أبدى نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبد الله
اللافي، مساء الثلاثاء، رفضه لقرار
مجلس النواب سحب صفة القائد الأعلى للجيش من
مجلسه، معتبرا هذا القرار "هو والعدم سواء"، بينما رحب قائد قوات شرق
ليبيا خليفة
حفتر بقرار مجلس النواب.
وخلال جلسة بوقت سابق الثلاثاء، صوّت مجلس النواب
لصالح سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وإعادة
صلاحيات القائد الأعلى للجيش إلى رئيس المجلس عقيلة صالح، فيما يعد سحبا لهذا
المنصب من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
وبهذه الخطوة، يسحب المجلس الاعتراف بالاتفاق
السياسي الموقع بالمغرب عام 2015، ونتائج ملتقى الحوار السياسي الموقع في جنيف عام
2021، وفق مراسل الأناضول.
وتعقيبا على ذلك، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي
الليبي عبد الله اللافي، عبر حسابه على منصة "إكس"، إن "المجلس
الرئاسي جاء وفق اتفاق بين الأطراف المحلية والدولية، وقرار إنشائه تم بتأييد مجلس
الأمن لمخرجات مؤتمر برلين (بشأن ليبيا) عبر قراره رقم 2510 لعام 2020".
وأضاف أن الاختصاصات التي تم منحها للمجلس الرئاسي
جاءت "وفق المادة 64 من الاتفاق السياسي (الموقع بالمغرب عام 2015) التي شُكل
على أساسها ملتقى الحوار السياسي الليبي (في جنيف عام 2021)".
واعتبر أنه بناءً على ذلك "فإن شرعية السلطات
والأجسام السياسية الموجودة في المشهد الليبي اليوم تستمد شرعيتها من هذا الاتفاق".
وأكد أن "أي تعديل يطال هذه الأجسام، أو
اختصاصاتها يتطلب العودة لنصوص الاتفاق السياسي المستندة على ذات المادة المذكورة"، مضيفا أن "أن ما يُتخذ من خطوات
تخالف ذلك هي والعدم سواء".
وأهاب اللافي بالبعثة الأممية للدعم في ليبيا
بـ"ضرورة بذل المزيد من الجهود لإقناع الأطراف بسرعة الالتقاء لمناقشة
القضايا السياسية الملحة، حيث إنها باتت اليوم تهدد بانجرار الأوضاع نحو النزاعات
المسلحة، التي قد تعصف بقرار وقف إطلاق النار".
وتابع: "في ذات الوقت ندعو الجميع لتغليب مصلحة
الوطن عبر تعزيز فرص الحوار بإرادة وطنية صادقة، وخطوات فاعلة، تخفف من حدة الاستقطاب،
وتساهم في استقرار الوطن وتصون وحدته".
ترحيب من حفتر
من جانبه، رحب قائد قوات شرق ليبيا خليفة حفتر بقرار
مجلس النواب بشأن منصب القائد الأعلى للجيش.
وقالت قوات شرق ليبيا، عبر بيان، إن "القيادة
العامة (حفتر) ترحب بقرار مجلس النواب بشأن صفة وصلاحيات القائد الأعلى التي
يملكها مجلس النواب صاحب الشرعية الدستورية، وهو الجسم السياسي الوحيد المُنتخب من
قبل الشعب".
وفي وقت سابق الثلاثاء، أعرب رئيس المجلس الأعلى
للدولة خالد المشري عن رفضه لقرار مجلس النواب بشأن منصب القائد الأعلى للجيش.
وقال المشري إن تعديلات جرت على الإعلان الدستوري
تنص على أن "يكون المجلس الرئاسي هو الجهة التي تمارس صلاحيات القائد الأعلى".
وفي ليبيا يعد القائد الأعلى للجيش وفق الإعلان
الدستوري (دستور مؤقت يحكم البلاد منذ عام 2011) هو رئاسة مجلس النواب، إلا أن
الاتفاق السياسي الموقع بالمغرب عام 2015 والآخر الذي تم في جنيف بتاريخ 17
ديسمبر/ كانون الأول 2015 أعطيا تلك الصفة للمجلس الرئاسي (كان يترأسه فائز السراج
سابقا وحاليا محمد المنفي).
وشدد المشري على أن "ما اتُخذ من قرار في مجلس
النواب بشأن سحب صفة القائد الأعلى للجيش يعتبر باطلا لمخالفته المادة 12 من
الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي الموقع بالمغرب عام 2015".
وهذه المادة تنص على أنه "في حال اقتضى الأمر
إجراء تعديل لاحق للإعلان الدستوري يمس الاتفاق أو أحد المؤسسات المنبثقة عنه بشكل
مباشر أو غير مباشر يلتزم مجلس النواب ومجلس الدولة بالتوافق فيما بينهما على صيغة
هذا التعديل".
في الصدد ذاته، رفضت حكومة الوحدة الوطنية قرار مجلس
النواب سحب الثقة منها.
ووصفت
الحكومة، في بيان، ذلك القرار بأنه "رأي
سياسي غير ملزم"، مؤكده أنها "تستمد شرعيتها من الاتفاق السياسي الليبي
(الموقع بالمغرب عام 2015) المضمَّن في الإعلان الدستوري، وتلتزم بمخرجاته التي
نصت على أن تُنهي الحكومة مهامها بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية".
وانبثقت حكومة الوحدة كسلطة تنفيذية لفترة تمهيدية
عن ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عُقد في جنيف عام 2021.
ويختلف الليبيون حول مدة ولاية الحكومة؛ إذ ينص
اتفاق جنيف آنذاك الذي جاء بالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة على أن مهمتهما تنتهي
بإجراء انتخابات عامة في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
وبسبب عدم إجراء الانتخابات، تقول أطراف ليبية إن
مدة ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة لم تنته.
فيما ترى أطراف أخرى أن عدم إجراء الانتخابات في ذلك
التاريخ لا يعني عدم انتهاء ولايتهما، وهو ما اتخذه مجلس النواب لقراره اليوم.
وقالت حكومة الدبيبة في بيانها ذاته، إن
"رئيس مجلس النواب (عقيلة صالح) يُصرّ مع عدد من النواب على عقد جلسات غير مكتملة
النصاب ولا تتسم بالنزاهة والشفافية".
إضافة لـ"تخليهم عن التزاماتهم تجاه الاتفاق
السياسي والإعلان الدستوري وتعهداتهم للأطراف السياسية عبر إعلانهم المتكرر الذي
يفيد بسحب الثقة من الحكومة وتنصيب حكومة موازية ليس لها ولا لحقائبها الشكلية أي
أثر ملموس".
ومنذ مارس/ آذار 2022 توجد حكومتان إحداهما تحظى
باعتراف دولي وأممي وهي حكومة الوحدة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد
بالكامل.
أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب وهي حكومة
أسامة حماد ومقرها في مدينة بنغازي وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعمَّق وجود الحكومتين أزمة سياسية يأمل الليبيون في حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها منذ سنوات وتحول دون إجرائها
خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.