي تعرضت للقصف في وسط وشمال غزة؛ حيث لم يتبقَّ أي بنية تحتية تقريبًا. فقد دمر الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة 655,000 متر من خطوط الصرف الصحي و330,000 متر من خطوط المياه، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وهذا يعني أن العائلات النازحة في جميع أنحاء غزة ستكون أمام خيارين خلال فصل الشتاء القادم الذي أصبحت الفيضانات خلاله شائعة بشكل متزايد: إما أن تغرق في مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية المدمرة في غزة، أو أن يبتلعها المد المتزايد في مخيمات الخيام على البحر.

"لقد جرفت الأمواج أطفالنا بعيدًا"
وأورد الموقع قصة عطية أبو بنان، 28 سنة، وهو أب لطفلة تبلغ من العمر سنة واحدة، ويعيش في مخيم على الشاطئ بالقرب من خانيونس، وقد غمرت المياه خيمة عائلته بعد العواصف الممطرة التي مرت على غزة الأسبوع الماضي، ما تسبب في ارتفاع المد، وقد أمضى ليلة 15 أيلول/ سبتمبر بأكملها واقفًا في بركة من مياه البحر بينما كان يحمل ابنته لحمايتها من المياه. وألحقت الأمواج أضرارًا بجزء من خيمته وغمرت ممتلكات عائلته، ويقول عطية وهو يقف على الشاطئ في يوم غائم وينتظر أن تجف ملابسه وهو يرتديها، إن عائلته لم يعد لديها مكان تذهب إليه.

ووصل أبو بنان وعدد لا يحصى من العائلات الأخرى إلى الشاطئ قبل شهرين. وكان معظم سكان دير البلح قد جاؤوا من خانيونس ورفح، في أحدث حلقة من سلسلة عمليات النزوح منذ بدء الحرب قبل عام تقريبًا.



كانت إلهام أبو عمشة، وهي أم لثمانية أطفال، تقف على الشاطئ بينما تمتد آلاف الخيام في الخلفية خلفها، وقد أخبرت الموقع أن المد غمر خيمتها الليلة السابقة، وسحب أطفالها عدة أمتار بعيدًا عنها في أثناء نومهم.

ووصفت الليلة بأنها كانت صعبة للغاية؛ حيث كانت الأمواج عالية ومخيفة، وأغرقت خيام الجميع، والرياح كانت أيضًا قوية وعنيفة جدًا، ما تسبب في تمزيق الخيمة.

وروت إلهام كيف كاد أطفالها يُجرفوا إلى البحر بسبب قوة الأمواج، وتقول: "لو لم ننتشلهم لكانوا في عداد الموتى الآن. إلى أين يجب أن نأخذ أطفالنا؟ أنظروا إلى الأمواج: هل نبقى هنا حتى تبتلعنا؟".

وتشعر إلهام بالقلق أيضًا من أن الشتاء القادم سيجعلهم عالقين بين البحر والبرد، وتتساءل بقلق: "هل سنموت من البرد أم من البحر أم من القصف؟ إذا جاء الشتاء ونحن لا نزال هنا، لن يكون لدينا بطانية لتدفئة أنفسنا. لن يكون لدينا حتى قطعة من القماش المشمع لتحمينا من المطر".

المدن غارقة بمياه الصرف الصحي
وأوضح الموقع أن تحذيرات الإخلاء للنازحين في غزة لم تعد تصدر من الجيش الإسرائيلي فحسب، بل أصبحت تأتي أيضًا من البلديات التي ترسلها الآن للنازحين في المناطق التي غمرت مياه الأمطار أو مياه الصرف الصحي شوارعها.

ووفقًا لحازم فهد، وهو مهندس في بلدية دير البلح، فإن منطقة صحن البركة التي تؤوي آلاف العائلات النازحة تلقت أمر إخلاء من البلدية.

ويقول فهد إن معظم مياه الأمطار تتدفق إلى هذا الجزء من دير البلح الآن، ولا يوجد نظام تصريف لإزالة المياه. لذلك، إذا هطلت الأمطار بكميات كبيرة، ستتعرض حياة الناس لخطر كبير.

ويؤكد فهد أن الناس في بعض المناطق قد يتعرضون لخطر الغرق من شدة الفيضانات المتوقعة؛ حيث قد يصل منسوب المياه في منطقة صحن البركة إلى مترين ونصف المتر.



ويضيف فهد أن بلدية دير البلح لم تواجه مشاكل من تراكم مياه الأمطار في هذه المناطق من قبل، لكن تدمير إسرائيل للطرق والبنية التحتية للمدينة قد يؤدي إلى حدوث مأساة هذا العام.

وأشار الموقع إلى أن منطقة صحن البركة تقع على مساحة 300 دونم (حوالي 30 هكتارًا)، وهي واحدة من المناطق القليلة التي تتسع لعدد كبير من النازحين، لكنهم عندما وصلوا إلى المنطقة قبل شهرين، كان الوقت لا يزال صيفًا، ولم يكن هناك خطر من الفيضانات.

وقد أصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تقريرًا في 14 أيلول/ سبتمبر يفيد بأن عدد النازحين في غزة يتزايد بشكل مستمر خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث وثق وجود 543 مركز إيواء ونزوح في جميع أنحاء قطاع غزة.

وأفاد التقرير أيضًا بأن التقييم الميداني للحكومة يشير إلى أن أكثر من 100 ألف خيمة في غزة غير صالحة للسكن الآدمي نتيجة التآكل والتلف، موضحًا أن معظم الخيام مصنوعة من البلاستيك والأقمشة المهترئة.

واختتم الموقع بأن المكتب الإعلامي الحكومي وجه أيضًا نداء استغاثة إنسانيا للعالم، داعيًا المجتمع الدولي لإنقاذ مليوني نازح من سكان غزة قبل فوات الأوان.