نشرت صحيفة "
لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن التكهنات حول صحة جو بايدن التي تغذيها محاولات فريقه مراقبة ظهوره العلني.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وسائل الإعلام الأمريكية المحافظة وعلى رأسها قناة "فوكس نيوز" دأبت على بث صور الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يتعثّر أو تائها أثناء النزول من منصة ما، واصفة إياه بأنه رجل عجوز مسنّ تسيطر عليه حاشيته.
وذكرت الصحيفة أن الديمقراطيين يقدّمون بشكل منهجي وجهة نظر معاكسة لهذه الحالة، ويرون في كل سؤال عن صحته أو سنّه مجرد دعاية جمهورية. وقد ذهب الديمقراطيون إلى وصف هذه الصور بأنها "مقاطع فيديو مزيّفة رخيصة"، بينما تم تفسير غياباته اللحظية أو خطاباته غير الواضحة بالتأتأة التي كافح بايدن سنوات للتغلب عليها خلال شبابه بأنها طبيعية وأنه كان هو نفسه يسخر منها.
أعراض مثيرة للقلق
في 27 حزيران/ يونيو الماضي، حسمت المناظرة المتلفزة بين بايدن ومنافسه دونالد ترامب حالة الإنكار التي يعيشها المعسكر الديمقراطي، إذ بدا الرئيس أمام الكاميرات منهكا وغير مسموع تقريبا وتظهر عليه علامات التدهور الجسدي المتسارع، وأعراض أخرى مثيرة للقلق قد تكون أعراض الخرف، وعندها أدركت وسائل الإعلام الديمقراطية فجأة تقدم الرئيس في السن، مع أنه كان أكبر رئيس أمريكي من حيث السنّ عند انتخابه.
وأوضحت الصحيفة أن فكرة كون بايدن أكبر من أن يتولى فترة ولاية ثانية أصبحت في غضون ساعات قليلة الموضوع الرئيسي للافتتاحيات والمحللين، وهو ما ظل يردده أغلبية الناخبين في كل استطلاع للرأي تقريبًا منذ أشهر. وبالفعل أكدت صور الأشهر الأخيرة نفس القصة، فقد ظهر بايدن يتكئ على الملك تشارلز الثالث خلال زيارته الرسمية للمملكة المتحدة، أو يسقط على خشبة المسرح في أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، أو يبدو عليه الضياع في حفل في
البيت الأبيض والجميع يرقصون حوله.
إن مسألة الرقابة الذاتية من قبل وسائل الإعلام الديمقراطية لم تُطرح بعد من قبل المهتمين. وتبقى إمكانية
إخفاء الحالة الصحية للرئيس الأمريكي، الذي يعيش بشكل شبه دائم أمام عدسات كاميرات التلفزيون في وقت تتداول فيه المعلومات بشكل فوري، موضع تساؤل.
تاريخ من الأمراض الخفية في البيت الأبيض
أوردت الصحيفة أن البيت الأبيض تستّر على أمراض العديد من الرؤساء خلال القرن العشرين، مثل شلل وودرو ويلسون الذي أخفته زوجته ووقّعت بدلا منه على الوثائق الرسمية، وفرانكلين دي روزفلت الذي لم يظهر لفترة طويلة على كرسيه المتحرك، إلى "مرض أديسون" الذي عانى منه جون كينيدي، ومرض الزهايمر الذي أصاب رونالد ريغان خلال ولايته الثانية. وتعدّ الحالة الصحية لجو بايدن حتى الآن موضع تكهنات لعدم نشر أي تقييم طبي، ولكن الطريقة التي تسيطر بها حاشيته على مظهره وتحدّ بها من تفاعلاته، تعمل في الوقت الراهن على تغذية الشكوك.
في مجلة نيويورك تايمز، كانت الصحفيّة أوليفيا نوزي صريحة قدر الإمكان في الحديث عن "مؤامرة صمت لحماية جو بايدن". وقد وصفت كيف أن حاشية الرئيس تبعده بعناية عن الاتصالات المطولة مع الأشخاص الخارجيين. وأوضحت قائلة: "الخوف ليس من أن يقول بايدن شيئا لم يقصده، بل من أنه سينقل من خلال مظهره وتصرفاته أنه ليس موجودًا بالفعل".
مؤتمر صحفي طال انتظاره في قمة الناتو
كشف الموقع السياسي أكسيوس أن فريق بايدن يجهز لظهوراته العامة دليلاً صغيراً مخصصاً له، مطبوعاً بخط كبير وموضحاً بالصور، يظهر فيه الطريق الدقيق الذي يجب أن يسلكه للوصول إلى المنصة.
وتعد الاجتماعات مع مانحي الحزب الديمقراطي أحداثًا شبه خاصة تعقد عادة في غرف مغلقة أمام الجمهور ويتم تنظيمها بعناية مثل مؤتمرات القمة الدولية. وسيكون الرئيس في ظهوره هذا مصحوبًا بأجهزة التلقين الخاصة به، وهي ألواح زجاجية غير مرئية تقريبًا تستخدم حتى في الخطب التي لا تتجاوز مدتها البضع دقائق.
تجنب أي مفاجآت غير سارة
أشارت الصحيفة إلى أن أحد آخر حواراته مع الصحفيين نُظم في شباط/ فبراير الماضي، خلال مؤتمر صحفي مرتجل للرد على نشر تقرير المدعي الخاص روبرت هور - المدعي العام المسؤول عن التحقيق في الوثائق السرية التي احتفظ بها بايدن بشكل غير قانوني بعد تركه منصب نائب الرئيس.
وفي بقية الوقت، اقتصرت اتصالات بايدن مع الصحفيين على تبادلات موجزة للأسئلة والأجوبة عند مغادرته البيت الأبيض وعودته إليه. كما أنه يتم التخطيط لرحلات الرئيس بعناية لتجنب أي مفاجآت غير سارة. ومنذ سقوطه العلني على ممر طائرة الرئاسة، يستخدم بايدن المخرج الخلفي للطائرة الرئاسية. كما أن الرئيس يرتدي أيضًا أحذية هوكا الرياضية ذات النعل السميك أكثر من الأحذية الجلدية.
الوصول إلى الرئيس يخضع لرقابة مشددة
على عكس البيت الأبيض في عهد ترامب، حيث تسرّب محتوى أصغر الاجتماعات بشكل متكرر إلى وسائل الإعلام، فإن البيت الأبيض في عهد بايدن يتحكم بشدة في المعلومات المسربة، ولا يرى الرئيس إلا مجموعة صغيرة من الأصدقاء المقربين والعائلة والمتعاونين.
وقد وُضع هذا النظام حتى قبل انتخابه في سنة 2020 خلال الحملة الرئاسية، وفي خضم جائحة كوفيد-19 وضعت حاشية بايدن بروتوكولا صارما للغاية لحماية المرشح الديمقراطي، البالغ من العمر 78 عاما وقتها، من العدوى. ويُلقي بايدن بمعظم مداخلاته من قبو مسكنه، عبر الفيديو أو عبر تطبيق زووم.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن هذا النظام ظل قائمًا رغم انتهاء الوباء وأتاح إخفاء التدهور الصحي للرئيس عن وسائل الإعلام والجمهور جزئيا ما ولّد الشك - علمًا بأن الهجوم المضاد من جانب بايدن وحاشيته، دون إثبات سلامة حواسه، يغرق الحزب الديمقراطي في أزمة ثقة قد يصل تأثيرها إلى خسارة الانتخابات.