نشر موقع "أورواسيا ريفيو" تقريرًا، تناول فيه تطور صناعة
البنوك والتمويل الإسلامي على مدى الخمسين عامًا الماضية، حيث بدأت الصناعة لتلبية حاجات المسلمين بما يتفق مع الشريعة الإسلامية.
وأفاد الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، بأن هذه الصناعة ولدت فقط لتلبية احتياجات المسلمين الذين كانوا يبحثون عن خدمات مالية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وغيرها من مبادئ الحياة والقيم الإسلامية. واليوم، يؤكد العديد من الذين يقدمون تقارير عن الخدمات المصرفية والمالية، وبشكل أكثر تحديدًا الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية، أن الصناعة على وشك الوصول إلى حوالي 5 تريليونات دولار أمريكي من الأصول بحلول سنة 2025. وهذا رقم مذهل بكل المعايير، لكنه لا يزال ضئيلًا وصغيرًا مقارنة بالخدمات المصرفية والمالية التقليدية، ربما في منطقة حوالي 1 إلى 1.5 بالمئة.
وأشار الموقع إلى أنه بعد تجاوز سنوات عاصفة جائحة كوفيد-19 العالمية، والعديد من الأزمات المالية العالمية، التي أثرت على
التمويل العالمي على مر السنين، أثبتت صناعة الخدمات المصرفية الإسلامية مرونتها؛ حيث لا تزال تنمو، بل وتزدهر أيضًا.
وأوضح الموقع أنها استحوذت على أجزاء كبيرة من الصناعة المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي، والعديد من دول غرب آسيا، مثل إيران وتركيا وغيرها، وأفريقيا، ودول جنوب آسيا والمحيط الهادئ، وأوروبا وأجزاء أخرى كثيرة من العالم. وتشير التقارير إلى أن هذه الصناعة تُمارس في أكثر من 80 دولة وفقًا لمجلس الخدمات المالية الإسلامية، أي ما يقرب من نصف دول العالم. وهذا إنجاز رائع لصناعة عمرها بالكاد خمسين سنة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأموال وإدارة الأموال. إنها صناعة أخلاقية، وترتبط بالاقتصاد الحقيقي، وتلبي أهداف التنمية المستدامة، وهو ما قد يكون سر نجاحها.
وتشير مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف المالي والإبلاغ مثل موديز وستاندرد آند بورز إلى أن الصناعة تنمو بمعدل صحي يبلغ 10 بالمئة سنويًا وأنها تتوسع في أسواق جديدة مع المزيد من المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات الحكومات والشركات والأفراد والمجتمعات.
وقال الموقع إن دولًا مثل السعودية والإمارات والكويت تلعب أدوارُا محورية في تطوير الصناعة. ولا تتخلف ماليزيا وإندونيسيا ومصر كثيرًا عن الركب في المساهمة في نمو الصناعة. ففي ماليزيا وحدها، تشكل الصناعة حوالي 40 بالمئة من إجمالي النظام البيئي المالي.
ونقل الموقع عن محمد زبير مغل، الرئيس التنفيذي لمركز الهدى للمصارف الإسلامية والاقتصاد، وهي منظمة بحثية وتطويرية للتمويل الإسلامي مقرها دبي، إلى أنه "أثناء التعامل مع الاضطرابات الأولية، أظهرت الصناعة نقاط قوتها المتأصلة، وخرجت أقوى ومستعدة للنمو الكبير".
وذكر الموقع أن أسواق الصكوك والتحول الرقمي والاستدامة تبرز كموضوعات بالغة الأهمية للصناعة. وتسعى العديد من البلدان الآن إلى التمويل، من خلال إصدار الصكوك (السندات الإسلامية) لتمويل مشاريع مختلفة، خاصة مشاريع التنمية طويلة الأجل.
وكان الافتقار إلى التوحيد القياسي العالمي الداعم للأعمال، في وقت من الأوقات، عقبة رئيسية أمام نمو الصناعة، ولكن منذ ذلك الحين توصلت الصناعة إلى معايير عالمية بقيادة مؤسسات مثل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومقرها البحرين، والأسواق المالية الإسلامية الدولية ومقرها أيضًا البحرين، ومجلس الخدمات المالية الدولي ومقره كوالالمبور، ماليزيا.
كما لعبت مؤسسات مثل البنك الإسلامي للتنمية في جدة بالسعودية أدوارًا مهمة في تطوير الصناعة. وتم أيضًا إنشاء وكالة تصنيف إسلامية مقرها البحرين، وهي الوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف لتقديم تقييمات مستقلة لمصدري الأوراق المالية في سوق رأس المال والإصدارات المتعلقة بها، والتي تتوافق مع مبادئ التمويل الإسلامي.
وبحسب الموقع، تعتبر التكنولوجيا شرطًا أساسيًا حاسمًا لأي صناعة في هذه الأوقات، كما كانت الخدمات المصرفية والمالية الإسلامية مرنة بما يكفي لتطوير نفسها وتجهيز نفسها بالتقنيات المناسبة لتقديم خدماتها. إنهم يقدمون لعملائهم منتجات سلسة موجهة نحو خدمة العملاء، مما مكن الصناعة من النمو.
وعلى الرغم من أن الصناعة مثل أي صناعة أخرى موجهة نحو الربح، فإنها تشارك أيضًا في التمويل الاجتماعي، فلقد طورت على مر السنين التمويل الجماعي، خاصة في دول جنوب آسيا والمحيط الهادئ مثل إندونيسيا والهند وماليزيا، لدعم الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم. كما يتم نشر التمويل الأصغر الإسلامي للتخفيف من حدة الفقر.
وبين الموقع أن التمويل الاجتماعي الذي يهدف إلى تقليل تكاليف الوساطة يقدم فرصًا جيدة للتمويل الإسلامي لأنه يوفر تمويلًا يمكن الوصول إليه للعديد من المجتمعات المحرومة في جميع أنحاء العالم. إضافة إلى أن هناك زيادة في استخدام الصكوك الخضراء المصممة لمعالجة آثار تغير المناخ على الحياة على الأرض، وبالتالي إظهار رغبة الصناعة في المساعدة في بناء عالم أكثر خضرة وأفضل.
وبالتالي، يساهم التمويل الإسلامي في الشمول المالي، ويدعم القطاعات الحقيقية للاقتصاد، ويعتمد على الأصول، وليس المضاربة. وهو مفيد بشكل عام للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وهي أكبر أرباب العمل في أي بلد.
وقال الموقع إن التمويل الإسلامي فعال بشكل خاص في تمويل ليس فقط التجارة ولكن أيضًا الزراعة والخدمات الصحية والتعليم والصناعات والتعدين والعقارات وأي عمل قائم على الأصول. ولا يمكن للتمويل الإسلامي الانخراط في الأعمال المضاربة، والتي تعتبر عمومًا مقامرة في الشريعة الإسلامية.
وتم أيضًا تطوير أسواق رأس المال المناسبة للخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي، حيث يمكن للمرء شراء وبيع أسهم الشركات التي لا تشارك في الأعمال المحظورة بموجب الشريعة الإسلامية. ويمكن أن تكون هذه الشركات هي الكحول ولحم الخنزير وغيرها.
واختتم الموقع تقريره مشيرًا إلى أنه في الواقع يوجد بديل للتمويل التقليدي، الذي يعاني من انخفاضات خاصة به، وغالبًا ما تتميز بالتقلبات الناشئة عن التركيز المفرط على الأعمال المضاربة. إن أعمال الخدمات المصرفية والتمويل الإسلامي مفيدة بطبيعتها لمشاريع التنمية، سواء كانت البنية الأساسية أو الصناعات وفي التنمية الاقتصادية بشكل عام، فهي تعمل من خلال عملياتها الأخلاقية والودية اجتماعيًا، والتي تعزز تقاسم المخاطر، على الرغم من كونها موجهة نحو الربح.
للاطلاع إلى النص الأصلي (
هنا)