وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"،
إن مجمع رمبام للرعاية الصحية يعالج جرحى القتال في غزة فوق الأرض، بينما يستعد
المستشفى الرائد في شمال إسرائيل، تحت الأرض، لما يمكن أن يكون الحرب القادمة في
البلاد؛ أي الصراع الشامل مع حزب الله.
وذكرت الصحيفة أن أربع غرف عمليات، وجناح للولادة
ومركز لغسيل الكلى، هي من بين المرافق التي أقامها المستشفى في ثلاثة طوابق تحت
الأرض في مرآب السيارات، كجزء من خطته لمواصلة العمل إذا تصاعد تبادل
إطلاق النار اليومي بين إسرائيل والجماعة التي تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية
جماعة إرهابية عبر الحدود مع
لبنان.
وأضافت الصحيفة أن أسرّة المستشفى وضعت بجانب خطوط
الأكسجين والشفط المدمجة داخل جدران موقف السيارات، وتكدست الأدوية على رفوف قابلة
للدحرجة، وتم تعليق قنوات التهوية من السقف. ويتدرب الأطباء على إخلاء عنابرهم إلى
مرآب السيارات، استعدادًا لنقل العمليات تحت الأرض في غضون ثماني ساعات، والاستعداد
لاستقبال مرضى جدد.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور مايكل هالبرثال، مدير
المستشفى، قوله: "نتوقع أن يكون لدينا آلاف المصابين هنا. وهذا ما نحن نستعد
له".
وأوضحت الصحيفة أن مراكز الرعاية الصحية وخدمات
الطوارئ والسكان في جميع أنحاء إسرائيل يستعدون لحرب قد تفوق بكثير أضرار الصراع
مع حماس. فحزب الله أفضل تدريبًا وأكثر تسليحًا، ولديه مخزون صاروخي يقدره الخبراء
بـ150 ألف قذيفة قادرة على حصار البلد بأكمله.
أفادت الصحيفة بأن الحركة بدأت في مهاجمة إسرائيل
في اليوم التالي لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر التي قادتها حماس وخلفت 1200 قتيل،
وتقول إنها لن تتوقف حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وقد أدى القتال
إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين من كلا الجانبين. وتهدد إسرائيل بحرب شاملة إذا
لزم الأمر لتأمين حدودها الشمالية وإعادة الناس إلى منازلهم.
وفي حال حدوث ذلك، تتوقع سلطات الطوارئ والبلدية
الإسرائيلية أن تنهمر 4000 قذيفة وصاروخ كل يوم، ما قد يشبع الدفاعات الجوية على
الأرجح. وقد يصل عدد الإصابات اليومية إلى الآلاف. ومن المحتمل أن تندلع مئات
الحرائق والدمار الواسع النطاق للبنية التحتية العامة والمنازل الخاصة، وكل ذلك
يستنزف موارد فرق الاستجابة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يمكن أن يكون الدمار في
لبنان واسع النطاق. فقد أدى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى تدمير أكثر من
نصف مباني القطاع، وفقًا لتقديرات حديثة تستند إلى بيانات الأقمار الصناعية، كما
خلّف أكثر من 38,000 قتيل، بحسب السلطات الصحية في غزة. وقال وزير الدفاع
الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال، في كانون الثاني/
يناير، إن الجيش الإسرائيلي يمكن أن "ينسخ" ما حدث في غزة إلى بيروت إذا
ما دفعه حزب الله.
وقالت الصحيفة إن جمعيات أصحاب المنازل في جميع
أنحاء إسرائيل تقوم بإخلاء الملاجئ المتربة في المباني السكنية، وإصلاح السباكة، وتخزين المياه، والإمدادات للاستعداد للإقامة الطويلة تحت الأرض. ويحتفظ البعض في
تل أبيب بأكياس من المستلزمات الأساسية معبأة عند الباب. ويتم تعزيز طواقم الطوارئ،
ويتم تأمين الإمدادات من الضروريات مثل الدم.
وذكرت الصحيفة أن هالبرثال قاد عملية الفرز في رمبام
خلال حرب إسرائيل الأخيرة مع حزب الله، وهي حرب استمرت 34 يومًا في سنة 2006،
عندما اهتز المستشفى مع سقوط حوالي 70 صاروخًا في مكان قريب. ودفعت تلك التجربة
المستشفى إلى بناء المنشأة تحت الأرض، التي تدعي أنها أكثر المنشآت الطبية
تحصينًا في العالم.
ونقلت الصحيفة عن هالبرثال قوله إن وزارة الصحة
الإسرائيلية طلبت من مستشفى رمبام الاستعداد لزيادة طاقته الاستيعابية بنسبة 40
بالمئة إذا اتسع نطاق القتال، مضيفًا: "السيناريو المرجعي لدينا هو حرب
مدتها 60 يومًا على الأقل، مع سقوط صواريخ قوية جدًا حولنا كل أربع دقائق".
وأضافت الصحيفة أن إيلي بن، المدير العام لمنظمة
"ماغن دافيد أدوم"، المنظمة غير الربحية التي تدير الاستجابة الطبية
الطارئة في إسرائيل، يقوم بتخزين الإمدادات على مدى الأشهر القليلة الماضية في
منشأة تحت الأرض جنوب تل أبيب.
وتقوم الرافعات بنقل البضائع، المتكونة من الضمادات
الميدانية والمحاقن والأدوية، إلى صفوف من الأرفف متعددة الطوابق في المستودع.
ويمتلئ موقف السيارات ببعض من سيارات الإسعاف البالغ عددها 200 سيارة، كما يقول
بن، أضافتها منظمة "نجمة داود الحمراء" إلى أسطولها منذ بدء الحرب في
غزة. ومن المفترض أن تكون إحدى الشاحنات المجهزة بطبق استقبال الأقمار الصناعية
بمثابة محطة طبية متنقلة في حالة توقفت المنشأة عن العمل. وتقف السيارة بجوار خيمة
صفراء كبيرة يمكن استخدامها كمستشفى ميداني مؤقت.
وقال بن: "نحن نعلم ونتوقع أن ما حدث في الجنوب
ليس سوى مقطع ترويجي لما سيحدث في الشمال".
ووفق الصحيفة، تدير منظمة "نجمة داود
الحمراء" أيضًا بنك الدم الوطني الإسرائيلي، الذي نقلته مركزيًا إلى تحت
الأرض في تشرين الأول/ أكتوبر، لحمايته من الهجمات. وكانت المنشأة تعالج 1500 وحدة
دم يوميًّا في ذروة الحرب الحالية. ويتم تدوير بعض هذه الوحدات من خلال احتياطي
الدم الإستراتيجي في إسرائيل، والذي تحرسه منظمة نجمة داود الحمراء في قبو مبرد
مراقب عن كثب، يقع على ثلاثة طوابق تحت الأرض.
وتقوم منظمة نجمة داود الحمراء، التي قُتل موظفوها
خلال هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بتجهيز المستجيبين الأوائل المحليين ليكونوا
جاهزين في البلدات الصغيرة في إسرائيل، بدءاً بتلك الأقرب إلى لبنان.
ونقلت الصحيفة عن الضابط الكبير كفير بيبيتكو،
المسؤول عن عمليات مكافحة الحرائق الوطنية، قوله إن خدمات الإنقاذ ومكافحة الحريق
الإسرائيلية تقوم بتدريب أكثر من 150 فريق استجابة مدني في المجتمعات الواقعة على
بعد 18 ميلاً من حدود إسرائيل مع لبنان.
وقد تم تجهيز الفرق بمركبات صغيرة لمكافحة الحرائق
صالحة لجميع التضاريس، ما يسمح لهم بالتحرك بسرعة عبر الأراضي الزراعية في
المنطقة، وقد تسببت الغارات الجوية التي شنها حزب الله في اندلاع أكثر من 100 حريق
في شمال إسرائيل، بما في ذلك حريق في حزيران/ يونيو استمر لعدة أيام.
وقال بيبيتكو: "نحن نواجه صعوبة في الوصول إلى
المناطق القريبة من الحدود، لأنهم يطلقون النار عليهم".
في يوم صافٍ في حيفا، على بعد حوالي 20 ميلاً من
الحدود اللبنانية، يرى يائير زيلبرمان بلدة روش هانيكرا الحدودية الإسرائيلية
المدمرة من نافذة مكتبه. وقال زيلبرمان، الذي يشرف على استعداد المدينة للطوارئ،
إن القتال قد يصل إلى حيفا في أي لحظة.
وبينت الصحيفة أن المدينة تستعد لقصف أكثر كثافة مما
شهدته في سنة 2006، على الرغم من إدخال نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي القبة
الحديدية منذ انتهاء تلك الحرب. وقال زيلبرمان إنه في ذلك الصراع الذي دام شهرا،
تم استهداف حيفا بحوالي 100 صاروخ.
وأضاف: "استهدفت المدينة بثلاثة صواريخ في
اليوم. وهي لا شيء مقارنة بما يتحدثون عنه الآن".
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر، أنشأ فريق زيلبرمان أكثر
من 100 ملجأ عام جديد، وزودها بالمولدات الكهربائية وإمكانية الوصول إلى الإنترنت،
كل ذلك استعدادًا للتصعيد مع حزب الله. وهذا لا يزال يترك الآلاف من سكان حيفا
البالغ عددهم 300 ألف نسمة دون الحصول على مأوى مناسب.
ولفتت الصحيفة إلى أن حيفا تعد موطنًا لبنية تحتية
كبيرة لمصفاة النفط، حيث تحتوي على صهاريج من البنزين والنفط والمواد الكيميائية
والمواد الخطرة. وقد طلبت المدينة من الحكومة الإسرائيلية نقل المنشآت وهي تفكر في
اللجوء إلى المحكمة، على الرغم من أنه من غير المرجح أن يساعد ذلك في هذا الصراع.
بعد حرب سنة 2006، نجحت حيفا في شن معركة لنقل حوالي
12 ألف طن من الأمونيا شديدة السمية، كما قال يونا ياهاف، رئيس بلدية حيفا. وأضاف
أن التسرب الناجم عن ضربة جوية أو حطام كان من الممكن أن يؤدي إلى مقتل آلاف
المدنيين.
وتم إخلاء البلدات القريبة من الحدود الإسرائيلية مع
لبنان، وتحول بعضها إلى أنقاض بسبب القصف المستمر.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض
لضغوط لحل الوضع. وترى العائلات النازحة أن العام الدراسي الذي يبدأ في الأول من
أيلول/ سبتمبر يمثل علامة مهمة. وفي الوقت نفسه، تشعر السلطات بالقلق من أن
إسرائيل وحزب الله يقفان على مسافة واحدة من التصعيد.
وقال بن، من منظمة "نجمة داود الحمراء"،
إن "ما يقلقنا ويحرمنا النوم هو السيناريو الذي يرتكب فيه خطأ من جانب واحد.
من يرمي عود ثقاب في الملعب ويشعله، فمن المرجح أن يشعل النار في الشرق الأوسط
بأكمله".