ربط تحقيق صحفي لموقع "
ميدل إيست آي"
بين رئيس الوزراء البرطاني
ريشي سوناك واليمين
الهندوسي المتطرف في
الهند.
وتتبع
التحقيق ارتباطات سوناك وعائلته بجهات وأطراف لها علاقة بمنظمات هندوسية متطرفة، داعمة لرئيس الوزراء الهندي القومي المتطرف ناريندرا مودي وحزبه بهارتيا جاناتا.
وكشف
التحقيق مدى العلاقة بين حزب المحافظين وتلك المجموعات التي تؤمن بالتفوق
الهندوسي.
وفيما
يلي الترجمة الكاملة للتحقيق:
للوهلة
الأولى، لا يبدو أن ثمة ما يثير الغرابة إزاء مشاركة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك
في احتفال ديني نظم في مدينة كامبريدج أواخر الصيف الماضي.
فما
من رئيس وزراء تقريبا، إلا ويحضر نشاطات ثقافية للاحتفاء بما يتميز به البلد من تعددية
دينية وعرقية وثقافية.
ولكن، في عصر ذلك اليوم الحار، الموافق للخامس عشر من آب/ أغسطس، ثمة ما بدا خارجا عن المألوف.
فالحدث
الذي نظم في خيمة مكتظة داخل حرم جامعة كامبريدج، لم يكن قد أعلن مسبقا عن حضور سوناك
فيه، ولم يحظ بترويج من قبل أي من حسابات رئيس الوزراء على مواقع التواصل الاجتماعي،
ولا من قبل مكتب رئاسة الوزراء أو حزب المحافظين.
كان
ذلك عيد استقلال الهند، ويومها بدأ سوناك زيارته المفاجئة إلى كلية يسوع في جامعة كامبريدج، باستلام المايكروفون والانحناء أمام موراريبابو، الواعظ الذي كان يترأس الاحتفال.
وبينما
شبك يديه معاً كجزء من تحية ناماسكار التقليدية، قال سوناك: "يا بابو، لست هنا
اليوم بوصفي رئيسا للوزراء، وإنما بوصفي هندوسيا".
ومضى
يقول أمام جمهور الحاضرين الذين ردوا عليه بتصفيق حاد؛ "إن العقيدة بالنسبة لي
أمر شخصي جدا، فهي التي توجهني في كل جانب من جوانب حياتي."
وأضاف؛ "إنه لشرف عظيم أن يكون المرء رئيسا للوزراء، ولكنها ليست وظيفة سهلة، فثمة خيارات
صعبة على المرء أن يقرر بشأنها، خيارات لا بد من مواجهتها، وعقيدتنا هي التي تمنحني
الشجاعة والقدرة على فعل ما هو الأفضل لصالح بلدنا. إن قيمنا، وما أرى بابو يقوم به
في كل يوم من أيام حياته، لهي قيم الخدمة المتفانية، وتكريس الذات، والحفاظ على العقيدة".
إلا
أن بابو، البالغ من العمر سبعة وسبعين عاما، الذي ظل قاعدا على مسطبة مرتفعة، معربا عن ترحيبه الحار بعبارات سوناك المفعمة بالثناء عليه، لم يكن واعظا دينيا عاديا.
بابو
داعية هندوسي ينحدر من ولايات غوجرات غربي الهند، ولطالما ارتبط بعلاقات وثيقة بما
يسمى سانغ باريفار، وترجمتها التقريبية "عائلة راشترياسوايامسيفاك سانغ (آر إس
إس)، التي هي عبارة عن مجموعة من المنظمات القومية الهندوسية، التي لم تزل تمارس العنف
السياسي ضد الأقليات في الهند.
هذه
المنظمات التي تعرف اختصارا باسم "آر إس إس"، والتي كانت قد صممت على نمط
المنظمات الفاشية الأوروبية بما فيها النازية، هي مجموعات قومية هندوسية شبه عسكرية، ديدنها استهداف المسلمين وغيرهم من الأقليات التي تعيش في الهند.
يقول
أنصار "آر إس إس"؛ إن المنظمة تحمل أيديولوجيا قومية تلتزم بالثقافة والقيم
الهندوسية، إلا أن النقاد يزعمون أنها "تقوم على الاعتقاد بالتفوق الهندوسي".
وخلال
السنين الأخيرة، ارتبطت منظمة "آر إس إس" ارتباطا وثيقا بحزب بهاراتيا
جاناتا القومي الهندوسي المتطرف الحاكم في الهند، وبوصوله السريع إلى السلطة، وكذلك
هو حال العشرات من الجماعات الهندوسية اليمينية الأخرى في طول البلاد وعرضها.
على
الرغم من أن بابو نفسه سعى إلى النأي بنفسه نسبيا عن السياسة، إلا أن بعض تصريحاته
وممارساته على حدّ سواء، كان لها تداعيات بعيدة المدى على الهندوس والمسلمين في أرجاء
العالم.
يفاخر
هذا الداعية بأن لديه مليون متابع عبر مختلف منصات وسائل التواصل الاجتماعي، وحظيت
المقاطع المصورة التي يسجلها، ويظهر فيها وهو يتلو أو يشرح النصوص الهندوسية القديمة،
بما يزيد عن مائة مليون مشاهدة عبر يوتيوب وحده.
أما
في صفوف ما يزيد عن مائتي مليون مسلم هندي، فإن شهرة بابو لا تتعلق بحضوره في منصات
وسائل التواصل الاجتماعي، بقدر ما تتعلق بدوره في إنشاء معبد رام المثير للجدل في أيوديا.
أقيم
هذا المعبد على أنقاض مسجد بابري التاريخي الذي يعود إلى القرن السادس عشر، والذي دمرته
عصابة أوباش من القوميين الهندوس في السادس من كانون الأول / ديسمبر 1992.
كان
الإله الهندوسي رام هو محط التركيز خلال النشاط الذي نظم في جامعة كامبريدج في شهر
آب/ أغسطس الماضي، الذي تحدث فيه بابو بدعوة من عضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين
اللورد دولار بوبات.
شكل
إنشاء معبد رام، ولسنوات عديدة، قضية أساسية بالنسبة لحزب بهارتيا جاناتا، وظل جزءا من النقاش الدائر على نطاق واسع حول العلمانية والحرية الدينية، وحول مسائل الإرث التاريخي.
خلال
الجولة الأخيرة من الانتخابات الهندية التي جرت في عام 2019، قاد بابو حملة قوية لصالح
بناء المعبد، كما انضم إلى زعيم منظمة "آر إس إس"، موهان باغوات، للمطالبة
بإنشائه.
حينذاك،
أعلن بابوا بأن عمل رام يحتاج إلى إنجاز، بينما حث باغوات أعضاء المنظمة الذين يصل
عددهم إلى ما يقرب من ستمائة ألف على الإنصات إلى الداعية.
بعد
عامين، وفي خضم جائحة فيروس كورونا الذي شل الهند، وعلى الرغم مما سببه ذلك من فوضى
مالية عارمة ومن إشعال نيران العنف الطائفي، تمكن بابو من جمع ما يقرب من 1.75 مليون
جنيه (ما يعادل 2.2 مليون دولار) لبناء المعبد.
كان
بابو، حينما التقى به سوناك في آب/ أغسطس الماضي، قد برز بوصفه أكبر متبرع لمشروع المعبد.
في كانون
الثاني / يناير، عندما كان المعبد قيد التكريس، ظهر بجلاء الدور المتضخم للداعية بابو،
الذي حظي بتكريم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي له في أثناء حفل الافتتاح.
وكان
حزب المؤتمر، أكبر أحزاب المعارضة في الهند، قد رفض المشاركة في الحفل، وكذلك كان موقف
العديد من زعماء الأحزاب الأخرى.
كما
تحدث العديد من كبار زعماء الدين الهندوس ضد الاحتفال، ليس انطلاقا من كونه يشكل إساءة
للمواطنين المسلمين أو لأنه قد يثير التوترات، وإنما باعتباره مناقضا للنصوص الهندوسية؛ نظرا لأن المعبد لم يكن مكتمل،. وكان البعض معارضا للدور المتصدر لمودي في الاحتفال.
ولكن
ليس بابو.
فقد
كان مدافعا شرسا عما تم من إجراءات، وكان يصر على أن دور مودي كان من الأهمية بمكان؛ نظرا لأنه "يمثل الأمة".
توجه
موقع "ميدل إيست آي" باستفسار إلى مكتب رئاسة الوزراء، عما إذا كان سوناك
على علم بالدعم المالي السخي الذي قدمه بابو لمشروع بناء معبد رام في أيوديا، فما كان
من المكتب إلى أن أحال "ميدل إيست آي" إلى حزب المحافظين، الذي بدوره لم
يرد على أي من الطلبات المتكررة من الموقع له للتعليق على الأمر.
أعمال
الشغب في ليستر
بالنسبة لبعض البريطانيين، عززت الشهور الأولى لسوناك
في منصب رئاسة الوزراء، من المخاوف بأن حكومته لم تكن على استعداد للتعامل مع التهديد
المتنامي الذي تشكله أيديولوجيا هندوتفا اليمينية المتطرفة، ولا مع الأخطار التي يشكلها
استيرادها من الخارج.
ينبغي
التمييز بين الهندوسية، وهي دين يمارسه ما يقرب من مليار إنسان حول العالم، والهندوتفا،
تلك الأيديولوجيا السياسية التي ولدت قبل ما يقرب من مائة عام، وتهدف إلى تحويل الهند
العلمانية دستوريا، إلى دولة تخص الهندوس حصريا.
خلال
أسابيع من استلامه لمنصبه، اضطر سوناك لمناهضة الآثار المرتدة لموجة من العنف بين الهندوس
والمسلمين اندلعت في مدينة ليستر، وسط البلاد، التي طالما اشتهرت بتعدديتها الثقافية.
وذلك
أن ما يقرب من مائتي رجل هندوسي يرتدون الأقنعة، نظموا مسيرة انطلقوا بها في حي هايفيلد،
وسط مدينة ليستر، وهم يرددون شعار "جاي شري رام"، الذي يمكن ترجمته إلى
"حيوا الرب رام" أو "العزة للرب رام"، وهي الكلمات نفسها التي يرددها
بشكل متزايد من يمارسون العنف ضد المسلمين داخل الهند.
لم تزل
منظمات الهندوتفا، وعلى مدى عقود، تنظم الحملة تلو الأخرى في مسعى منها لتعميم ونشر
معتقداتها، وإيجاد حالة من الانسجام بين الرموز الدينية الهندوسية والأيديولوجيا التي
تحملها.
أعقب
المسيرة خروج بعض المسلمين إلى الشوارع، مما أدى إلى اندلاع مشاجرات مع أوباش الهندوس.
حينذاك،
خرج عمدة ليستر، السير بيتر سولزبي، وصرح رسميا بأن عقيدة هندوتفا كان لها دور في
اندلاع أعمال الشغب.
قال
سولزبي؛ إن "أيديولوجيات أصولها تعود إلى شبه القارة الهندية"، أدت دورا في الأحداث، وعندما سئل عما إذا كان يتحدث عن هندوتفا، أجاب: "نعم".
أما
كلوديا ويب، التي كانت حينذاك ما تزال عضو البرلمان عن مدينة ليستر، فقالت؛ إن
"لدينا عناصر هامشية تقاد وتلهم من قبل أيديولوجيا متطرفة ويمينية، أخذت تطل برأسها
داخل
بريطانيا وبالذات في مدينة ليستر المسالمة".
تجاوبا مع احتجاج متزايد في أوساط الجمهور، عينت حكومة سوناك في أيلول/ سبتمبر اللورد إيان
أوستن، الذي كان حينها مبعوثا تجاريا بريطانيا لدى "إسرائيل"، ليترأس
تحقيقا مستقلا فيما وقع من اضطرابات.
إلا
أن أوستن كان حينها شخصا مثيرا للجدل في أوساط قطاعات كبيرة من المجتمع المسلم، وخاصة
في منطقة ليستر، وذلك بسبب زعمه أن مجموعة أصدقاء الأقصى المناصرة لفلسطين كانت ممن
ينكرون المحرقة.
بعد
تعيير أوستن، ومنذ ذلك الحين، قرر ما يزيد عن مائة منظمة إسلامية مقرها ليستر وأفراد
مسلمون من سكان المدينة عدم التعاون مع التحقيق.
في شهر
أيار/ مايو من هذا العام، قالت اللجنة التي تقوم بالتحقيق؛ إنها تهدف إلى نشر ما خلصت
إليه في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وناشدت أعضاء المجتمع بالمثول أمامها للتقدم بأي
أدلة تتوفر لديهم حول أحداث العنف.
في وقت
لاحق، في شهر كانون الثاني/ يناير 2023، واجه سوناك انتقادات من العديد من المجموعات
إزاء رد حكومته على رد الفعل الهندي العقابي على سلسلة وثائقية أنتجتها "بي بي
سي".
كشفت
السلسلة، وهي بعنوان "الهند: مشكلة مودي"، عن أن تقريرا لوزارة الخارجية
البريطانية في عام 2002، كان قد حمّل مودي – الذي كان حينها الوزير الأول في ولاية غوجارات
–، المسؤولية المباشرة عن المقتلة التي أودت بحياة ما يزيد عن ألف مسلم هندي.
ردا على ذلك، حظرت حكومة مودي السلسلة الوثائقية، ثم بعد شهر من ذلك، في الرابع عشر من
شباط/ فبراير 2023، تمت مداهمة مكاتب "بي بي سي" في كل من دلهي ومومباي بحجة
التحقق من التهرب الضريبي، وهي المداهمة التي نددت بها مجموعات حقوق الإنسان، كما ندد
بها الصحفيون الهنود؛ باعتبارها محاولة للتخويف والانتقام من المؤسسة التي أنتجت السلسلة
الوثائقية.
وأمام
البرلمان، رفض سوناك التعاطي مع الأسئلة المتعلقة بالسلسلة الوثائقية، واكتفى بالقول؛ إنه لا "يتفق" مع "بي بي سي" فيما ذكرته عن مودي.
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قال آكار باتيل، رئيس فرع منظمة العفو الدولية في
الهند؛ إنه شعر بالخيبة إزاء قرار سوناك تجاهل سلسلة "بي بي سي" الوثائقية، وعدم التعامل مع المزاعم الخطيرة التي وردت فيها.
وقال
باتيل؛ "إن حزب بهارتيا جاناتا ينفذ أجندته الساعية لفرض هيمنة الأغلبية تحت غطاء
التعددية الدستورية. هذا زيف، وينبغي التصدي له، وخاصة من قبل من يتعرضون لهجومها.
ولذلك فإن من المخيب للآمال أن نرى سوناك يختار السماح بالتنمر على "بي بي سي"، لمجرد أنها تؤدي مهمتها الصحفية."
أفراد
عائلة سوناك المقربون
يرى البعض أن تردد سوناك في التصدي للتهديد الذي
تشكله القومية الهندوسية على المبادئ الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان، إنما ينبع
من كون عائلته صاحبة تجارب مع المجموعات القومية الهندوسية.
طبقا للبحث الذي أجراه الصحفي الحائز على التكريم شيام باتيا، كان جدّ سوناك لأبيه عضوا في منظمة "آر إس إس".
يزعم
بحث باتيا أن رامداس سوناك، المولود في البنجاب، كان عضوا في الفرع الكيني من منظمة
"آر إس إس"، يشارك في دوراتها التدريبية اليومية. يُذكر أن أول فروع منظمة
"آر إس إس" في الخارج، كانت توجد في كل من كينيا وميانمار.
وطبقا لما يقوله باتيا، فقد كان رامداس سوناك يدرب مسلحي الماو ماو في نيروبي، في أثناء الانتفاضة
ضد الإمبراطورية البريطانية في الخمسينيات من القرن الماضي.
فيما
بعد، غادر رامداس سوناك كينيا وانتقل إلى إنجلترا، حيث ساعد في تأسيس المعبد الهندوسي
التابع لمجتمع الفيديك في مدينة ساوثامبتون، على الرغم من أنه توفي قبل وقت قصير من
افتتاحه.
واليوم
يصلي والدا سوناك بشكل منتظم هناك. ورئيس الوزراء نفسه تردد على المعبد طوال حياته
ومازال يفعل ذلك.
في عام
2014، نظم المعبد أمسية احتفالية، تخللها الرقص والغناء، بمناسبة وصول مودي لأول مرة
إلى منصب رئيس الوزراء في الهند. كما أن المعبد ينتسب إلى المجلس الهندوسي في بريطانيا، الذي نظم بدوره احتفالات بمناسبة وضع مودي للحجر الأساس في معبد رام في أيوديا في
عام 2020.
تورط
المجلس الهندوسي البريطاني نفسه في مشكلة في عام 2022، عندما أجبر مديره أنيل بانوت
على الاستقالة، بعد أن تم الكشف عن أنه صدرت عنه سلسلة من التصريحات المعادية للمسلمين،
بما في ذلك وصمه للإسلام بأنه "شرير".
في هذه
الأثناء، كان بابو، المبشر الهندوسي الذي احتضنه سوناك في كامبريدج في آب/ أغسطس الماضي،
ضالعا منذ زمن طويل في الاستنفار القومي الهندوسي داخل بريطانيا.
شارك
المبشر في مهرجان هندوسي في ميلتون كينز، في مقاطعة بيركشاير، في عام 1989 نظمته مجموعة
كبرى تعتنق أيديولوجيا هندوتفا، وكانت الغاية من ذلك، ولو جزئيا، هي جمع التبرعات
لصالح مشروع معبد رام، قبل ثلاث سنين من انقضاض عصابة الأوباش على مسجد بابري وتدميره.
أحد
الاحتفالات التي أقيمت في أثناء المهرجان، كان خاصا بتقديس اللبنات التي خصصت لبناء معبد
رام.
وصف
إدوارد أندرسون، مؤلف كتاب "القومية الهندوسية والشتات الهندي" (الصادر في
عام 2023) الحدث؛ باعتباره "أحد أبرز وأهم اللحظات في تاريخ الحركة القومية الهندوسية
في الخارج".
أنسباء
سوناك، جزء من النخبة المناصرة لحزب براتيا جاناتا
يرى آخرون أن ثمة سببا آخر يفسر لماذا أخفق سوناك
في التصدي لمصيبة القومية الهندوسية.
يقال؛ إن والدي زوجة سوناك، نارايانا مورتي وسوذا مورتي كلاهما منخرطان بقوة ضمن دوائر المؤسسة
الموالية لمودي في الهند، ولا أدل على ذلك من أن نارايانا، الملياردير الهندي، وعائلة
مورتي ككل، يقومون بدور كبير في رسم معالم الخطاب الهندي الرسمي.
في عام
2013، قبل دخول حزب بهارتيا جاناتا الحكومة بعام، قال نارايانا مورتي؛ إن الاضطرابات
التي اندلعت في غوجارات في عام 2002 لا ينبغي أن تحول دون أن يصبح مودي رئيسا للوزراء.
حينها كان مودي، الذي شغل منصب الوزير الأول في غوجارات، متهما على نطاق واسع بتسهيل
أعمال العنف، ولذلك كان محظورا عليه حتى عام 2012 دخول بريطانيا.
وكان
مايا كودناني، وهو سياسي مقرب من مودي، قد أدين بارتكاب جريمة القتل وسجن على دوره
الريادي في الاضطرابات وأعمال الشغب.
ولطالما
طاردت تلك الأحداث مودي، وسط مزاعم بأن السلطات أجازت، بل وشجعت، سفك الدماء.
وكان
العنف قد اندلع بعد أن اندلعت النيران في قطاع يقل حجاجا من الهندوس، أودى بحياة
59 شخصا. اتهم المسلمون بأنهم كانوا من وراء الحريق، وقتل أكثر من ألف شخص فيما بعد
على أيدي عصابات من الأوباش الهندوس فيما تفجر من أعمال عنف. فيما بعد، خلص تحقيق حكومي
إلى أن الحريق كان مجرد حادث ولم يكن بفعل فاعل.
وفي
عام 2018، ساند مورتي مودي حين ترشح لدورة ثانية، ولكنه حينما وقف متحدثاً أمام الطلاب
قبيل الانتخابات العامة في 2019، بدا كما لو أنه يوجه انتقادات مبطنة لحكومة حزب بهارتيا
جاناتا، محذرا من أن التقدم الاقتصادي سوف يكون مستحيلا دون "حرية الاعتقاد"، ودون "الحرية من الخوف".
وفي
العام التالي، نشر خبر يفيد بأن وزارة الداخلية الهندية سحبت الترخيص الممنوح لمؤسسة
إنفوسيس التابعة لمورتي، وهي الذراع الخيري لشركة برامج الحاسوب.
أصرت
المؤسسة أنها هي التي طلبت سحب الترخيص، ولكن الكثيرين خمنوا بأن الحكومة هي التي استهدفت
شركة مورتي، بسبب ما صدر عنه من انتقاد لحكومة مودي.
منذ
ذلك الحين، تحول نارايانا مورتي إلى داعم قوي لمودي، يطلب من جميع الهنود الالتفاف من
حوله ومؤازرته.
وفي
عام 2022، في أثناء حديثه مع الطلاب في غوجارات، هاجم حزب المؤتمر الذي كان في السلطة
قبل حكومة مودي، مقارنا إياه بحكم حزب بهارتيا جاناتا.
قال
مورتي في خطابه: "كان معظم الناس من الأمم الأخرى ذات يوم يحقرون من شأن الهند.
أما اليوم، فثمة مستوى من الاحترام للبلد، الذي أصبح اليوم خامس أكبر اقتصاد في العالم".
بل وحضر
والد زوجة رئيس الوزراء حفل افتتاح معبد رام في أيوديا في شهر كانون الثاني/ يناير،
إلى جانب غيره من أصحاب المليارات وكبار التجار والصناعيين.
تقدم
إنفوسيس، شركة خدمات تكنولوجيا المعلومات التي أسسها نارايانا، التكنولوجيا لـ"إسرائيل"، التي تستخدمها في مراقبة ورصد الفلسطينيين. أحد مدراء الشركة هو أوري ليفاين، العميل
السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلي.
ذكر
موقع ديكلاسيفايد الإخباري في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، أن إنفوسيس "عينت عددا من متقاعدي جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في مناصب عليا".
حصلت
زوجة ريشي سوناك، أكشاتا مورتي، على إيرادات بالملايين من الشركة في عام 2023 بحسب
ما نشرته صحيفة "الغارديان".
كان
الزوجان كلاهما مديرين للذراع البريطاني من مؤسسة والدها الاستثمارية، كاتاماران فينتشرز.
وفي عام 2015، استقال سوناك من منصبه عندما أصبح عضواً في البرلمان، لكن زوجته ما تزال
مديرة. وفي أيلول/ سبتمبر من عام 2023 قرر المدراء تصفية الشركة.
ما بين
2016 و 2018، وبينما كانت أكشاتا مورتي مديرة، استثمرت كاتاماران فينتشرز في كوفاي
ميديا، التي كانت في تلك الفترة تمتلك المؤسستين الإعلاميتين المؤثرتين في الهند:
أوب إنديا وسواراجايا.
وكلا
المؤسستين تعدان مناصرتين لمودي ولحزبه.
أحد
مدراء أوب إنديا، واسمه آشوك كومار جوبتا، مقرب من كبار الشخصيات في حزب بهارتيا جاناتا.
وجد مركز الأبحاث الهولندي المسمى "حكاية لندن" أنه في عامي 2017 و 2018
صاغت أوب إنديا سردية سلبية، يصور فيها الهندوس على أنهم ضحايا المسلمين؛ باعتبارهم
قتلة وإرهابيين ومثيري مشاكل.
وذكر
مركز "حكاية لندن" أن "أهم ما في الأمر، أن أوب إنديا كانت في عام
2018 قد خضعت لتغيير في القيادة، حيث تولى منتسبون إلى منظمة "آر إس إس"
مناصب عليا في المنصات الإخبارية".
وجد
موقع "ميدل إيست آي" أن العديد من المقالات التي نشرتها أوب إنديا في الفترة
من 2016 إلى 2018، كانت بوضوح معادية للإسلام وتروج لنظرية مؤامرة "حب الجهاد"
التي تستهدف المسلمين.
شاع
استخدام هذا المصطلح في وسائل الإعلام الهندية، وبات يستخدم من قبل اليمين السياسي والديني
الهندوسي لوصف ظاهرة مزعومة، دون أي دليل، تفيد بأن المسلمين يغرون النساء الهندوسيات
للزواج بهن ثم لإجبارهن على اعتناق الإسلام.
خلال الفترة نفسها، امتلكت كوفاي ميديا مجلة سواراجايا، ذات التوجه اليميني والمتنفذة، والمعروفة
بمواقفها المناصرة لمودي.
كمؤشر
على السياسة التي تنتهجها سواراجايا، نددت مقالة نشرتها في عام 2017 بالإجراءات المقترحة
للتمييز الإيجابي، باعتبار أنها تملق للمسلمين.
في عام
2023، اتهم مقال نشرته مجلة صادرة عن دار نشر بلوتو، كلّا من أوب إنديا وسواراجايا بالترويج
"لخطاب شديد التحريض ضد المسلمين ومعاد للإسلام".
وفي
تصريح لموقع "ميدل إيس آي"، قال المجلس الإسلامي الهندي في بريطانيا:
"مع تعاظم نفوذ الجماعات التي تعتقد بالتفوق العرقي للهندوس داخل بريطانيا، فإن
الكشف عن ضلوع شركة مقرها بريطانيا وعن النفوذ السياسي الذي يتمتع به مدراؤها، يشكل
تهديدا للنسيج الاجتماعي في بريطانيا، ويؤسس لحضور هندوتفا وشبكتها العالمية الخطرة".
حماة سوناك – سودا مورتي
من خلال موقعها كرئيس لمؤسسة إنفوسيس، برزت سودا
مورتي كداعم قوي لمودي، حيث ساهمت بفصل في كتاب نشر في عام 2022 يحتفي بإنجازات مودي
في عالم السياسة. يشتمل الكتاب نفسه على فصل آخر ساهم به آميت شاه، وزير الشؤون الداخلية
والحليف المقرب من مودي.
احتفى
الفصل الذي كتبته سودا مورتي بما أسمته "رياح التغيير"، التي جاءت مع حكم
مودي. وكتبت تقول؛ إن مودي "جذوره عميقة مثل شجرة البانيان (التين الهندي)"،
فهو "شجرة كبيرة بشخصية كبيرة"، منها "النحل والبشر يستمتعون بالعسل
وشذى الأزهار".
في عام
2023، وهبتها الحكومة لقب بادما بوشان، وهو ثالث أعلى لقب مدني؛ تكريما لها على ما
تقوم به من عمل اجتماعي.
وفي
وقت مبكر من هذا العام، رشحت سودا مورتي، التي تبلغ من العمر ثلاثة وسبعين عاما، لتصبح
عضوا في مجلس الأعيان داخل البرلمان الهندي.
أعرب
مودي علانية عن سعادته بذلك قائلا؛ إن "مساهماتها في الحقول المنوعة، بما في ذلك
العمل الاجتماعي، والعمل الخيري، والتعليم، عظيمة وملهمة".
قال
إسماعيل باتيل، أحد سكان ليستر ورئيس منظمة أصدقاء الأقصى؛ إنه رغم أنه لا يضيره ما
يعتقده سوناك شخصيا، إلا أن من المهم أن تتجنب جميع الأحزاب السياسية المجموعات الهندوسية
القومية التي تروج "لذهنية تبرر العنف، وإقصاء ليس فقط المسلمين، بل وكل من يعدّونه
الآخر".
وقال:
"من المقلق أن يكون لريشي سوناك علاقة بحركة هندوتفا. يمكن للارتباطات بالمجموعات
القومية أن تقوض قدرة الإنسان على رؤية الأمور وإصدار الأحكام الصحيحة، حين يتعلق الأمر
بالحفاظ على انسجام بين الثقافات المتعددة".
وأضاف:
"لقد أشار البعض إلى خطاب هندوتفا المعادي للإسلام؛ باعتباره عاملا محفزا على
أعمال الشغب التي شهدتها ليستر في عام 2022".
البرامج
السياسية الهندوسية
في وقت مبكر من شهر حزيران/ يونيو، أصدرت منظمة هندوسية
بريطانية، بما في ذلك المنتدى الهندوسي البريطاني والمجلس الوطني للمعابد الهندوسية،
برنامجا سياسيا هندوسيا مشتركا، يشتمل على قائمة من السياسات التي يرغبون في أن
تنتهجها الأحزاب السياسية البريطانية قبيل انتخابات الرابع من تموز/ يوليو.
إحدى
المجموعات التي كانت من وراء البرنامج، تعرف اختصارا باسم "إتش إس إس بريطانيا"، التي تعد الفرع البريطاني لمنظمة "آر إس إس". وقد أرسلت "إتش إس
إس" عبر السنين ملايين الدولارات إلى منظمات تشكل واجهات لمنظمة "آر إس إس"
الهندية.
من بين
ما طالبت به الوثيقة المكونة من 32 صفحة، اعتبار الكراهية الموجهة ضد الهندوس واحدة
من جرائم الكراهية التي يعاقب عليها القانون.
كما
طالبت بحظر المنظمات التي "تهاجم السيادة والوحدة الترابية للهند"، بما في
ذلك جبهة تحرير جامو كشمير واتحاد الطلاب السيخ. كلا هاتين المنظمتين منظمات انفصالية
محظورة داخل الهند.
بعض
المنظمات التي تقف وراء البرنامج السياسي الهندوسي، الذي أقره حتى الآن العديد من
مرشحي البرلمان، أغلبهم إن لم يكن كلهم من المحافظين، لديها ارتباطات مع المؤسسة القومية
الهندوسية في الهند.
هناك
مجموعة دينية سبق لريشي سوناك أن أشاد بها، اسمها بعثة تشينمايا. سبق لهذه المجموعة
أن أعربت عن دعمها لمودي، كما التقى رئيسها على مستوى العالم برئيس الوزراء الهندي.
كما
أن الجمعية الدولية لوعي كريشنا على علاقات وثيقة بمنظمة "آر إس إس"، ومشهور
عن زعمائها التصريح بآراء معادية للمسلمين. في شهر آب/ أغسطس من عام 2022، زار سوناك
أحد المعابد التابعة لهذه الجمعية، ويسمى معبد باكتيفدانتا مانور في مقاطعة هارتفوردشاير،
قبل وقت قصير من تسلمه لمنصب رئيس الوزراء.
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قال ناطق باسم المعبد: "نحن نرفض بشكل قطعي أي
شكل من أشكال التمييز أو عدم التسامح، ونفخر بأننا نرحب بالزائرين من مختلف الانتماءات،
بما يعكس التزامنا القوي بفتح أبواب الحوار وبالاحترام المتبادل مع جميع مكونات المجتمع".
وقال
المتحدث؛ إن المعبد مكرس في سبيل "تبني التفاهم والتعاون بين أبناء الطوائف والأديان
المختلفة".
قال
الكاتب أندرسون؛ إن السنوات الأخيرة شهدت "جهودا مكثفة لتطبيع أيديولوجيا الهندوتفا"
داخل بريطانيا.
وقال
أندرسون في حديث مع موقع "ميدل إيست آي": "على الرغم من أن هذا الأمر
غير مقتصر على حزب بعينه، إلا أن المحافظين ربما كانوا الأكثر تقبلا وتعاطفا مع جهود
التقارب التي تبذلها مجموعات الهندوتفا".
وأضاف:
"ما فتئت تشكيلة من المجموعات الهندوسية والهندوسية القومية خلال السنوات الأخيرة، تحث الناس على التصويت لصالح المحافظين. بل إن أصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج
–في خطوة اعتبرها كثيرون مثيرة للجدل–، أعلنوا على الملأ عن نيتهم تشجيع الناخبين
في 48 دائرة هامشية على التصويت لصالح حزب المحافظين في انتخابات عام 2019".
وقال
آكار باتيل، رئيس فرع منظمة العفو الدولية في الهند، في تصريح لموقع "ميدل إيست
آي"؛ إن رئاسة الوزراء في بريطانيا لم تفعل شيئاً يذكر لوقف التنكيل الذي تتعرض
له الأقليات في الهند.
وقال
باتيل: "لم تزل الهند في عهد حزب بهارتيا جاناتا تستهدف الأقليات، بما في ذلك من
خلال أمور أشبه ما تكون بقوانين نوريمبيرغ".
وأضاف:
"يجدر بأصدقاء الهند في الحقيقة الضغط على حكومة حزب بهارتيا جاناتا من أجل التوقف
عن إلحاق الضرر بالمجتمع الهندي. وهذا ما لم يحصل إطلاقا في عهد سوناك".
مستقبل
المحافظين
رغم أنه يتوقع على نطاق واسع أن سوناك سوف يخرج من
السلطة بعد الانتخابات العامة يوم الرابع من تموز/ يوليو، إلا أنه من غير المحتمل أن
يقطع حزبه علاقاته بالمؤسسة القومية الهندوسية في الهند، على الرغم من معاملتها للمسلمين
وللأقليات الأخرى.
لقد
سمح المحافظون على مدى السنين للعديد من الشخصيات الكبيرة في حزبهم بالاحتفاظ بعلاقات
وثيقة مع حزب بهارتيا جاناتا. ومن الأمثلة الرائدة على ذلك بوب بلاكمان، مرشح حزب المحافظين
الحالي عن دائرة شرق هارو في مدينة لندن.
في عام
2017، تعرض بلاكمان، الذي يمثل شرق هارو منذ عام 2010، للانتقاد اللاذع لاستضافته تابان
غوش داخل مجلس العموم، رغم أنه كان سابقا قد طالب الأمم المتحدة بضبط معدل الولادة
بين المسلمين، وأشاد بالإبادة الجماعية لمسلمي الروهينغيا.
وفي
عام 2022، زعمت بعض التقارير أن بلاكمان تلقى 20 ألف جنيه إسترليني (ما يعادل 25 ألف
دولار أمريكي)، من مجموعات قومية هندوسية على ارتباط بحزب بهارتيا جاناتا وبمنظمة "آر
إس إس"، "بما في ذلك مجموعات ثبت أن لها ارتباطات مباشرة بأعمال العنف ضد
المسلمين".
ردا على ذلك، قال بلاكمان في تصريح لموقع "ميدل إيست آي"؛ إن هذه المزاعم
"لا صحة لها على الإطلاق".
ومع
ذلك، تعرض بلاكمان في كانون الثاني/ يناير لانتقاد بسبب حضوره مناسبة داخل البرلمان
للاحتفال بتدشين معبد رام، نظمتها مجموعة هندوسية بريطانية تسمى ساناتان سانسثا، يعرف
عنها دعمها للقومية الهندوسية.
كما
أن بلاكمان تربطه علاقة وطيدة منذ عدة سنوات بأصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج.
وفي شهر آذار/ مارس قبيل الانتخابات العامة في الهند، تحدث في مهرجان انتخابي مناصر
لمودي نظمته المجموعة نفسها، وكان يرتدي قبعة ووشاحا عليهما شعار حزب بهارتيا جاناتا
عندما أعرب عن دعمه للزعيم الهندي.
ثم عاد
بلاكما وكرر الفعل نفسه في آذار/ مارس من هذا العام.
متحدثا أمام الجمهور المناصر لمودي، وإن كان هذه المرة لا يرتدي لا القبعة ولا الوشاح المميز
لحزب بهارتيا جاناتا، قال بلاكمان؛ "إن الصداقة بين الهند وبريطانيا ازدادت متانة
وقوة منذ أن تسلمنا نحن الحكم، ووصل حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في الهند".
وفي
وقت مبكر من هذا الشهر، في السابع عشر من حزيران/ يونيو، شوهد كولديب شيخاوات، رئيس
جمعية أصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج، جالسا داخل مكتب حملة بلاكمان، وذلك في
مقطع فيديو بثته قناة الأخبار الهندية "سي إن إن نيوز 18".
لطالما
أثارت جمعية أصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج الزوبعة بعد الأخرى. وكانت في وقت
مبكر من هذا الشهر قد شنت هجوما شرسا ضد ما يزيد عن ثلاثة ملايين مسلم بريطاني، من
خلال الترويج لكذبة أن المجتمع المسلم يسعى لأسلمة بريطانيا.
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قال بلاكمان؛ إن شيخاوات عضو في حزب المحافظين، ويتلقى
راتبا على عمله فيه، وأنه يساعد في حملة الحزب الانتخابية.
إلا
أنه لم يقرع جمعية أصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج، على ما صدر عنها من تصريحات
معادية للإسلام والمسلمين.
في عام
2020، دعا مجلس مسلمي بريطانيا (إم سي بي)، وهو أكبر منظمة جامعة إسلامية في بريطانيا، ينتسب إليها ما يزيد عن 500 منظمة، حزب المحافظين إلى اتخاذ إجراء ضد بلاكمان، بعد سلسلة
من الحوادث التي ثبت من خلالها ارتباطه بالعداء للإسلام والمسلمين.
سأل
موقع "ميدل إيست آي" حزب المحافظين عما إذا كان قد اتخذ أي إجراء، ولكنه لم
يتلق ردا منه على السؤال حتى موعد النشر.
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قال مجلس مسلمي بريطانيا؛ إنه لم يتلق بعد ردا من
الحزب أو من بلاكمان بشأن هذه القضية.
وقال
المجلس؛ "إننا ندعو حزب المحافظين إلى طمأنة المجتمعات المسلمة إلى أنه جاد في
معالجة الإسلاموفوبيا، وخاصة في ضوء الانتخابات العامة".
ثم هناك
اللورد رامي رانجر، العضو البارز في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، الذي أثار مرارا وتكرارا عاصفة من الاستياء، بسبب تصريحاته حول الباكستانيين البريطانيين.
يذكر
أن رانجر، وهو شخصية نافذة ومؤثرة في المجتمع الهندي البريطاني، ساعد في تأسيس المنتدى
الهندوسي في بريطانيا، وكان من أبرز رعاة جمعية أصدقاء الهند داخل حزب المحافظين.
كان
رجل الأعمال المليونير قد وجه في عام 2022 انتقادا لاذعا للوثائقي الذي أنتجته "بي
بي سي" حول مودي، والذي حقق فيما مارسه من دور في أعمال الشغب التي وقعت في غوجارات
في عام 2002. حينذاك كتب إلى "بي بي سي" طالبا معرفة ما إذا كان "الموظفون
من أصول باكستانية، يقفون من وراء هذا الكلام الفارغ".
وبعد
ذلك، قال في تصريح لوسيلة إعلام هندية اسمها الهند اليوم: "نحن [معشر الهنود البريطانيين]، مجتمع كادح يعمل بجد، ولسنا في السجن بقدر ما هو حال المجتمع الباكستاني، نحن لا نتصيد
الفتيات الصغيرات، ولا نروج للمخدرات".
كما
زعم بلا أدنى دليل، أن ما يتراوح بين 30 إلى 40 من أعضاء البرلمان عن حزب العمال، يعتمدون
على الأصوات الباكستانية، وأن الأصوات الباكستانية هي الأفضل؛ لأنهم يعيشون في أحياء
منعزلة.
بينما
تمت إحالة سلوكه العنصري إلى الجهة المعنية بمراقبة السلوك في مجلس اللوردات، استمر
رانجر في الانتصار لحكومة مودي والدفاع عنها.
ويوم
12 أيار/ مايو، تحدث في مناسبة نظمتها جمعية أصدقاء حزب بهارتيا جاناتا في الخارج، وكان
يومها يرتدي وشاح الحزب.
سأل
موقع "ميدل إيست آي" رانجر لماذا ارتدى الوشاح، وسأل حزب المحافظين عما إذا
كان مقبولا من عضو في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، أن يرتدي وشاحا تمثل ألوانه
حزبا سياسيا هنديا. إلا أن أيا منهما لم يجب موقع "ميدل إيست آي" عن تساؤله.
وما
لا ينبغي تجاهله هو بريتي باتيل، وزيرة الداخلية السابقة التي يرشحها كثيرون لاستلام
موقع سوناك بعد الانتخابات العامة.
فقد
أشادت باتيل علانية بمنظمة "إتش إس إس"، الذراع الخارجي لمنظمة "آر
إس إس"، وهنأتها على مناسبة تم تنظيمها لهنود المهجر في بريطانيا. وعندما كانت
وزيرة للداخلية، حضرت في مناسبة إلى جانب داتاتريا هوزابيل، الذي كان حينها أمينا عاما لمنظمة "آر إس إس"، ومستشارا مقربا من قادة حزب بهارتيا جاناتا.
حينذاك، كتبت باتيل تقول؛ إنه "شرفنا بالسفر إلى بريطانيا ليحدثنا عن آر إس إس".
يذكر
أن هوزابيل، الذي يشغل الآن منصب أمين عام منظمة "آر إس إس"، اكتسب صيتا سيئا بسبب دوره في صياغة نظرية المؤامرة المناهضة للمسلمين والمعروفة باسم "جهاد
الحب".
تواصل
موقع "ميدل إيست آي" مع باتيل، ولكنه لم يتلق منها ردا.
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قالت مجموعة جنوب آسيا للتضامن، وهي منظمة ضد العنصرية
وضد الفاشية في بريطانيا؛ إن الروابط بين أعضاء حزب المحافظين والمؤسسة القومية الهندوسية
في الهند، تعود إلى ما قبل تسلم سوناك مهام رئاسة الوزراء، ثم استمرت طوال عهده.
وقالت
المجموعة؛ "إن من المقلق جدا أن تستمر هذه الارتباطات بين ريشي سوناك والجهات
الهندوسية المتطرفة المعادية للإسلام والمسلمين".
ومضت
تقول: "حقيقة أن رئيس الوزراء وحزب المحافظين لديهم هذه الارتباطات الوثيقة مع
هذه المنظمات التي لا تخفي عداءها للإسلام والمسلمين، والتي تستلهم قدوتها من هتلر
وموسوليني، تجعلهم بكل وضوح غير مؤهلين لحكم مجتمع متعدد الثقافات والأديان مثل بريطانيا".
في تصريح
لموقع "ميدل إيست آي"، قال المجلس الإسلامي الهندي؛ إن من الأهمية بمكان أن
تتلقى جميع الأحزاب السياسية في بريطانيا، بما في ذلك العمال والأحرار الديمقراطيون،
تدريبا حول حقيقة الهندوتفا، ودعا إلى مراجعة شاملة لما تمارسه الهندوتفا من نفوذ
داخل البرلمان.
وأضاف:
"لقد آن للناخبين في بريطانيا أن يتعرفوا على الخطر الذي تشكله الهندوتفا، وعلى
ما تحظى به من دعم من رئيس الوزراء سوناك ومن حزب المحافظين، أو من أي
حزب آخر يخضع للضغوط التي يمارسها الهندوس المتطرفون، الذين يعتقدون بالتفوق الهندوسي.
إن نزاهة الممارسة السياسة واستمرار الانسجام الاجتماعي في بريطانيا كلاهما على المحك".