لا تُخفي المحافل العسكرية والأمنية
الإسرائيلية قلقها من تعويل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين
نتنياهو، على انتخاب رئيس أمريكي جديد في البيت الأبيض مما قد يطيل أمد الحرب على
غزة، وهو ما قد يجعل تل أبيب تدفع ثمنا باهظا للغاية، بل قد يأخذ بالدولة نحو المزيد من الانحدار.
وأكد الجنرال القائد الأسبق لفرقة غزة، والرئيس السابق لشعبة العمليات في جيش الاحتلال، يسرائيل زيف، أن "صورة الوضع الحربي في غزة باتت واضحة الآن، فحكومة الاحتلال لديها رغبة، ولو جزئية، بإعادة المختطفين، دون توفر ذات الرغبة لإنهاء الحرب، بزعم عدم إعطاء رسالة استسلام لحماس، والغريب أن الرغبة الإسرائيلية الثالثة باستبدال الحركة لحكم القطاع، لا تعني القبول بالسلطة الفلسطينية القائمة، مع توفر رغبة رابعة بأن الحلّ للتصعيد المتفاقم في الشمال لا يجب أن يكون عبر حرب واسعة النطاق، لأن القناعة السائدة تقول إن مفتاح التسوية في الشمال هو إنهاء الحرب في الجنوب".
وأضاف في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "الوضع الإسرائيلي العام يزداد سوءا، فالحمل زاد أضعافا مضاعفة على الدولة، وأصبح من المستحيل توفير إمدادات إضافية من جيش الاحتياط، وسط تضرر الاقتصاد في السوق العالمية، والوضع السياسي الخطير، إضافة إلى عزلة الدولة العالمية، واستمرار أزمة الثقة، مع انخفاض الروح المعنوية الداخلية".
وأوضح زيف أن "إسرائيل" تواجه صعوبة في التعامل مع مشكلة تهجير المستوطنين من منازلهم منذ تسعة أشهر، وقد يؤدي تضافر كل هذه الظروف لنقطة الانهيار الشامل التي لا يمكن السيطرة عليها.
وأشار إلى أن "الأمريكيين يدخلون مرحلة متقدمة من الانتخابات، وباتوا يتعبون من التعامل معنا، خاصة عندما لا تكون هناك نتائج واضحة لطموح نتنياهو بالبقاء ثمانية أشهر أخرى في الحرب، ودون أي قرار بنهايتها، وبانتظار وصول رئيس جديد للبيت الأبيض، مما يعني مزيدا من خطورة تدهور الوضع حتى ذلك الحين، مع ترجيح أن تؤدي هذه الخطة الوهمية لانهيار استراتيجي في وضع الدولة الحالي، التي لا تملك القدرة على الصمود لثمانية أشهر أخرى، خاصة في ظل الوضع السيئ الذي لا يتنفس فيه الجيش، مع التدهور الاقتصادي، والانهيار السياسي الذي تعيشه".
واعترف أن "هذا سلوك سياسي غير مسؤول تماما، ليس هذا فحسب، بل إن خطاب نتنياهو في الكونغرس سيلحق ضررا لا يمكن إصلاحه بالدولة: سياسيا وعسكريا واقتصاديا، إنه هجوم على بايدن، وطالما أن التوصل إلى اتفاق ثنائي بين الاحتلال وحماس يكاد يكون مستحيلا الآن، لأن الروايتين متعارضتان تماما، لذلك، لا يوجد سوى احتمال وجود فائز واحد وخاسرين، وفي صفقة من هذا النوع، لا توجد فرصة لاستسلام حماس، ولأن الضغط العسكري عليها سينتهي بعد رفح، فليس لديها سبب لفقدان المختطفين".
وأشار إلى أنه "لكي تخرج دولة الاحتلال من الاتجاه السلبي الذي تجد نفسها فيه، فهي تحتاج لخلق ظروف استراتيجية أخرى من شأنها أن تأتي بنتائج تستطيع التعايش معها، وهي مطالبة بإنتاج أداة ضغط كبيرة على حماس، لا تظهر استسلام الدولة، بل مبادرة تشمل إعادة النازحين إلى الجنوب والشمال، وهذا لن يحدث إلا على شكل صفقة أمريكية كبيرة تسمح فعليا بإنهاء الحرب، دون إملاء الاستسلام على حماس، بل تمثل الأساس للتطبيع مع السعودية، وإقامة تحالف مناهض لإيران، بديلا عن الشلل الذي يواكب نتائج الحرب حتى الآن، الذي يجعل الدولة غير قادرة على اتخاذ قرارات واقعية بشأنها الآن، وتضع مزيدا من الشكوك الكبيرة حولها".
ذات الجنرال زيف، أكد في وقت سابق، أن "الحرب على غزة تدخل الآن مرحلتها الأكثر خطورة، فالدولة تنزلق ببطء من فضاء القرار والإنجازات، إلى فقدان المبادرة وحرب الاستنزاف، ما يستدعي إصدار تحذيرات حمراء، في ضوء غياب الهدف الواضح للحرب، وما الذي نبحث عنه بالضبط فيها، وما إذا كانت الحكومة الحالية تسيطر على القطاع، وحقيقة تبدّد الردع، وفقدان السيطرة على الوضع، وتصاعد القصف في الشمال، بحيث أن الدولة لم تتعرض قط لمثل هذا القصف العنيف الذي يدمّر حياة نصفها الموجود داخلها بالفعل، ولعلها لن تكون بعيدة بأكملها عن القصف وهي تواصل البحث عن "النصر" في رفح".
وأضاف في مقال نشرته "
القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن "نتنياهو منفصل تماما عن خطورة الوضع، مع أن المخرج الوحيد هو الصفقة الأمريكية بعد أن أصبحت الحرب لأبعاد حزبية وسياسية فقط، وباتت الحكومة غير ملتزمة تماما بأهداف الحرب التي دخلت غزة من أجلها، لأن عودة المختطفين لم تكن في الاعتبار منذ فترة طويلة، والوضع في الشمال لا يهم الحكومة، التي تتجاهل اشتداد الخطر الوجودي القادم من هناك، فيما يدرك حزب الله الفرصة بوضوح، ويكتسب الثقة، ويزيد نطاق إطلاق النار ليشمل كامل شمال الدولة، ويوسّع تدريجياً نطاقات إطلاق الصواريخ، وأهدافها، والطائرات بدون طيار التي تطال 40% من أراضي الدولة".
ويأتي ذلك بينما يقود نتنياهو "إسرائيل" إلى حرب استنزاف طويلة الأمد من شأنها أن تلحق أضرارا جسيمة باقتصادها، وتبعد قدرتها على التعافي، وتلحق الضرر بحصانته هو نفسه، بينما باتت حكومته ضعيفة للغاية، وغير قادرة على التوصل إلى حلّ في غزة وحدود لبنان، بما يتيح لها حرية العمل الكاملة، والقدرة على إعادة تنظيم الاستراتيجية متعددة المجالات على المدى الطويل، ولذلك تواجه الدولة أكبر مشكلة في قيادتها وزعيمها، الذي ليس لديه أي اتجاه، ولا خطة لحل الوضع المتزايد التعقيد، ويعتمد على رهانات سخيفة وخطيرة، وسيأتي خطابه في الكونغرس بمثابة سكين في ظهر بايدن، وهكذا يتحول ثمن الحرب إلى كارثة بالنسبة للإسرائيليين.