عقب توالي إصابات عدد من الأفراد من أهالي قطاع
غزة، المحاصرين، والمُستمرّين في العيش على ويلات عدوان الاحتلال الإسرائيلي عليهم، لم تعد المستشفيات صالحة لاستقبالهم، فأصبح يُلقى بهم على الأرض؛ خاصة بعد استهداف مستشفى ميداني داخل مدرسة "السيدة خديجة" غرب المدينة.
أشرف فايد، ذو الـ59 عاما، هو مسن
فلسطيني، وواحد من الملقى بهم على الأرض، في قلب قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى "شهداء الأقصى" شرق مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد إصابته بحروق في غارات إسرائيلية، لا يزال مُنتظرا دوره في تلقي رعاية طبّية، في ظل الاكتظاظ الكبير الذي يشهده المكان.
وفي حديثه لوكالة "الأناضول" قال المسن فايد، "كنت أجلس مع ابنتي داخل المدرسة، وفجأة وقع انفجار كبير، وتطايرت الشظايا والحجارة وألسنة اللهب باتجاهنا".
"ثلاثة صواريخ سقطت على المستشفى الميداني داخل المدرسة، مما تسبب باستشهاد وإصابة العشرات، تم نقلنا إلى المستشفى بواسطة سيارات مدنية وعربات لتلقي العلاج" يتابع المتحدث بكلمات ينطقها بصعوبة وألم.
وأوضح فايد أن "القصف الإسرائيلي تسبب في إصابتي بحروق في أنحاء جسدي وبعض الجروح، ناهيك عن آلام في مختلف أجزاء الجسم".
على غرار فايد، يجلس باسل أبو كميل ذو الـ32 عاما، وهو شاب نجا من قصف على الأرض في ساحة المستشفى، بجوار جثمان شقيقه محمد الذي استشهد في المجزرة، وتظهر على وجهه ملامح الحزن والألم، وقد غمرته الدموع وهو ينظر إلى شقيقه الملطخ بالدماء.
وقال أبو كميل: "كنت جالسا في المستشفى الميداني مع أخي محمد، الذي أصيب في قصف إسرائيلي سابق أسفر في حينه عن استشهاد عائلته بالكامل وإصابته، وفجأة، قصفت الطائرات المستشفى بشكل وحشي"، مردفا: "الاستهداف الإسرائيلي استهدف الغرف التي كان يوجد فيها المصابون من غارات إسرائيلية سابقة، والذين كانوا يتلقون الرعاية الطبية فيها".
واقع صحي صعب
داخل القطاع المحاصر، والمقاوم للإبادة الجماعية التي يصرّ عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، لم يعد هناك مجال رحب للعلاج، حيث هناك حدّة في نقص الأسرّة والمستلزمات الطبية والأدوية، ناهيك عن الاكتظاظ؛ فباتت الحالات المصابة مُتناترة في كل مكان، والدماء في كل زاوية.
وما بين انتظار تلقّي العلاج، وتكفين الشهداء، يمضي المشهد الصحّي داخل قطاع غزة على إيقاع مناظر عصيبة. فيما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، السبت، عن ارتفاع عدد الشهداء، جرّاء استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لمستشفى ميداني داخل مدرسة تؤوي نازحين في دير البلح، وسط القطاع إلى 31 شهيدا بينهم أطفال وإصابة العشرات.
بدوره، قال خليل الدقران، وهو المتحدث باسم مستشفى شهداء الأقصى: "الوضع داخل مستشفى شهداء الأقصى صعب للغاية بسبب الأعداد الكبيرة للضحايا، ولا سيما المصابين".
وأضاف الدقران: "أكثر من 60 بالمئة من الإصابات التي وصلت إلى مستشفى شهداء الأقصى نتيجة المجزرة الإسرائيلية الجديدة هي إصابات خطيرة، وبحاجة إلى عمليات عاجلة".
وأوضح أن "المستشفى ممتلئ عن بكرة أبيه بالجرحى والمصابين، وعدد كبير منهم ملقى على الأرض في مدخل قسم الاستقبال والطوارئ في ظروف سيئة"، مؤكدا عدم وجود أدوية ومستلزمات طبية وسعة سريرية كافية داخل المستشفى.
"نحن نعاني في المستشفى من أزمة حقيقية تتطلب من العالم أجمع التدخل الفوري لإنقاذ الوضع، خاصة أن الاحتلال ما يزال مستمرا في ارتكاب المجازر ضد المدنيين في القطاع" يردف المتحدث نفسه.
تجدر الإشارة إلى أن جُل الأماكن التي قصفها جيش الاحتلال في الآونة الأخيرة، تدخل في الأساس ضمن المناطق "الإنسانية" في غرب مدينة دير البلح، حيث سبق وأن دعا المواطنين للنزوح إليها.
ومضا جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ انطلاق عدوانه على كامل القطاع المحاصر، على استهداف مجمل الأماكن التي تُصنّف أساسا بالآمنة، من قبيل مساجد وكنائس ومستشفيات ومدارس ودور سكن.
إلى ذلك، استشهد نحو 30 فلسطينيا، فيما أصيب عشرات آخرون، في حصيلة أولية، جراء ارتكاب الاحتلال مجزرة بحق نازحين في إحدى المدارس التابعة لـ"الأونروا" في دير البلح، وسط قطاع غزة.