المعضلة هي مشكلة محيرة، ليس لها حل وكل خياراتها
سيئة.
وضع
بايدن نفسه في معضلات لا يجد لنفسه منها مخرجا،
فهو مقبل على انتخابات رئاسية بعد أشهر، وأصوات العرب والمسلمين والشباب تكاد تكون
سبيله الوحيد للفوز، وهذه الشريحة أصبحت رافضة له بشكل كبير.
وهو رهين 60 عاما في خدمة المشروع الصهيوني، والتقديرات
أنه حصل على دعم بقيمة 5 ملايين دولار من "الإيباك"، وهي المنظمة
اليهودية الكبرى في أمريكا. ودعم اليهود غير مضمون خاصة بعد تصريحات نتنياهو أن
بايدن يمنع الأسلحة عن الكيان، ومن ناحية أخرى هو تبنى الأهداف العسكرية التي
أعلنها نتنياهو للحرب على
غزة ثم ثبت أنها غير قابلة للتحقيق، وتبنى الروايات
الإسرائيلية للأحداث منذ قصة قطع رؤوس الأطفال إلى المستشفى المعمداني إلى مستشفى
الشفاء، ثم ثبت كذب هذا كله.
وهو الآن يريد وقف الحرب ولو بشكل مؤقت وكان يعارض
ذلك بشدة من قبل، وهو لا يريد بقاء حماس فضلا عن انتصارها، ويبدو أن هذا أيضا بعيد
المنال..
أما
الاحتلال فمعضلاته أشد. الشهر التاسع من العدوان
يكاد ينقضي دون أن يحقق هدفا واحدا مما أعلن، بعد أن مارس كل الجرائم واستعمل أحط
وسائل القتل والدمار؛ جعلته منبوذا في العالم كله.
وضع الاحتلال أهدافا للحرب لا يمكن أن تتحقق، وإذا
جاز لها أن تتحقق فإنها تحتاج إلى سنوات، وهو الآن لا يستطيع الاستمرار ولكنه أيضا
لا يستطيع التوقف لأن التوقف بمثابة إعلان للهزيمة، مع ما يترتب على ذلك من
تداعيات.
سيناريو الفشل يتكرر كل يوم، يقتل الاحتلال المدنيين
والنساء والأطفال وفي المقابل يستنزف جيشه كل يوم، جنوده تنتظرهم كمائن الموت وبنادق
القنص وعبوات الشواظ وقذائف الياسين والهاون، والأخطر أن المهووسين الذين يقودونه
يشرعون القوانين التي تحمي أبناءهم من الالتحاق بالجيش وهم يبلغون 18 في المئة من
الشباب، وجيشهم ينقصه الأفراد ولا يريدون وقف الحرب.
ولأول مرة يجد الكيان نفسه يعاني في عدة جبهات؛ شماله
يحترق ومدنه خاوية وتصعيد
المقاومة في لبنان واحتمالات توسع الحرب لا يقوى عليها
جيشه المنهك والمفكك.
أربعة أشهر ونتنياهو يروج لهم أن رفح هي محطة النصر
المطلق ومرحلة الحرب الأخيرة، وبعد 45 يوما من الهجوم على رفح لم يحقق إنجازا
عسكريا. وتتعالى أصوات الخبراء لإنهاء هذه الحرب الإجرامية؛ ليس حبا في
الفلسطينيين وإنما خوفا على الكيان.
هذه المعضلات هي سبب تعمق الانشقاق وتبادل الاتهامات
بين الجيش والسياسيين؛ كل يريد أن يحمل الآخر المسؤولية.
أما المقاومة فإن خياراتها واضحة ولا مجال للتراجع، وشروطها
أمام الجميع ولا مكان للتنازل.
هي إذن معضلات كثيرة وليس لها حل إلا أن ينزلوا على
شروط المقاومة، وهو ما يخشاه نتنياهو وفريقه المهووس.