مقابلات

"عربي21" تحاور أحد قادة التغيير ببنغلادش.. "لسنا مصر وتعلمنا من الربيع العربي" (شاهد)

جاهد الإسلام: هناك اختلاف كبير بين دور "جيشنا الوطني" والانقلاب العسكري في مصر- عربي21
قال الأمين العام للاتحاد الطلابي الإسلامي ببنغلادش "شيبير"، جاهد الإسلام، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، وهي أول مقابلة له مع وسيلة إعلام عربية؛ إن الإطاحة برئيسة الوزراء الشيخة حسينة ليست كافية لتغيير الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد.

وأوضح جاهد الإسلام خلال المقابلة، أن "الاحتجاجات الطلابية انطلقت رفضا لنظام الحصص في الوظائف الحكومية، قبل أن تتحول فيما بعد إلى مظاهرات مطالبة بإصلاح النّظام ككل، ومطالبة أيضا بحكم ديمقراطي يشارك فيه الجميع، وليس فقط رابطة عوامي التي تنتمي لها الشيخة حسينة".

وبخصوص ما إذا كان الطّلاب في بنغلاديش قد تأثروا بالربيع العربي، أكّد القائد الطلابي أن: "الوضع في بنغلادش مشابه للوضع في الدول العربية قبل الربيع العربي، من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، وانتخابات مزورة وقمع شديد واعتقالات، وغيرها من الانتهاكات المشابهة".






وتاليا نص الحوار:


ما الذي دفع الطلاب للقيام بهذه الاحتجاجات؟ ولماذا الآن؟
على الرّغم من أن الحركة الاحتجاجية بدأت بمطلب إصلاح نظام الحصص في الوظائف الحكومية، إلا أننا نجد أنها تحوّلت في النهاية إلى حركة احتجاجية لإصلاح الدولة والنظام السياسي ككل.

كما تعلم، وصلت رابطة عوامي بقيادة الشيخة حسينة إلى السلطة في عام 2008، واستمروا في حكمهم لمدة تقارب 16 عاما، وللحفاظ على سلطتهم، قاموا مرارا وتكرارا بإجراء انتخابات برلمانية صورية وانتخابات ليلية، وهي انتخابات تعرضت لانتقادات واسعة في الداخل والخارج.

حيث كان من المقرر أن تبدأ انتخابات البرلمان الوطني لعام 2018، في تاريخ 29 كانون أول/ ديسمبر، في الساعة 8.00 صباحا، وذكرت العديد من وسائل الإعلام أنه تحت الحماية الإدارية، قام قادة رابطة عوامي بإغلاق 40-70 في المئة من أوراق الاقتراع، في معظم الدوائر الانتخابية، قبل شروق الشمس.

وفي العديد من المراكز، قاموا بختم جميع أوراق الاقتراع، وتبين صحة ذلك عندما ذهبنا إلى مراكز التصويت، وقال الضباط؛ إن التصويت قد اكتمل بالفعل، ولهذا السبب يطلق عليها الشعب البنغالي اسم "الانتخابات الليلية".

للأسف، لقد دمّروا حقوقنا الديمقراطية ونظامنا الديمقراطي وحقوق الإنسان، كذلك أجنحة الطلاب التابعة للحكومة الفاشية، كم عددهم؟ أعني، هل لا يزال هناك نشاطات في بنغلادش؟! لقد اضطهدت رابطة الطلاب "تشاترا" التابعة لرابطة عوامي، الطلاب الآخرين والشعب بشكل عام، واقتحمت الحرم الجامعي.

احتجّ الطلاب أيضا على نظام الحصص في الوظائف الحكومية، حيث يتم حرمان الطلاب من 56 في المئة من الوظائف الحكومية، وهذا يؤدي إلى حرمان الطلاب المتميزين والبارعين من حقهم بالوظيفة، ولهذا السّبب خرجوا إلى الشوارع.

لكن الحكومة حاولت إيقافهم باستخدام القوة عبر الأجهزة الأمنية، واستخدام قادة وموظفي حزبهم بشكل غير قانوني، لقد قتلوا أكثر من 500 طالب ومدني خلال هذه الاحتجاجات، وأصيب أكثر من 2000 شخص بإصابات خطيرة جدا، كما تم اعتقال حوالي 12 ألف شخص، أخيرا، ماذا سيحدث؟ نجد أن حسينة استقالت وهربت من البلاد.

ما هي مطالبكم الإضافية؟
حسنا، الآن يجب تحسين النظام، ونحن نعمل على ذلك، ومن الضّروري تغيير الهيكل الاجتماعي والسياسي الحالي، أيضا يجب تغيير الثقافة السياسية. أعتقد أن بنغلادش بلد ذو اقتصاد ذي إمكانيات كبيرة، وهناك العديد من الفرص لتطبيق القوة الفكرية لجيلنا الشاب.

إذا حصل شبابنا على فرصة كبيرة للانخراط في قطاع العمل وفقا لمؤهلاتهم، بغض النظر عن المحسوبية والقضايا الأخرى، سوف يكون بلدنا مزدهرا، إن شاء الله، ولهذا مطلبنا هو تحسين النظام السياسي بالكامل.



والقضية الأهم هي الاقتصاد القوي، ونظام التعليم الأفضل، والأمان الاجتماعي، وأيضا السياسة الخارجية الجيدة جدا، هذه هي الأمور التي من الضروري تحسينها في نظامنا الحالي حالا.

إلى أي مدى تأثّر الطلاب في بنغلادش بالحركات الطلابية والشعبية العربية خلال الربيع العربي؟
لو لاحظتم، فإن الوضع في بنغلادش تحت دكتاتورية الشيخة حسينة، أعتقد أنه مشابه للوضع قبل الربيع العربي، حيث كان هناك ارتفاع مُفرط في الأسعار، كذلك ارتفاع نسبة البطالة، والاختفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، أيضا لا وجود لحرية التعبير.

من ثم، جميع هذه الانتهاكات موجودة هنا في بنغلادش، ونتيجة لذلك، عندما قتلوا أبو سعيد، وكان هو الشهيد الأول، في تلك اللحظة، شعر جميع الناس وكأنه أخوهم أو ابنهم، كما شعروا أنهم هم أنفسهم أبو سعيد.

ولذلك، انفعل الناس وأصبحت أدمغتهم وكأنّها بارود متفجر، وفي النهاية، تدفق الملايين من الناس من جميع أنحاء البلاد نحو مقر رئيسة الوزراء، لذا أعتقد أن الربيع العربي مُحفز كبير للمتظاهرين ومنظمي هذه الاحتجاجات.

تم اتّهامكم بأنكم تُنفذون أجندة خارجية، ما ردّكم؟
تقول؛ إن أنصار الحكومة يتّهموننا، بتنفيذ أجندة أجنبية، حقا؟! إنه خطاب سخيف جدا، حسنا، من الذي طالب بذلك "التدخل الخارجي"؟ إنهم هم الذين لم يمتلكوا الشجاعة الكافية للظهور في انتخابات نزيهة خلال الفترات الانتخابية الثلاث الماضية، وسارعوا إلى بلدان مختلفة من قبل، ووافقوا على إجراء انتخاباتهم ليلا، إنهم هم الذين دفعوا بنغلادش إلى الخلافات الجيوسياسية.

وقائدتهم لعبت بالبلاد، وتعيش الآن في بلد أجنبي، والآن يلقون اللوم علينا! هم لو كانوا يشعرون بالخجل، لما كانوا أظهروا وجوههم للناس؛ لأن شعب بنغلادش منزعج من مواجهتهم. إن الشعب لن ينسى "مجزرة يوليو" في لحظة قصيرة، لكن نحن نحاول تهدئة الناس، وتركيز الهجوم على تلك العمليات المثيرة للجدل.

هل تعتقد أن استقالة الشيخة حسينة كافية بالنسبة لكم؟ وما رأي الطلاب في تعيين السيد محمد يونس رئيسا للوزراء؟
لا، لا أعتقد أن استقالة حسينة كافية لنا، كما أنها ليست كافية لبلدنا. في الواقع، لقد أنشأت نظاما فاشيا في الهيكل الكلي للحكومة، وأفرادها لا يزالون في الحكومة، الاستقالة هي المحاولة الأولى أو الخطوة الأولى.

نحن بحاجة إلى تغيير هذه المؤسسات الدستورية الفوضوية والفاسدة، علاوة على ذلك، من الضروري تجميل وتحسين المؤسسات بالهيكل الاجتماعي والسياسي، وإصلاح المناهج التعليمية المتحيزة وإصلاح الدستور أيضا. الآن، مهمّتنا هي القضاء على جميع الآليات والعقليات الفاشية من النظام الكلي في بنغلادش.


أمّا فيما يخص الدكتور محمد يونس، فهو الوحيد الحائز على جائزة نوبل في بنغلادش، وهو مقبول لدى جميع الأحزاب السياسية والأطراف الأخرى المعنية، والأهم من ذلك، أن الطلاب، الذين هم الأبطال الحقيقيون لهذا التنظيم الجماعي سعداء، لذا، فقد اعتبرنا تعيينه فرصة إيجابية لتحقيق آمال الجماهير.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الوضع الحالي في بلدنا، كما تعلمون، بائس للغاية، سواء من ناحية فساد الشرطة والاضطرابات في أوضاع أجهزة إنفاذ القانون، ومن ناحية أخرى، هناك مشاكل البطالة، وارتفاع الأسعار، وعلى رأسها أسعار المنتجات الضرورية، وإفلاس الاقتصاد.

نحن نعتقد أن الدكتور محمد يونس سيكون قادرا على التعامل مع هذا الوضع الفوضوي بشكل مثالي، وللعلم، فإن اتحادنا "شيبر" مستعد لمساعدة الحكومة في أي مجال تراه ضروريا، وأيضا طاقمنا يقوم بذلك بالفعل حاليا.

برأيكم، بعد استقالة الشيخة حسينة وتعيين محمد يونس رئيسا للوزراء، إلى أين ستذهب البلاد؟
في الواقع، الوضع الحالي الذي نواجهه يتضمّن بعض الأزمات، التي تعد طبيعية بعد أي تغيير في نظام استبدادي استمرّ طويلا في الحكم، وعندما أدركوا أن حكومة الجيش هي التي سوف تحكمهم، أدركوا أن تنحيهم أمر لا مفر منه.

لكنهم حاولوا تدمير ممتلكات الدولة وإحداث الفوضى، من خلال مهاجمة الناس وإبقائهم تحت الخوف باستخدام وكالات مختلفة. لكن إذا عملنا، نحن الطلاب وشعب بنغلادش معا من أجل تحسين البلاد، أعتقد أن الوضع سيتحسن قريبا، إن شاء الله.

لقد رأينا أن الجيش يتولى حاليا مسؤولية العملية السياسية، لكن هل تعتقد أنّ بقاء جميع قادة الجيش في مناصبهم أمر يمكن الوثوق به؛ خاصة أنهم كانوا تحت قيادة الشيخة حسينة؟

في الواقع، جيش بنغلادش هو قوّة ماهرة ووطنية في بلادنا، ومن المعروف أن جميع أفراد الجيش يستلهمون روح الأمل من الشعب، ولقد كرّسوا حياتهم لحماية استقلالنا وحريات بلدنا.

لذلك، أستطيع أن أقول بثقة، إن الأمل والإلهام وسرعة تلبية مطالب الجماهير في بنغلادش ستسود في أعمال الجيش، إن شاء الله، وأنا أؤمن بشدة أننا سنعمل مع الجيش لجعل بلدنا خاليا من التمييز ومتطورا بشكل جيد أيضا.

حدثت ثورة في مصر منذ حوالي 13 عاما وانقلب عليها الجيش، ممّا أدى إلى بقاء الرئيس نفسه في السلطة لمدة 11 عاما، هل درستم مثل هذه الحالة، وهل يمكن حدوث ذلك في بنغلادش؟
في الواقع، كان ذلك انقلابا عسكريا في مصر، لكن في بنغلادش الأمر مختلف تماما، فما حدث في بلدنا هو تنظيم جماهيري، كما تم تشكيل حكومة مؤقتة وفقا لمطالب الشعب، وجيشنا الوطني هو الذي نسّق هذا الإجراء، لذلك أعتقد أن هناك اختلافا كبيرا بين هاتين الحالتين.

أخيرا، هل أنتم مستعدون للمستقبل، وماذا تتوقعون أن يحدث في قادم الأيام؟
في المستقبل، بلا شك، الأيام القادمة ستكون مليئة بالتحدّيات، لكن، هناك أسباب لنكون متفائلين أيضا، لأننا نرى العديد من الاحتمالات الممكنة في بنغلادش، إذا استطعنا التغلب على التحديات، فقد تتمكن بلادنا من أداء دور مهم في الجغرافيا السياسية.


ستزداد أهمية بنغلادش في السّياسة العالمية بالتأكيد، لدينا قوة عاملة كبيرة وماهرة، وإذا استطعنا استغلال هذه القوة العاملة بشكل صحيح، فسوف يرتفع اقتصاد البلاد بلا شك، كما سيساعدنا ذلك في بناء بنغلادش كدولة ذات ناتج محلي إجمالي عال، وجودة حياة جيدة أيضا.

ما علينا فعله، هو القضاء على التمييز والفساد من كل نظام، وضمان سيادة القانون، مما سيؤدي ذلك إلى توزيع عادل للثروات وتعزيز صورة الأمة، مما سيؤدي إلى تدفق المزيد من الاستثمارات من الخارج وكذلك من الداخل، لذا، أخيرا، آمل أن الأيام القادمة ستجلب التنمية والازدهار لبلادنا.