لاقت تصريحات محافظ مصرف
ليبيا المركزي، المُقال، الصديق الكبير، ردود فعل وتساؤلات
عدّة، خاصة في ما يتعلّق بالاتهامات المباشرة التي وجهها لما أسماه بـ"تكتل الدبيبة_المنفي" للإطاحة به؛ وسط أسئلة عن تأثير هذه التصريحات على
خطوات حل أزمة المركزي الليبي.
وأكد الكبير، عبر أول ظهور تلفزيوني له، أنه "سيعود إلى ليبيا خلال أيام لممارسة عمله كمحافظ
لمصرف ليبيا المركزي، وأن السيناريو القادم، إذا لم يسحب الرئاسي قراره بإقالته، فسيكون
النفط مقابل الغذاء؛ هذا إذا كان هناك نفط لمقايضته بالغذاء
أصلا.".
"اتهامات لعائلة الدبيبة"
ووجه الصديق الكبير، اتهامات عدة، لرئيس الحكومة الليبية، عبدالحميد الدبيبة، وعائلته، الممثلة في
مستشاره، إبراهيم الدبيبة، والمعروف بنفوذه على الحكومة ورئيسها بأنهم
قاموا بـ"تهديده بالمليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس، ما اضطره إلى الفرار من البلاد، حفاظا على حياته"، وفقا لتعبيره.
كذلك، وجّه الكبير، اتهامات عدة، لرئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، الذي اتهمه بالانقلاب عليه لسببين:
الأول هو إقرار الميزانية الموحّدة التي اعتمدها مجلس النواب، والثاني هو عودة
"خالد المشري" لرئاسة المجلس الأعلى للدولة، ما قد ينهي حكومة الدبيبة.
أما بخصوص علاقته
بحفتر وحكومة حماد في الشرق الليبي، فقال الكبير: الادعاء بأننا صرفنا
"مليارات" للمنطقة الشرقية والحكومة هناك، هي إشاعات وافتراءات روّج لها
"الدبيبة" وحكومته، التي ساءت علاقتنا معها منذ مطالبتنا بتوحيد
الميزانية.
ولم ترد حكومة
الدبيبة أو المكتب الرئاسي على اتهامات الصديق الكبير، حتى كتابة هذا التقرير،
ليطرح الصمت تساؤلات، من قبيل: هل تصريحات الكبير تؤكد فساد الحكومة والرئاسي والاستقواء
بالمليشيات؟ أم إنها تصريحات ذات طابع سياسي لاستعطاف الشارع والقضاء من قبل المحافظ
المقال؟
"سياسات الكبير سبب الأزمة"
من جهته، قال
الناشط السياسي المتابع لأزمة المصرف المركزي، وسام عبد الكبير، إن "المحافظ
المقال تعنت ضد أي تصالح أو توافق مع حكومة الوحدة الوطنية، ورئيسها الدبيبة، وكذلك
مع المجلس الرئاسي ولجنته المالية التي شكلها، وأصبح يعقد تكتلات مع رئيس مجلس
النواب، عقيلة صالح، ومع خالد المشري، ما دفع الرئاسي للإطاحة به بقرار
مفاجئ للجميع".
وأوضح عبد الكبير، عبر تصريحات لـ"عربي21" أن "الكبير كان يقدم نشرات دورية للمصرف
المركزي غير دقيقة، وهو من ساهم في توسع الإنفاق العام وحول المصرف المركزي لطرف
سياسي، وهذا الأمر ستكون له نتائج كارثية على ليبيا"، وفق وصفه.
وأضاف: "كل
ما يحدث الآن من إغلاق للنفط ورفض البنوك الدولية التعامل مع المصرف المركزي، سببه
سياسات الصديق الكبير، الذي أصبح يرى نفسه في السنوات الأخيرة أنه الحاكم الفعلي
لليبيا، وهذا ما جعله يصف إقالته بعملية "انقلاب" وكأنه رئيس دولة".
"غير قانوني ودور مليشيات الدبيبة"
من جانبه، قال الأكاديمي
والباحث الليبي، عماد الهصك، إن "إقالة الصديق الكبير غير
قانونية، وجاءت بقرار سياسي متسرع وغير محسوب العواقب، وذلك بسبب التقارب بين
الكبير ورئاسة البرلمان، ولم يكن هناك أي تنسيق في قرار الإقالة وقد صدر من غير ذي
اختصاص".
وأضاف الهصك، عبر حديثه لـ"عربي21": "الكبير نفسه تفاجأ بالخطوة، والغرض من عدم الإعلان
عنه أو التمهيد له جاء لاستغلال عنصر المفاجأة خوفا من ترتيب الأوراق، والتنسيق بين
مجلسي النواب والأعلى للدولة، ومؤكدا أن القرار اتخذ من قبل المحيطين بالدبيبة وعلى
رأسهم إبراهيم الدبيبة، الذي كلف السفير زياد دغيم، بملف
المصرف المركزي ما جعل الأمر أكثر تعقيدًا"، وفق قوله.
وتابع:
"لقد وظف إبراهيم الدبيبة لتحقيق هذا الهدف، علاقته المشبوهة مع المليشيات
المسلحة، التي أصبحت عامل تهديد إضافي، الأمر الذي اضطر الكبير إلى النجاة بنفسه
وعدم البقاء في إدارة المصرف المركزي، وممارسة عمله".
وفي السياق نفسه، أردف: "الإطاحة بالكبير جاءت
بالتنسيق بين حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي وقد كان هذا الأخير أداة في يد
الحكومة، لتحقيق هذا الهدف من خلال الاستقواء بالمليشيات المسيطرة على طرابلس، وقد
كان ذلك بسبب الخصومة بين الكبير والدبيبة، لتوسع حكومته في الإنفاق الذي يشوبه
الفساد"، بحسب تصريحه.
"تعطل القوانين واللوائح النقدية"
إلى ذلك، رأى
الخبير الليبي في إدارة الأزمات، إسماعيل المحيشي، أن "الكبير أخذ كل تخصّصات
ومهام السلطة النقدية، وبصورة أكثر توضيحا سيطر على كل مهام السلطات الاقتصادية
النقدية والمالية والتجارية وأصبح هو الحاكم الفعلي للدولة الليبية، ويجتمع مع
سفراء دول كبرى ويرسم معهم الخطط التي تخص الاقتصاد الليبي، لذا فهو مسؤول مسؤولية
كبرى عن دعم الانقسام بين الشرق والغرب بل ودعم حروب أهلية سابقة".
وأشار المحيشي، في تصريحه
لـ"عربي21" إلى أن "هناك قوانين ولوائح تنظم السلطة النقدية من حيث
المهام والاختصاص والمدد، لكن للأسف هذا كله معطل بسبب تصرفات الصديق الكبير، لكن
في المقابل، أيضا ليس هناك خلاف بأن كل الأطراف الموجودة فى المشهد السياسي، حاليا
لم يعد لهم سند قانوني أو دستوري كون اتفاق "جنيف" انتهت مدته"،
بحسب تقديراته.
وتابع:
"ليبيا تمر بمرحلة من الفوضى والصراع للوصول إلى الأموال، بطرق غير شرعية، وللأسف فإن الأطراف الدولية تدعم هذه الفوضى والصراع، ما جعل ليبيا تتصدّر أكثر دول
العالم في الفساد المالي والإداري، ويبقى الوضع على ما هو عليه كون المجتمع الدولي
يدعم الانقسام السياسي ويشتت السياسات الاقتصادية المالية والنقدية
والتجارية"، كما قال.