صحافة إسرائيلية

تشكيك إسرائيلي مستمر برواية اغتيال الضيف.. "حماس تتعافى سريعا"

ترصد "عربي21" جملة من المواقف الإسرائيلية حول حقيقة ما حصل في خانيونس- إكس
تواصلت الشكوك الإسرائيلية برواية جيش الاحتلال التي أعلنها في بداية ارتكابه المجزرة البشعة أمس، بحق الفلسطينيين في منطقة "المواصي" غرب خانيونس، بشأن اغتيال القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف.

وترصد "عربي21" جملة من المواقف الإسرائيلية حول حقيقة ما حصل في خانيونس، وهل فعلا تم اغتيال الضيف أم لا؟ وماذا يعني ذلك بالنسبة للاحتلال؟ ولماذا أخفق في الوصول إليه بعد تسعة أشهر من الحرب، وأكثر من ثلاثة عقود من المطاردة؟

المدافع عن القدس
 يوسي يهوشوع، الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن "كل كلمة يمكن أن تقال في مسألة اغتيال الضيف يجب أن تُكتب بالحذر المطلوب، لأنه حصلت هناك محاولات أخرى لاغتيال مسؤولين عسكريين كبار في حماس في الفترة الأخيرة، ولا يوجد تأكيد حاليا على نجاتهم أو مقتلهم".

وتابع في مقال ترجمته "عربي21": "مع أن اغتيال الضيف، في حال تم فعلا، فالمسألة لا تعدو كونها رمزية، لأنه بنى الذراع العسكري، وحوّله من مليشيا إلى جيش منظم، ونجح في مفاجأة الاحتلال في طوفان الأقصى، وكان على الإسرائيليين فقط الاستماع إليه على مر السنين كي يعتبر نفسه "المدافع عن القدس"، ونجح في توحيد الساحات في مايو 2021 عندما أطلق الصواريخ على القدس، الذي اعتبر في حينه خطأ استخباراتيا من جانب الشاباك والجيش".

وأضاف أن "محاولة اغتيال الضيف الأخيرة كانت بمثابة إجراء مضاد متفجر، وكانت المعلومات الاستخبارية عن وجوده في مواصي خانيونس قوية للغاية ودقيقة ومتقاطعة، حيث انتظر الجيش وصول بعض التحققات الواضحة التي لا لبس فيها، ثم تم تنفيذ الهجوم بالضبط، دون التأكد حتى الآن من نجاح العملية".



آفي يسسخاروف، محرر الشئون العربية بصحيفة يديعوت أحرونوت، وصف "الضيف بأنه رجل ميداني وخبير استراتيجي، ومرشد عسكري، ورئيس أركان عسكري لحماس، ومسؤول عن تحويل مجموعة صغيرة إلى جيش مدرب قادر على احتلال مستوطنة إسرائيلية، واحتجاز مئات الرهائن، وإذا أصيب بالفعل، فسيتم تعيين خليفة له في الأيام المقبلة، رغم أنها ستكون الضربة العملياتية والرمزية والنفسية الأعنف التي تتلقاها حماس منذ أن أعلن الضيف بنفسه الحرب على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023".

الإشراف العسكري المباشر
وأشار في مقال ترجمته "عربي21" إلى أن "الضيف فوق أي شخص آخر في كتائب القسام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى نجاته من العديد من محاولات الاغتيال، وربما أيضًا بسبب أقدميته، فقد كان مطلوباً منذ بداية التسعينيات، وظهرت صورته في سجلات المطلوبين لمقاتلي الوحدات الخاصة التي عملت في الضفة وغزة منذ 31 عاماً، الذين بحثوا عنه منذ انطلاق السنوات الأولى من عمل الذراع العسكرية".

وأشار  إلى أن "الضيف أشرف بنفسه عن كثب على المشتريات العسكرية والتدريب والاستخبارات والهجمات المسلحة، ورغم تعرضه لأذى جسدي نتيجة محاولات الاغتيال المختلفة، فقد كان عقله مبتكرا لهجوم السابع من أكتوبر، وقبلها الأنفاق والصواريخ، ورسم "خارطة الطريق" للذراع العسكرية منذ لحظة تأسيسها، وحتى يومنا هذا، ما يدفع الجيش والاستخبارات لجمع معلومات استخباراتية معقدة حوله".

مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب، زعم أن "اغتيال الضيف، إن تم فعلا، فهو ضربة قاسية لحماس، لكنها ليست بداية الانهيار لها، لأن الحركة أظهرت قدرتها على إعادة بناء نفسها بسرعة، ومن غير المرجح أن تتزعزع قبضتها على القطاع، رغم أننا سنكون أمام أحد التطورات الأكثر دراماتيكية التي حققها الاحتلال في الحرب الحالية على غزة، ولكن مع ذلك، فمن المهم الحفاظ على التوازن، فقد تعرضت حماس بالفعل لضربات مماثلة في الماضي، وأظهرت قدرة على التعافي".



وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21"، أنه "لا يبدو أن هذه خطوة، في حال تحققت فعلا، يتوقع لها أن تقوض مكانة حماس باعتبارها العامل المهيمن في القطاع، فالضرر الذي قد يلحق بها له معان رمزية، أكثر منها وظيفية، فقد بات الضيف نفسه منذ سنوات كأحد رموز حماس، وأصبح أحد الأبطال الثقافيين لجيل الشباب الفلسطيني الذي يمكن سماع هتافاته "احنا جنود محمد ضيف" من رفح مروراً بالقدس إلى جنين، وإن تجنبه للظهور العلني، ونجاحه في النجاة من عدد كبير من محاولات الاغتيال، ساهم لتشكيل هالة من شخصية "شبحية" تمكنت من أن يتردد صداها لدى الاحتلال لسنوات طويلة".

وأشار إلى أنه "في الوقت نفسه، يعتبر الضيف المهندس الرئيسي للجناح العسكري لحركة حماس منذ تأسيسها عام 1987، وحوّلها من منظمة مسلحة وحرب عصابات إلى شبه جيش نظامي، هيئة مؤسسية لها سلطة الدولة، طورت مجموعات من الصواريخ والأنفاق، وخطط عملياتية مبنية على المبادرة والجهد العسكري الواسع، كما تجلى في السابع من أكتوبر، وتعتبر محطات حياته تجسيدا لمراحل تطور حماس ذاتها".

سرعة تعافي حماس
وزعم أن "الضيف معروف بتركيزه على الجوانب العسكرية المهنية، وتجنب التعامل مع القضايا الاستراتيجية والسياسية، ولا يتوقع أن يؤدي القضاء عليه، إن تم فعلا، للإضرار بالنشاط العسكري لحماس، لأن ما ثبت بعد تسعة أشهر من القتال، أنها تنشط في كل نقطة في قطاع غزة، وتتمكن من تغيير شكلها وخصائصها حسب الظروف المتاحة، ولذلك قد يجد هذا الفضاء تعبيرًا له في القدرة على تخطيط وإدارة التسلسل القيادي، وربما في الدائرة المحدودة لصنع القرار الاستراتيجي، أي تعويض غياب الضيف، إن غاب فعلا".

واستدرك بالقول إننا "يجب علينا انتظار تأكيد اغتياله، عقب تكرار محاولات تصفيته التي بدت ناجحة، لكنها باءت بالفشل، ومن المهم تذكر القدرة على إعادة تأهيل الذات العالية لحماس، التي فقدت بالفعل معظم قادتها السابقين في الاغتيالات، وعلى رأسهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، صحيح أنها إصابات مؤلمة للغاية، وتتسبب بأضرار على المدى القصير، لكن هناك دائمًا بدائل للقادة الذين تمت تصفيتهم، صحيح أنهم قد يكونون بخبرة أقل، لكنهم بنفس المستوى من الحماسة".

وأكد أنه "من غير المتوقع على الأرجح أن يؤدي القضاء على الضيف، إن تم فعلا، إلى تقويض قبضة حماس العميقة على قطاع غزة، الذي يترافق مع دعم شعبي واسع، وسيطرة على الفضاء المدني، ومن الناحية العملية، يتوقع أن يؤدي الاغتيال، إن وقع فعلا، إلى تعزيز روح التضحية التي تغرسها حماس في العقل العام".